قبل عدة أسابيع عقدنا مؤتمراً صحفيا شرحنا فيه خطتنا لدمج أعضاء عائلة كانو في وظائف في المجموعة لكي يأخذوا دورهم في بناء المجموعة، وإفساح المجال أمامهم لتولي مختلف المناصب القيادية التي تؤهلهم لوصول أعلى المراتب في إدارة المجموعة.
ولمن هو مطلع على قضايا الشركات العائلية، يدرك أن هذه القضية، أي توظيف أبناء العائلة في الشركة العائلية، هي من القضايا الشائكة والحساسة للغاية التي تواجه كافة هذه الشركات، وراحت تبحث عن الحلول الناجحة للتعامل معها. لذلك، وبعد نشر ما ورد في المؤتمر الصحافي في وسائل الإعلام، وردتني العديد من الاستفسارات التي تتضمن طلب توضيحات حول خطتنا لدمج أعضاء عائلة كانو في وظائف في المجموعة. وإيماناً منا بأهمية هذا الموضوع ورغبتنا بتمكين الشركات العائلية الناشئة من الاستفادة من هذه التجربة وإجراء الحوارات المفيدة حولها، ارتأينا العودة للحديث عن هذا الموضوع من جوانب مختلفة.
وابتداء يجب أن نقول إن موضوع توظيف أبناء العائلة في مجموعة كانو يعتبر حقاً لهؤلاء الأبناء نص عليه دستور العائلة. ولكن ليس حقاً متوارثاً، أي لا يتم بصورة تلقائية بل يرتبط بتوفر الرغبة والكفاءة لديهم. وساوى دستور العائلة بين الإناث والذكور في هذا الحق. كما أن توظيفهم يخضع للتسلسل الهرمي في التوظيف أي لا يوضعون مباشرة في مناصب عليا، بل عليهم التدرج في الوظائف بصورة طبيعية ويستند إلى مصلحة المجموعة في المقام الأول. كما أنهم يخضعون لنفس شروط التوظيف الخاصة بتوظيف غير أبناء العائلة.. بل الأكثر من ذلك، تشترط المجموعة ألا يكون لدى ابن العائلة أي مصالح في شركات أخرى تتعارض مع وظيفته في المجموعة.
انطلاقاً من هذه المبادئ، نحن ننظر إلى خطة دمج أبناء العائلة في وظائف في المجموعة سوف تحقق إيجابيات عديدة. فعلى رأس إيجابيات توظيف أبناء العائلة في الشركة العائلية هو إعداد الجيل التالي لتولي مناصب قيادية في المجموعة وتحت إشراف الجيل الذي قبله لكي يوجهه وينقل إليه خبرته وتجاربه ويوجهه الوجهة الصحيحة. لقد أثبتت الكثير من التجارب أن نقل المناصب القيادية في الشركة العائلية إلى الجيل التالي تحت إشراف الجيل الحالي، بدلاً من الانتظار لحين تنحي أو وفاة أعضائه، سوف يجنب الشركة العائلية الكثير من المشاكل المتأتية من التسلم المفاجئ للجيل الحالي لزمام قيادة الشركة، مثل عدم وجود الخبرة، وعدم معرفة السوق، وغياب العلاقات مع أصحاب المصلحة الآخرين، بخلاف النزاعات التي قد تنشأ نتيجة التسابق على تولي المناصب القيادية. بل الأكثر من ذلك، فإن دمجهم في الشركة العائلية سوف يثير الارتياح لديهم ولدى آبائهم ويقلل من الاحتكاك أو الشكاوى من ثم يعزز روح التضامن العائلي. وهذا يؤدي إلى خلق مناخ مريح في العمل، ويؤدي أيضاً إلى ارتفاع مستوى الأداء في المجموعة. كذلك يؤدي إلى زيادة ثقة الوسط التجاري في المشروع العائلي وخاصة إذا كانت العائلة التي تمتلك المشروع تتمتع بسمعة طيبة.
