لا نعرف ولا يعرفون أيضاً ماذا يريد بعض النواب؟ فخلال الفترة الأخيرة ولأجل الاستهلاك الإعلامي وتسجيل موقف من ورق أمام الشعب، طرح بعض النواب كما ذكرنا مقترحات غريبة تتنافى مع الواقع الحاصل، بل أنها غير منسجمة وأوضاع البلد الاقتصادية. بل أنهم يعلمون كذلك لكنهم يصرون على هذا النهج المفضوح.

بين الفينة والفينة يطرح هؤلاء النواب مقترحات مغرية داخل المجلس لأجل إغواء وإغراء الجمهور، لكنها مقترحات لا يمكن أن تتحقق في هذه المرحلة على الأقل. هذه المقترحات عبارة عن دغدغة جيوب المواطنين، ومطالبتهم الحكومة بإعطائهم مزيداً من المزايا المالية، كتخفيض رسوم الكهرباء والماء، وصرف عيدية للمواطنين وزيادة الرواتب أو إعطاء راتب إضافي «كبونس» وغيرها من الصرعات النيابية التي يعلم النواب قبل غيرهم أنها صعبة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الخانقة التي تمر بها الدولة.

آخر تلكم الصيحات، هو «ما أوصت به لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب بالموافقة على مقترح برغبة يقضي بتعويض المواطنين من ذوي الدخل المحدود عن «القيمة المضافة». وجاء في المذكرة الإيضاحية للمقترح الذي تقدّم به أحد النواب أنّه يهدف إلى الحد من تأثر المواطنين ذوي الدخل المحدود بتطبيق القيمة المضافة، والمحافظة على العدالة الاجتماعية والحدّ من ارتفاع أسعار المواد المعيشية والخدماتية، التي أثقلت كاهل ذوي الدخل المحدود بالأعباء المادية».

مقترح جميل ويلامس هموم الناس لكن النواب يدركون جيداً بأنه اليوم لا ينسجم مع الظروف المالية للدولة كما أنه غير دستوري ولا ينسجم مع القوانين الخاصة بالضريبة، وكأنهم فقط يريدون أن يحشروها في زاوية يعلمون جيداً بأنها غير لائقة عبر طرح مقترح لا يمكن أن يكون لائقاً أيضاً في المرحلة الراهنة، لكنه الاستهلاك البرلماني المكشوف، والذي يعبر عن إفلاس بعض النواب عبر طرحهم مقترحات لا يمكن أن تكون ذات جدوى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الراهنة.

كلنا يعلم أن ما يمكن أن يدغدع مشاعر الناس في هذا الوقت تحديداً هو اللعب على وتر «تحسين الأوضاع المعيشية» وإيهام المواطنين أنهم-أي النواب- أقرب إليهم من حبل الوريد. ولهذا ربما في «العَشَرَة» من الجمهور يمكن أن نجد بعض البسطاء يصدقون هذه المغالطات النيابية حين يكون الحديث عن ملء جيوبهم بالمال ووعدهم بالثراء الجاهز عبر مقترح أقل ما يمكن أن نطلق عليه بأنه «غير منطقي».

نعم، يمكن للنواب أن يقوموا بصياغة تشريعات تحمي مداخيل الناس، أو بسنِّ تشريعات وقوانين يمكن لها أن تطور من النهوض الاقتصادي للدولة وترسم علاجات لمشاكلها وأزماتها المالية، بدل أن يقوموا بطرح مقترحات هي أقرب للمزايدات وهم يعلمون علم اليقين أن الدولة لا تملك في وقتنا الحالي كل هذه الموازنات المالية الثقيلة لتصرفها على عيدية وغيرها من «الخرابيط». فليصْدق النواب الناس وعودهم وأن يكونوا أكثر موضوعية في تبني «المقترحات» بدل أن «يلعلعوا» داخل المجلس وأمام عدسات الصحافة والإعلام بشعارات لا يمكن أن تتحقق في هذه المرحلة الصعبة.