بعد حرب أكتوبر التي أنهت حالة اللا حرب واللا سلم بين مصر وإسرائيل بعام أو عامين، وفي مقابلة له مع شبكة ABC الأمريكية أجاب الرئيس الراحل محمد أنور السادات وفي يده غليونه الشهير على أسئلة محاوريه قائلاً «إن جميع أوراق اللعبة في يد الأمريكان».
وبعد أن أشعله -أي الغليون- مرة أخرى استرسل موضحاً أن إسرائيل تعتمد في كل شيء على الأمريكان لذلك فإن الدور الأمريكي ضروري جداً في أي عملية سلام قادمة. وبالفعل تحقق لصاحب الغليون ما أراد وتبنت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس كارتر مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل حتى وقعت اتفاقية كامب ديفيد التي أعادت لمصر أراضيها المسلوبة وأعطت إسرائيل ضمان السلام الذي كانت تطمح إليه.
بعد أربعين سنة لم يتغير الحال كثيراً منذ أيام السادات في هذا الجانب فمازال الأمريكان هم من يملكون «أوراق اللعبة» وبدونهم ستبقى مبدئياً حالة اللا حرب واللا سلم بين بقية العرب وإسرائيل. وبقاء الحال على ما هو عليه يعد مقبولاً نوعاً ما إذا افترضنا أن المنطقة الآن هي كما كانت عليه منذ 1979.
لكن في ظل مخاطر المد التوسعي الذي يقوده نظام إيران والمتغلغل في الأراضي العربية والتهديد المستمر للأمن الخليجي تحديداً من قبل هذا المد يصبح هناك واقع جديد لا يجب إغفاله أو تجاهله وقد يفرض تعاملاً جديداً مع القضايا العالقة.
وأطرح سؤالاً افتراضياً هنا: لو كان صاحب الغليون موجوداً بيننا هذه الأيام، ماذا يا ترى سيكون رده حول الحالة العربية الراهنة؟ أخمن أن الإجابة ستكون على شاكلة هذا السيناريو:
* المحاور: سيادة الرئيس كيف يمكن للعرب مواجهة أطماع النظام الإيراني؟
- السادات: الواقع الحالي يفرض على العرب أن يجدوا أولاً حلاً للقضية الفلسطينية وانتزاع فتيلها كي لا يستغلها النظام الإيراني في تحقيق أطماعه التوسعية وكي لا تستخدمها التيارات الداخلية المتطرفة كأداة للمزايدة. على العرب أن يفكروا جدياً في فتح خط مفاوضات مع الإسرائيليين برعاية من الأمريكان كي يصلوا إلى حل الدولتين في أسرع وقت وبذلك تهدأ المنطقة وتغلق أبواب المزايدات في هذه القضية.
* المحاور: وهل يمكن ذلك في ظل سخط شعبي جارف ضد إسرائيل ورفض صارم لأي محاولة للتقارب؟
- السادات: المصلحة العليا للدول العربية تقتضي إخماد نار الجبهة الفلسطينية الملتهبة منذ عقود. والحلول المتاحة جميعها سلمية فلا مجال إطلاقاً لحروب عربية إسرائيلية أخرى في المنطقة، ومن يظن غير ذلك فهو مخطئ.
كما أنه من المعروف أن التمدد الإيراني لا يشكل خطراً وجودياً على العرب فقط بل على إسرائيل أيضاً.
والمعلوم أن إسرائيل متعطشة للسلام ومن مصلحتها أن تنفتح على محيطها فعزلتها تؤذيها وتمنع عنها فرصاً اقتصادية كثيرة.
لذلك يبدو أن المرحلة الحالية ظروفها أفضل من المرحلة التي كنت أنا فيها ويبدو أن الوصول إلى تفاهم يضمن حق الفلسطينيين مقابل السلام أمر بات أسهل نسبياً. لكن أحذر من تكرار ما قمت به دون أن أضمن تأييد ومباركة من هم في الداخل.
السادات كان يردد في مقابلته مع شبكة ABC أنه واقعي ولا يميل إلى الأحلام، ويبدو أن واقعيته بعد كل هذه السنوات أثبتت صحتها، حيث حصل على ما يريد، وأعطى الآخرين ما يريدون. لكن المعروف أيضاً أن السادات فقد حياته جراء ما أقدم عليه لأنه تحدى الداخل والخارج وحلفاءه وأصدقاءه من أجل أن ينفذ رؤيته.
في العصر الحالي، علينا أن نستوعب حكمة السادات ورؤيته الواقعية للأمور، وعلينا في نفس الوقت أن نتعلم من أخطائه، وأهمها ألا نتجاهل رأي الشعوب. فالطريق الصعب الذي خاضه السادات إن كان مطروحاً في وقت من الأوقات يجب أن تصاحبه مجهودات مهولة لإقناع الناس بأنه ليس طريق تنازلات وضعف وتخلٍّ عن حقوق بل طريق قد يضمن الحقوق بأقل الخسائر.
