ها قد أتى العيد.. ولكنه ليس كالأعياد السابقة، وليس كالعيدين الأخيرين اللذين شهدتهما في أوج سعادتي وفي ذروة مفاصل حياتي حيوية، أقبل العيد وقد رحل من حياتي كثيرون، بعضهم أخذهم الموت، وآخرون أخذهم القدر على نحو أزهق روحي مني ويتّمني مراراً وتكراراً. تمضي الحياة على أية حال، نعم. ولكنه العيد.. الذي فقد مذاقه وحيويته ومعناه. فما العيد إن كانت الفرحة فيه مبتورة؟ وما العيد إن كانت فيه البسمة مخطوفة، وما العيد إن بقي على الشفاه ألف سؤال وسؤال عالقين يقودوا في نهاية المطاف إلى البحث عن أحبة كانوا ولم يستمروا بغض النظر عن السبب.
ها قد أتى العيد.. وفي القلب ألف غضة، وفي الروح ما زالت ثمة جروح نازفة تأبى أن تندمل، فأعاد العيد فتحها من جديد. كثيرون يقولون الحي أبقى من الميت، والقادمون أولى من الراحلين، ولكن ها نحن في موسم تنفتق فيه الجروح باسم العيد، العيد الذي يخلو من الأحبة، ولسان الحال يقول: «عيّدت أنا العيد وأنت بعيد عني.. والعيد يبغي ناس أحبابه قريبة». غير أن الأحبة قد رحلوا كلٌ إلى مصيره، والعلاقة معهم قد انقضت وانتهت، ولم يعد ثمة فرص للاستمرار، أو للقاءات متجددة. رحيل يبتر معه الأمل، ويستنزف ما بقي من الحياة.
بينما أكتب هذا المقال/الخاطرة أرسل إليّ أحد أقربائي بعبارة للشيخ الطنطاوي رحمه الله يقول فيها: «ثُم يأتي العيد فتراه يوماً ليس كالأيام، وترى نهاره أجمل، وتحس المتعة به أطول، وتبصر شمسه أضوأ، وتجد ليله أهنأ، وما اختلفتْ في الحقيقة الأيام في ذاتها، ولكن اختلف نظرُنا إليها، نسينا في العيد متاعبنا فاسترحنا، وأبعدنا عنا آلامنا فهنِئنا». عذرنا شيخنا الكبير، فالعيد لم ينسينا جروحنا بل نبشها، والعيد لم يتح لنا فرصة للراحة بل أنهك قلوبنا.. العيد الذي تراه أمتع وأضوأ أقام في قلوبنا مجالس غير منظورة للعزاء، العيد الذي أبصرت شمسه يا شيخنا لم نبصر منه إلاَّ غروب سعادتنا وذهاب أملنا في حياة كان ملؤها أحبة لم يعد لهم مكان بيننا اليوم شئنا أم أبينا.
* اختلاج النبض:
يا أيها الراحلون المتشبثون في أرواحنا، يا من ملكتم منا كل ما فينا دونما اكتفاء، لا عيد يحلو لنا من دونكم، ولا حياة تطيب لنا عقب رحيلكم. لعلها المرة الأولى التي أتذوق فيها قهوة العيد بمراراتها فلا تحلو لي كما كنت أفعل فأستزيد وأستزيد قبل أن أهز فنجاني. إنها المرة الأولى التي أهز فيها فنجان المرارة لشدة ارتوائي به، فكفى بك حضوراً أيها العيد إن كانت هذه صنائعك في قلبي وقلوب كثيرين ممن ودعوا الأحبة.
ها قد أتى العيد.. وفي القلب ألف غضة، وفي الروح ما زالت ثمة جروح نازفة تأبى أن تندمل، فأعاد العيد فتحها من جديد. كثيرون يقولون الحي أبقى من الميت، والقادمون أولى من الراحلين، ولكن ها نحن في موسم تنفتق فيه الجروح باسم العيد، العيد الذي يخلو من الأحبة، ولسان الحال يقول: «عيّدت أنا العيد وأنت بعيد عني.. والعيد يبغي ناس أحبابه قريبة». غير أن الأحبة قد رحلوا كلٌ إلى مصيره، والعلاقة معهم قد انقضت وانتهت، ولم يعد ثمة فرص للاستمرار، أو للقاءات متجددة. رحيل يبتر معه الأمل، ويستنزف ما بقي من الحياة.
بينما أكتب هذا المقال/الخاطرة أرسل إليّ أحد أقربائي بعبارة للشيخ الطنطاوي رحمه الله يقول فيها: «ثُم يأتي العيد فتراه يوماً ليس كالأيام، وترى نهاره أجمل، وتحس المتعة به أطول، وتبصر شمسه أضوأ، وتجد ليله أهنأ، وما اختلفتْ في الحقيقة الأيام في ذاتها، ولكن اختلف نظرُنا إليها، نسينا في العيد متاعبنا فاسترحنا، وأبعدنا عنا آلامنا فهنِئنا». عذرنا شيخنا الكبير، فالعيد لم ينسينا جروحنا بل نبشها، والعيد لم يتح لنا فرصة للراحة بل أنهك قلوبنا.. العيد الذي تراه أمتع وأضوأ أقام في قلوبنا مجالس غير منظورة للعزاء، العيد الذي أبصرت شمسه يا شيخنا لم نبصر منه إلاَّ غروب سعادتنا وذهاب أملنا في حياة كان ملؤها أحبة لم يعد لهم مكان بيننا اليوم شئنا أم أبينا.
* اختلاج النبض:
يا أيها الراحلون المتشبثون في أرواحنا، يا من ملكتم منا كل ما فينا دونما اكتفاء، لا عيد يحلو لنا من دونكم، ولا حياة تطيب لنا عقب رحيلكم. لعلها المرة الأولى التي أتذوق فيها قهوة العيد بمراراتها فلا تحلو لي كما كنت أفعل فأستزيد وأستزيد قبل أن أهز فنجاني. إنها المرة الأولى التي أهز فيها فنجان المرارة لشدة ارتوائي به، فكفى بك حضوراً أيها العيد إن كانت هذه صنائعك في قلبي وقلوب كثيرين ممن ودعوا الأحبة.