كما أن قضاء أفراد العائلة أكثر وقت ممكن في مكان العمل له ميزة اجتماعية حيث تزيد من قوة الروابط العائلية والتي تنعكس على النشاط الاقتصادي للشركة، خاصة عندما يملك الشركاء القدرة والمسؤولية التي تجعل كلاً منهم يكمل الآخر. وهذا يعني الجمع بين حافز الربح والأبعاد الاجتماعية حيث تسهم الشركة العائلية في تقوية أواصر العلاقة والترابط في العائلة بسبب اتحاد مصالح أفرادها من خلال المشروع العائلي.
وبنفس الوقت نحن ندرك أنه بالرغم من المميزات التي ذكرت آنفاً، إلا أن توظيف الأبناء في المشاريع العائلية لا تخلو أحياناً من عيوب قد تنعكس علـى عملية إدارة الشركة ككل. ومن أهم هذه العيوب أن اعتبارات علاقة القربى قد تطغى على اعتبارات الإدارة المهنية، كذلك قد تكون هناك مجاملة في تحمل الأخطاء والتغاضي عن بعض أو كل التجاوزات عند ارتكابها من قبل أحد أفراد العائلة العاملين في الشركة وعدم إخضاع أداء العاملين من أبناء العائلة وسلوكهم للتقييم. كما تبرز في العديد من المشاريع العائلية عدم الوضوح في تحديد الصلاحيات والمسؤوليات لأعضاء الإدارة من أفراد العائلة وذلك لعدم استخدام معايير سليمة لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولعدم توفر الوصف الوظيفي في المشاريع العائلية إلا ما ندر.
وحرصاً منا على تحقيق الاستفادة القصوى من الإيجابيات الممكنة من خطة دمج أبناء العائلة في المجموعة من جهة، وتجنب أي عيوب ممكنة كما تطرقنا لها أعلاه، حرصنا على وضع إطار لحوكمة تنفيذ الخطة بصورة جيدة. ويتضمن هذا الإطار تعيين لجان تنفيذية من قبل مجلس الإدارة لتتابع أعمال الإدارات والشركات المتعددة التي تنضوي تحت مظلة مجموعة يوسف بن أحمد كانو والتي تم تسليم إدارتها لأبناء العائلة بحيث يكون رؤساء هذه اللجان ونائب الرئيس من أفراد عائلة كانو. أما بقية أعضاء اللجان فيمثلون الإدارة العليا للمجموعة بالإضافة إلى الرؤساء التنفيذيين للشركات التي نديرها. وبالتالي نضمن وجود الخبرات الفنية التي توجه وتساعد هؤلاء الأبناء في تسييرهم للإدارات والشركات التي تولوا مسؤوليتها. كما أن هذه اللجان تضمن العمل الجماعي بروح الفريق الواحد وليس العمل الفردي أو اتخاذ القرارات بصورة فردية. كما تضمن إطار الحوكمة تعيين رئيس تنفيذي جديد للمجموعة ليشرف على الشركات التابعة لنا ويأخذ دوره ويكون حلقة الوصل بين العائلة والإدارة التنفيذية. وعلاوة على ذلك وضعنا لائحة مكتوبة وملزمة تعين توزيع السلطة والمسؤوليات بين مجلس الإدارة واللجان التنفيذية بحيث تعطي صلاحيات لرؤساء اللجان ونوابهم وكذلك الإدارة التنفيذية لاتخاذ القرارات، مع التأكيد على أن القرارات يجب أن تكون صادرة من اللجان وليس من رئيس اللجنة بصورة انفرادية. وهذا يعد أمراً مهماً للغاية في تقليل المخاطر الناجمة عن مثل هذه القرارات كما يكرس روح العمل الجماعي ويمازج بين تطلعات وطموحات الشباب وبين خبرة وحكمة الخبراء في هذه اللجان.
