* وردت هذه الكلمات الجميلة في كتاب «لأنك الله» لكاتبه علي الفيفي: «قيل لإعرابي: إنك تموت! فقال: ثم إلى أين؟ قيل: إلى الله! فقال: كيف أكره أن أقدم على الذي لم أرَ الخير إلا منه؟ شعور عظيم ورجاء بالله كبير ذلك الذي يملأ فؤاد هذا الإعرابي، يقرأ عليه القرآن الكريم حين يقول الحق سبحانه: «وما بكم من نعمة فمن الله». كل شيء؟ نعم كل شيء يحوطك من الصحة والمال والراحة والتيسير والرضا هو منه». وكان فضل الله عليك عظيماً. تعبده ستين أو سبعين سنة، أكثرها دون التكليف أو نوم أو في عمل المباحات، ومع ذلك يكافئك عنها بجنة عرضها السموات والأرض، تسكنها الأبد كله! فإن كان سبحانه يعطي لا على شيء، فكيف إذا كان هناك شيء؟ كيف إذا فرقت بينك وبين بقية عباده الذين يرزقهم ويتحبب إليهم بالنعم بأن عملت صالحاً يرضاه، عند ذلك لا يجوز لك أن تعتقد أن لن يكرمك الكريم ويشكرك الشكور ويحمدك الحميد سبحانه».

* لن نتحدث عن سرعة الأيام كما كنا نتحدث عنها سابقاً، لأننا في جميع الأحوال على يقين بأن الحياة إنما هي محطة سريعة من محطات مسير المرء إلى الآخرة. ورد في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه، قلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وطاء؟ فقال: «ما لي وللدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها» رواه الترمذي. لن نتحدث عن سرعة الأوقات لأننا آمنا أننا اليوم نمضي سريعاً إلى آجالنا، وقد سبقنا من سبق راحلاً عن دنيا البشر. اليوم نودع رمضان كما ودعنا غيره، ونودع أياماً جميلة رائعة من أحلى أيام الحياة، قدمنا فيها ما نستطيع من أجل أن نرضي المولى الكريم، وها نحن نسدل الستار على «أيام معدودة» تجملت حياتنا ببركاتها وخيراتها وأثرها الجميل في حياتنا. اللهم اجعلنا ممن صام وقام رمضان وقام ليلة القدر إيماناً واحتساباً فغفر له ما تقدم من ذنبه، واجعلنا ممن قبلت صيامه وقيامه وأسعدته بطاعتك فاستعد لما أمامه، واجعلنا ممن كتبت لهم أجر ليلة القدر ورزقتنا فيها من خيري الدنيا والآخرة، ولا تجعل هذا آخر عهدنا برمضان وأعده علينا أعواماً عديدة وأزمنة مديدة ونحن في صحة وعافية وطول عمر.

* يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «للصائم فرحتان، فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه». فهنيئاً للصائمين فرحتهم في يوم عيد فطرهم، ويحق لنا أن نفرح ونسعد في يوم عيد الفطر المبارك، فهو عيد فرح وسرور وسعادة لمن وفقه المولى عز وجل أن يتم رمضان على خير وأسعده بصومه وقيامه والتلذذ بطاعته. يحق لنا أن نفرح بهذا العيد وننشر البهجة والسرور بين كل الناس، ونتواصل ونبارك لبعضنا البعض «تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال». ومع إقبال عيد الخير تضيء في حياتنا صور تلك اللقاءات الجميلة في البيت العود الذي كنا نجتمع فيه في صباح يوم العيد بملابسنا الجديدة وفرحتنا التي كان لها الأثر الكبير في نفس كل من نلقاه. وكنا نتهافت للسلام على الجد والوالدين رحمهم الله حتى نحصل على «العيدية» ننتقل بعدها للفريج «عيدكم مبارك وعساكم من عواده» وأهم بيت كنا نتسارع إليه والمعروف في الفريج «إلي نحصل من وراه عيدية عودة 500 فلس». ولله الحمد والمنة فإن أغلب البيوت اليوم تحافظ على صور لقاءات البيوت في العيد وإن اختفت ملامح عيدية الفرجان لتغير الزمان وتبدل الفرجان، ولكن يبقى وصال الأهل والأصحاب في البيوت والديوانيات هو الأثر الباقي من زمان الطيبين.

* التسابق المحمود من أهل البحرين في عمل الخير في شهر رمضان المبارك، يسبغ على النفس ثوب السعادة والفرح. وقد لمسنا ذلك من خلال المساهمات الكثيرة التي بذلت خلال هذا الشهر الكبير في العديد من المشروعات الخيرية والإنسانية التي أعلنت عنها المؤسسات وفرق العمل التطوعية والخيرية. فضلاً عن مساهمة عدد كبير من المواطنين للتطوع لتنفيذ هذه المشروعات. نشد على أيدي القائمين على العمل الخيري في هذا الوطن العزيز ونبارك لهم هذا التميز ونسأل الله تعالى أن يجعل عملهم في موازين حسناتهم يوم القيامة، والشكر لجميع المواطنين والمقيمين على المشاركة في المسؤولية الاجتماعية وتفعيل مفاهيم التكافل الاجتماعي، وهو ما نسعى إليه دائماً في مسير العمل الخيري. بارك الله في الجهود وسدد الخطى.

* في مدرسة رمضان تتدرب بصورة أعمق على معاني التسامح والتغافل وسعة الصدر، فهي صفة من صفات المؤمنين الذين يتطلعون إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. فمن صفات المؤمن ألا يحمل في قلبه حقداً ولا غلاً ولا حسداً على أي من الناس، وأن يطهر قلبه من مشاحنات الحياة حتى يحيا سعيداً ساكناً مطمئناً، وإن حدث ما يعكر الصفو فهو يحرص على أن يوصل رسالته بسرعة حتى يطهر ما في قلبه ويعيش مرتاح البال والضمير. يقول المولى عز وجل: «يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم».

* في أحيان كثيرة تنتظر ولادة بعض الأحلام التي حلمت بها منذ الصغر، وتنتظر أن تنجز بعض المشروعات التي أخرتها كثيراً من أجل أن يأتي ذلك اليوم الجميل الذي تنفذها. لربما لم يكن بمقدورك أن تفعل أي شيء في حينها لأنك جزء من منظومة الحياة الكبيرة التي تتغير فيها الأحوال وتتبدل فيها الظروف.. ولكن في لحظة ما في حياتك.. تحس أن لحظات الفرج قد حانت، ويعوضك الله خيراً وأنساً وبشراً عن كل لحظات الألم، وستجد نفسك أكثر قوة من سنوات العمر الماضية. هذه هي سنة الحياة.. في نهاية المطاف ستجد نفسك في مقام يحبه الله لك.. فثق بالله وتوكل عليه واسعد بحياتك حتى تسعد من يعيش معك.

* ومضة أمل:

من كلمات الشاعر العشماوي:

رعاك الله يا ولدي

فأنت الروح في جسدي

وأنت سعادتي أحيا

بها في عالم نكد

أرى في وجهك الغالي

حقيقة حبي الأبدي

إذا ما قلت لي «بابا»

رأيت الكون ملك يدي