في الختام، ذكر السادات أن 70% من مشكلة العرب وإسرائيل تتلخص في الحاجز النفسي.
في التاريخ دروس.
وبعد أن أشعله -أي الغليون- مرة أخرى استرسل موضحاً أن إسرائيل تعتمد في كل شيء على الأمريكان لذلك فإن الدور الأمريكي ضروري جداً في أي عملية سلام قادمة. وبالفعل تحقق لصاحب الغليون ما أراد وتبنت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس كارتر مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل حتى وقعت اتفاقية كامب ديفيد التي أعادت لمصر أراضيها المسلوبة وأعطت إسرائيل ضمان السلام الذي كانت تطمح إليه.
بعد أربعين سنة لم يتغير الحال كثيراً منذ أيام السادات في هذا الجانب فمازال الأمريكان هم من يملكون «أوراق اللعبة» وبدونهم ستبقى مبدئياً حالة اللا حرب واللا سلم بين بقية العرب وإسرائيل. وبقاء الحال على ما هو عليه يعد مقبولاً نوعاً ما إذا افترضنا أن المنطقة الآن هي كما كانت عليه منذ 1979.
لكن في ظل مخاطر المد التوسعي الذي يقوده نظام إيران والمتغلغل في الأراضي العربية والتهديد المستمر للأمن الخليجي تحديداً من قبل هذا المد يصبح هناك واقع جديد لا يجب إغفاله أو تجاهله وقد يفرض تعاملاً جديداً مع القضايا العالقة.
وأطرح سؤالاً افتراضياً هنا: لو كان صاحب الغليون موجوداً بيننا هذه الأيام، ماذا يا ترى سيكون رده حول الحالة العربية الراهنة؟ أخمن أن الإجابة ستكون على شاكلة هذا السيناريو:
* المحاور: سيادة الرئيس كيف يمكن للعرب مواجهة أطماع النظام الإيراني؟
- السادات: الواقع الحالي يفرض على العرب أن يجدوا أولاً حلاً للقضية الفلسطينية وانتزاع فتيلها كي لا يستغلها النظام الإيراني في تحقيق أطماعه التوسعية وكي لا تستخدمها التيارات الداخلية المتطرفة كأداة للمزايدة. على العرب أن يفكروا جدياً في فتح خط مفاوضات مع الإسرائيليين برعاية من الأمريكان كي يصلوا إلى حل الدولتين في أسرع وقت وبذلك تهدأ المنطقة وتغلق أبواب المزايدات في هذه القضية.
* المحاور: وهل يمكن ذلك في ظل سخط شعبي جارف ضد إسرائيل ورفض صارم لأي محاولة للتقارب؟
- السادات: المصلحة العليا للدول العربية تقتضي إخماد نار الجبهة الفلسطينية الملتهبة منذ عقود. والحلول المتاحة جميعها سلمية فلا مجال إطلاقاً لحروب عربية إسرائيلية أخرى في المنطقة، ومن يظن غير ذلك فهو مخطئ.
كما أنه من المعروف أن التمدد الإيراني لا يشكل خطراً وجودياً على العرب فقط بل على إسرائيل أيضاً.
والمعلوم أن إسرائيل متعطشة للسلام ومن مصلحتها أن تنفتح على محيطها فعزلتها تؤذيها وتمنع عنها فرصاً اقتصادية كثيرة.
لذلك يبدو أن المرحلة الحالية ظروفها أفضل من المرحلة التي كنت أنا فيها ويبدو أن الوصول إلى تفاهم يضمن حق الفلسطينيين مقابل السلام أمر بات أسهل نسبياً. لكن أحذر من تكرار ما قمت به دون أن أضمن تأييد ومباركة من هم في الداخل.
السادات كان يردد في مقابلته مع شبكة ABC أنه واقعي ولا يميل إلى الأحلام، ويبدو أن واقعيته بعد كل هذه السنوات أثبتت صحتها، حيث حصل على ما يريد، وأعطى الآخرين ما يريدون. لكن المعروف أيضاً أن السادات فقد حياته جراء ما أقدم عليه لأنه تحدى الداخل والخارج وحلفاءه وأصدقاءه من أجل أن ينفذ رؤيته.
في العصر الحالي، علينا أن نستوعب حكمة السادات ورؤيته الواقعية للأمور، وعلينا في نفس الوقت أن نتعلم من أخطائه، وأهمها ألا نتجاهل رأي الشعوب. فالطريق الصعب الذي خاضه السادات إن كان مطروحاً في وقت من الأوقات يجب أن تصاحبه مجهودات مهولة لإقناع الناس بأنه ليس طريق تنازلات وضعف وتخلٍّ عن حقوق بل طريق قد يضمن الحقوق بأقل الخسائر.
في الختام، ذكر السادات أن 70% من مشكلة العرب وإسرائيل تتلخص في الحاجز النفسي.
في التاريخ دروس.