كانت الدراسة في القاهرة الحبيبة حلماً لكل طالب متخرج من المرحلة الثانوية لأنه كان يدرك قيمة هذا البلد ومدى جماله وتطوره في العلم والفن والموسيقى والسياسة والجمال والموضة والسينما والمسرح وغيره.
في عام 2000، كنت من دفعة المبتعثات الخريجات من جمهورية مصر العربية وأدركُ كما يدرك غيري من خريجي القاهرة مدى فضل هذا البلد علينا في تعليمنا وتأسيسنا دراسياً واجتماعياً، وحتى في صقل شخصياتنا وتنميتها، وعند سماعي بمسلسل يتكلم عن مغتربات يدرسن بالقاهرة شدّني حنيني لتلك الأيام فحرصت على متابعته على الرغم أنه يتكلم عن زمن يسبق زمننا، إلا أنه الزمن الذهبي الكلاسيكي لمصر والذي يحلم كل عربي أن يعيشه. وبمشاهدتي لحلقات مسلسل «دفعة القاهرة» الحلقة تلو الأخرى خاب ظني للأسف كمُشاهدة منذ الحلقة الأولى بسبب المغالطات التاريخية الكثيرة والمهمة.
نعم هناك مغالطات في المكان والزمن والحدث، فعلى سبيل المثال لا الحصر، المسلسل يتكلم عن مجموعة طالبات مبتعثات من دائرة المعارف بالكويت عام 1956 وهن يعتبرن أول دفعة نسوية تم إرسالها للدراسة بالقاهرة يعشن في عمارة مختلطة بين سكان مصريين وكويتيين، وهذا خطأ كبير يدركه كل من عاش وعرف هذه الحقبة، ولحسن حظي كنت حينها أتابع المسلسل مع والدي وفجأة التفت إليّ ليقول كيف يكون هذا؟ الطلبة المغتربون في ذلك الوقت يعيشون في «بيت الكويت» مكان سفارة الكويت في مصر حالياً بشارع التحرير والذي افتتحه رسمياً عام 1958 رئيس الجمهوريّة جمال عبدالناصر ولم يعيشوا في عمارات مختلطة ليسكن فوق شقة البنات ضابط مصري؟ وكيف يبدين استغرابهن من جهاز التلفاز الذي أُذيع عنه من بغداد عام 1956 وليس من مصر لأن أول بث تلفزيوني مصري كان في 21 يوليو 1960 والذي تأخر بسبب العدوان الثلاثي، حينها أدركت كلمة والدي منذ الحلقة الأولى وأنا مندمجة بالمسلسل: «يا يبه شكله عنوان المسلسل أكبر من المسلسل»!
جميل وجود الأحداث السياسية والمواقف العروبية وأغاني عبدالحليم في المسلسل ليتعلمها الجيل الأصغر، وليسألني أحد أبنائي الصغار من هو جمال عبدالناصر وأسمعه أيضاً يردد «شوف بقينا فين يا قلبي».. ولكن كيف يشوه التاريخ بهذا الحد، وكيف تكون تلك المزايدات!! ففي مشهد أحداث بورسعيد كانت مبالغات في التصوير والتمثيل، أما بالنسبة لأغاني العندليب فهناك تلاعب بين زمن وجود الأغنية ووجودها في أحداث المسلسل، فكيف تقول إحداهن لوالدتها أنها تسمع أغنية «جبار» من السكن إلى الجامعة وأحداث المسلسل تدور في عام 1956 وجبار غناها حليم عام 1967؟ وكيف يغني عبدالحليم بحفلته بالمسلسل أغنية «موعود» 1971 وأغنية «بأمر الحب» 1961 والمسلسل تدور أحداثه في عام 1956؟ وكيف يتم التحدث مع السفارة لاستخراج جواز سفر بديل لإحداهن وحينها لم يتم إعلان استقلال الكويت ولا توجد سفارة للكويت بالقاهرة؟ وكيف يتم استخدام طابع الشاعر السياسي محمود سامي البارودي والذي أصدره البريد المصري عام 1980 في إحدى الرسائل المرسلة من مصر بداخل المسلسل ولَم يتم استخدام طابع ذلك الوقت؟ والأغرب من هذا كله أن جميع من جئن للدراسة في المسلسل وقعن في الحب من أول يوم وأغلبهن تزوجن بالسر، هل هذا التصور لأي مجموعة شباب يذهبون للدراسة خارج بلدهم؟ هل الدراسة في الخارج من أجل الحرية والحب والزواج؟ للأسف لم يتم التركيز على العديد من الجوانب المهمة لدراسة الطلبة في الخارج وتم التركيز فقط على الجانب العاطفي الرومانسي والشكلي وتم إهمال ومعالجة القضايا الأهم من البحث عن عاشق وعشيقة؟ بالمقابل عندما كتب المرحوم غازي القصيبي روايته «شقة الحرية» وهي رواية لشباب بحرينيين من بينهم الكاتب نفسه يغتربون للقاهرة في نفس الزمن 1948-1967 وتم تحويلها إلى مسلسل، كان المسلسل حريصاً على لمس الواقع ووصفه وصفاً دقيقاً لمعالجته، نعم إن كاتبة «دفعة القاهرة» ذكرت أن المسلسل ليس بمرجع تاريخي في بدايته، ولكن القصة يوجد بها واقع مشوّش، فليس الغرض تغيير جغرافيا القصة من أجل تغيير الشخصيات والأحداث، ولكن الصحيح هو أن يحتوي المسلسل الأحداث بمحتواها التاريخي الصحيح.
