تشهد المنطقة إرهاصات مختلفة وعنيفة وخطيرة لم تشهدها من قبل أبداً، وكلها تشي بوجود حالة من الفوضى ما لم تتمسك الشعوب والحكومات بهويتها وقوتها وحبها لأوطانها، إذ إن هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة مرشحة لأن تكون من أخطر المراحل التي يمكن أن تواجه الإقليم إذا لم يتم التعامل معها وفق المنطق.

اليوم هناك من يتصيد في الماء العكر، والبعض منهم بدأ فعلياً باستغلال هذه المرحلة التي تحتوي على «منطقة فراغ» واضحة لبث سمومه وأفكاره فيطرح برنامجه مقابل استقرار المنطقة، وآخرون يحاولون تشتيت الرأي العام وإبعادهم عن قضاياهم المصيرية والالتفات نحو قضايا هامشية غير مجدية. نعم، هذا يحدث وأكثر كي ينسى العرب قضيتهم المحورية إلا وهي قضية فلسطين والانشغال بهموم تافهة تقسِّم ولا توحد، كل ذلك في سبيل تمرير «صفقة القرن».

نعم، صفقة القرن هي الصفقة العالمية القادمة وفي سبيل أن تتحقق يمكن للقوى الاستعمارية وتوابعها أن تلهي المجتمعات بقضايا هامشية ليتمرر هذا المشروع الخطير، ولكي يكون تمرير مشروع الصفقة ناجحاً هو إحداث حالة من الإنقسام في الداخل الفلسطيني.

هذا المشهد هو تماماً ما عبر عنه القيادي في الجبهة الشعبية جميل مزهر لصحيفة «الوطن» حين أكد بأن «أول خطوات مواجهة «صفقة القرن» هي إنهاء حقبة الانقسام الفلسطيني الداخلي، وتشكيل صف منيع لمواجهة قرارات الإدارة الأمريكية في حق القضية الوطنية. فإسرائيل وأمريكا تحاولان فعلياً استغلال الانقسام الداخلي بين الضفة الغربية وقطاع غزّة، لفصل المنطقتين جغرافياً، وتمزيق القضية الفلسطينية، من أجل مصالح إسرائيل في المنطقة».

لقد لخَّص «مزهر» أسباب كل هذه الفوضى في منطقتنا ونتائجها وانعكاساتها بأنها من أجل بيع فلسطين والقضية الفلسطينية عبر ما يسمى بصفقة القرن، وأول حراك لهذه الفوضى هو تقسيم الداخل الفسطيني ومن ثم إشغالنا بأصوات نكرة يمكن لها أن تبيع فلسطين على حساب أمننا واستقرارنا كما هو حال تصريحات الصدر المعتوه في العراق.

إننا ضد أي انقسام يحدث في فلسطين سواء بين الفصائل الفلسطينية التي يجمعها «الهمّ الواحد» أو بين الفلسطينيين أنفسهم الذين يجمعهم «الدم الواحد»، ولهذا يجب على الفلسطينيين أن ينتبهوا جيداً لكل المؤامرات التي تحاك ضدهم في الخفاء وفي الغرف المظلمة وفي أروقة مطابخ القرارات الدولية، فإن نجحت الصفقة فإن فلسطين لن يكون لها أي وجود يُذكر.