تعتبر المجالس الرمضانية في مملكة البحرين جزءاً مهماً من تراث هذا الوطن ومن تقاليد شعبه ومجتمعه وأفراده. فمجالسنا الرمضانية لم تعد للزيارات «والسوالف» والحديث الفارغ، بل هي معلم من معالم هذا الوطن وفضيلة من فضائل هذا الشعب النبيل، وهي مدارس حقيقية لتعلم القيم والفضائل والأخلاق والأدب والفكر والاحترام «والسنع». فالكثير منَّا تخرجوا من عمق هذه «المجالس المدارس» قبل المدارس النظامية. فمنها تعلمنا كل ما هو راقٍ وجميل، وكل ما له علاقة بتعزيز قيم العلاقات الاجتماعية المنتجة والهادفة والمنفتحة على الآخر.

لقد أصبحت مجالسنا الرمضانية عبارة عن منابر للتوعية والفكر والتعلم والتهذيب ومخالطة أصحاب التجارب الحياتية وأصحاب الخبرات من كل الطبقات دون استثناء. ففي مجالسنا نجد الصغير والكبير والوزير والمسؤول والمدير والتاجر والرياضي والمهندس والطالب والفقير والغني والمتعلم والمعلم والإعلامي والطبيب والمثقف وصاحب الحرف. نجد كل هذه الشرائح تحت سقف واحد، وكل منهم يدلو بدلوه في القضايا التي يملك فيها من الخبرة الكثير، ولهذا فهي مجالس تعلمنا معنى التواضع واحترام كل المهن وكل الطبقات، كما تعلمنا كيف يمكن الاستفادة القصوى منها لنكون طلبة مميزين في صفوفها الرمضانية.

«مجالسنا مدارسنا» نعم، لقد قالها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء لأبناء المجتمع البحريني، ولهذا فهو أول من بادر بفتح مجلسه العامر وهو أول من قام بعمل زيارات للمجالس في رمضان، فكانت زياراته للمجالس محط تقدير واحترام وتأثير. كذلك قام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بمثل هذه الزيارات المهمة جداً للمجالس الرمضانية بشكل شبه يومي مما خلق فرصة سانحة للاستماع لصوت الشعب بطريقة حضارية ومثمرة وإيجابية وفاعلة.

إن مجالس البحرين الرمضانية خلقت من التقارب الكثير بين أبناء الشعب الواحد، وصار الناس أقرب للناس من أي وقت مضى، دون النظر إلى الهويات والطبقات المجتمعية ولا حتى إلى الدين، فكل من يحضر مجالسنا الرمضانية محل احترام وتقدير.

كما يمكن أن نشكر معالي الوزراء على استجابتهم وتفاعلهم مع الناس عبر حضورهم الكريم للمجالس الرمضانية والاستماع لحاجات المواطنين ومقترحاتهم وهمومهم وشكاواهم عن قرب، كل ذلك من أجل النظر فيها ومعالجتها بطريقة مباشرة.

إذاً، هذه هي مجالسنا البحرينية في شهر رمضان الكريم كما هي منذ مئات السنين لم تتغير، إذ إنها ميراث الأجداد للأبناء، وهي عنوان هذا الشعب وتاريخه، فهي لم تعد مجرد مجالس موسمية طارئة، وإنما هي مدارس رائدة وممتدة من عمق وتاريخ هذا الوطن لا يمكن قبول انقطاعها أو حتى توقفها.