وسوف نعود لهذا الموضوع في مقالات أخرى لمناقشة جوانب أخرى فيه إن شاء الله.
* رئيس مجلس إدارة مجموعة كانو - رئيس الجمعية البحرينية للشركات العائلية
{{ article.visit_count }}
ولمن هو مطلع على قضايا الشركات العائلية، يدرك أن هذه القضية، أي توظيف أبناء العائلة في الشركة العائلية، هي من القضايا الشائكة والحساسة للغاية التي تواجه كافة هذه الشركات، وراحت تبحث عن الحلول الناجحة للتعامل معها. لذلك، وبعد نشر ما ورد في المؤتمر الصحافي في وسائل الإعلام، وردتني العديد من الاستفسارات التي تتضمن طلب توضيحات حول خطتنا لدمج أعضاء عائلة كانو في وظائف في المجموعة. وإيماناً منا بأهمية هذا الموضوع ورغبتنا بتمكين الشركات العائلية الناشئة من الاستفادة من هذه التجربة وإجراء الحوارات المفيدة حولها، ارتأينا العودة للحديث عن هذا الموضوع من جوانب مختلفة.
وابتداء يجب أن نقول إن موضوع توظيف أبناء العائلة في مجموعة كانو يعتبر حقاً لهؤلاء الأبناء نص عليه دستور العائلة. ولكن ليس حقاً متوارثاً، أي لا يتم بصورة تلقائية بل يرتبط بتوفر الرغبة والكفاءة لديهم. وساوى دستور العائلة بين الإناث والذكور في هذا الحق. كما أن توظيفهم يخضع للتسلسل الهرمي في التوظيف أي لا يوضعون مباشرة في مناصب عليا، بل عليهم التدرج في الوظائف بصورة طبيعية ويستند إلى مصلحة المجموعة في المقام الأول. كما أنهم يخضعون لنفس شروط التوظيف الخاصة بتوظيف غير أبناء العائلة.. بل الأكثر من ذلك، تشترط المجموعة ألا يكون لدى ابن العائلة أي مصالح في شركات أخرى تتعارض مع وظيفته في المجموعة.
انطلاقاً من هذه المبادئ، نحن ننظر إلى خطة دمج أبناء العائلة في وظائف في المجموعة سوف تحقق إيجابيات عديدة. فعلى رأس إيجابيات توظيف أبناء العائلة في الشركة العائلية هو إعداد الجيل التالي لتولي مناصب قيادية في المجموعة وتحت إشراف الجيل الذي قبله لكي يوجهه وينقل إليه خبرته وتجاربه ويوجهه الوجهة الصحيحة. لقد أثبتت الكثير من التجارب أن نقل المناصب القيادية في الشركة العائلية إلى الجيل التالي تحت إشراف الجيل الحالي، بدلاً من الانتظار لحين تنحي أو وفاة أعضائه، سوف يجنب الشركة العائلية الكثير من المشاكل المتأتية من التسلم المفاجئ للجيل الحالي لزمام قيادة الشركة، مثل عدم وجود الخبرة، وعدم معرفة السوق، وغياب العلاقات مع أصحاب المصلحة الآخرين، بخلاف النزاعات التي قد تنشأ نتيجة التسابق على تولي المناصب القيادية. بل الأكثر من ذلك، فإن دمجهم في الشركة العائلية سوف يثير الارتياح لديهم ولدى آبائهم ويقلل من الاحتكاك أو الشكاوى من ثم يعزز روح التضامن العائلي. وهذا يؤدي إلى خلق مناخ مريح في العمل، ويؤدي أيضاً إلى ارتفاع مستوى الأداء في المجموعة. كذلك يؤدي إلى زيادة ثقة الوسط التجاري في المشروع العائلي وخاصة إذا كانت العائلة التي تمتلك المشروع تتمتع بسمعة طيبة.
كما أن قضاء أفراد العائلة أكثر وقت ممكن في مكان العمل له ميزة اجتماعية حيث تزيد من قوة الروابط العائلية والتي تنعكس على النشاط الاقتصادي للشركة، خاصة عندما يملك الشركاء القدرة والمسؤولية التي تجعل كلاً منهم يكمل الآخر. وهذا يعني الجمع بين حافز الربح والأبعاد الاجتماعية حيث تسهم الشركة العائلية في تقوية أواصر العلاقة والترابط في العائلة بسبب اتحاد مصالح أفرادها من خلال المشروع العائلي.
وبنفس الوقت نحن ندرك أنه بالرغم من المميزات التي ذكرت آنفاً، إلا أن توظيف الأبناء في المشاريع العائلية لا تخلو أحياناً من عيوب قد تنعكس علـى عملية إدارة الشركة ككل. ومن أهم هذه العيوب أن اعتبارات علاقة القربى قد تطغى على اعتبارات الإدارة المهنية، كذلك قد تكون هناك مجاملة في تحمل الأخطاء والتغاضي عن بعض أو كل التجاوزات عند ارتكابها من قبل أحد أفراد العائلة العاملين في الشركة وعدم إخضاع أداء العاملين من أبناء العائلة وسلوكهم للتقييم. كما تبرز في العديد من المشاريع العائلية عدم الوضوح في تحديد الصلاحيات والمسؤوليات لأعضاء الإدارة من أفراد العائلة وذلك لعدم استخدام معايير سليمة لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولعدم توفر الوصف الوظيفي في المشاريع العائلية إلا ما ندر.
وحرصاً منا على تحقيق الاستفادة القصوى من الإيجابيات الممكنة من خطة دمج أبناء العائلة في المجموعة من جهة، وتجنب أي عيوب ممكنة كما تطرقنا لها أعلاه، حرصنا على وضع إطار لحوكمة تنفيذ الخطة بصورة جيدة. ويتضمن هذا الإطار تعيين لجان تنفيذية من قبل مجلس الإدارة لتتابع أعمال الإدارات والشركات المتعددة التي تنضوي تحت مظلة مجموعة يوسف بن أحمد كانو والتي تم تسليم إدارتها لأبناء العائلة بحيث يكون رؤساء هذه اللجان ونائب الرئيس من أفراد عائلة كانو. أما بقية أعضاء اللجان فيمثلون الإدارة العليا للمجموعة بالإضافة إلى الرؤساء التنفيذيين للشركات التي نديرها. وبالتالي نضمن وجود الخبرات الفنية التي توجه وتساعد هؤلاء الأبناء في تسييرهم للإدارات والشركات التي تولوا مسؤوليتها. كما أن هذه اللجان تضمن العمل الجماعي بروح الفريق الواحد وليس العمل الفردي أو اتخاذ القرارات بصورة فردية. كما تضمن إطار الحوكمة تعيين رئيس تنفيذي جديد للمجموعة ليشرف على الشركات التابعة لنا ويأخذ دوره ويكون حلقة الوصل بين العائلة والإدارة التنفيذية. وعلاوة على ذلك وضعنا لائحة مكتوبة وملزمة تعين توزيع السلطة والمسؤوليات بين مجلس الإدارة واللجان التنفيذية بحيث تعطي صلاحيات لرؤساء اللجان ونوابهم وكذلك الإدارة التنفيذية لاتخاذ القرارات، مع التأكيد على أن القرارات يجب أن تكون صادرة من اللجان وليس من رئيس اللجنة بصورة انفرادية. وهذا يعد أمراً مهماً للغاية في تقليل المخاطر الناجمة عن مثل هذه القرارات كما يكرس روح العمل الجماعي ويمازج بين تطلعات وطموحات الشباب وبين خبرة وحكمة الخبراء في هذه اللجان.
وسوف نعود لهذا الموضوع في مقالات أخرى لمناقشة جوانب أخرى فيه إن شاء الله.
* رئيس مجلس إدارة مجموعة كانو - رئيس الجمعية البحرينية للشركات العائلية