فأين هي المشكلة!! هل أن القائمين على المسلسل لا يعرفون تفاصيل هذا الزمن الجميل؟ أم أن النص المكتوب لم يتم مراجعته؟ أم أن الكاتبة كان يجب عليها كتابة القصة كرواية أولاً، وتدقيق أحداثها التاريخية ثم تحويلها لسيناريو مسلسل؟ فعذراً يا من كُنتُم دفعة القاهرة.. سواء أكُنتُم تنتمون للكويت أو غيرها.. فالقاهرة أكبر من عنوان المسلسل؟!!
في عام 2000، كنت من دفعة المبتعثات الخريجات من جمهورية مصر العربية وأدركُ كما يدرك غيري من خريجي القاهرة مدى فضل هذا البلد علينا في تعليمنا وتأسيسنا دراسياً واجتماعياً، وحتى في صقل شخصياتنا وتنميتها، وعند سماعي بمسلسل يتكلم عن مغتربات يدرسن بالقاهرة شدّني حنيني لتلك الأيام فحرصت على متابعته على الرغم أنه يتكلم عن زمن يسبق زمننا، إلا أنه الزمن الذهبي الكلاسيكي لمصر والذي يحلم كل عربي أن يعيشه. وبمشاهدتي لحلقات مسلسل «دفعة القاهرة» الحلقة تلو الأخرى خاب ظني للأسف كمُشاهدة منذ الحلقة الأولى بسبب المغالطات التاريخية الكثيرة والمهمة.
نعم هناك مغالطات في المكان والزمن والحدث، فعلى سبيل المثال لا الحصر، المسلسل يتكلم عن مجموعة طالبات مبتعثات من دائرة المعارف بالكويت عام 1956 وهن يعتبرن أول دفعة نسوية تم إرسالها للدراسة بالقاهرة يعشن في عمارة مختلطة بين سكان مصريين وكويتيين، وهذا خطأ كبير يدركه كل من عاش وعرف هذه الحقبة، ولحسن حظي كنت حينها أتابع المسلسل مع والدي وفجأة التفت إليّ ليقول كيف يكون هذا؟ الطلبة المغتربون في ذلك الوقت يعيشون في «بيت الكويت» مكان سفارة الكويت في مصر حالياً بشارع التحرير والذي افتتحه رسمياً عام 1958 رئيس الجمهوريّة جمال عبدالناصر ولم يعيشوا في عمارات مختلطة ليسكن فوق شقة البنات ضابط مصري؟ وكيف يبدين استغرابهن من جهاز التلفاز الذي أُذيع عنه من بغداد عام 1956 وليس من مصر لأن أول بث تلفزيوني مصري كان في 21 يوليو 1960 والذي تأخر بسبب العدوان الثلاثي، حينها أدركت كلمة والدي منذ الحلقة الأولى وأنا مندمجة بالمسلسل: «يا يبه شكله عنوان المسلسل أكبر من المسلسل»!
جميل وجود الأحداث السياسية والمواقف العروبية وأغاني عبدالحليم في المسلسل ليتعلمها الجيل الأصغر، وليسألني أحد أبنائي الصغار من هو جمال عبدالناصر وأسمعه أيضاً يردد «شوف بقينا فين يا قلبي».. ولكن كيف يشوه التاريخ بهذا الحد، وكيف تكون تلك المزايدات!! ففي مشهد أحداث بورسعيد كانت مبالغات في التصوير والتمثيل، أما بالنسبة لأغاني العندليب فهناك تلاعب بين زمن وجود الأغنية ووجودها في أحداث المسلسل، فكيف تقول إحداهن لوالدتها أنها تسمع أغنية «جبار» من السكن إلى الجامعة وأحداث المسلسل تدور في عام 1956 وجبار غناها حليم عام 1967؟ وكيف يغني عبدالحليم بحفلته بالمسلسل أغنية «موعود» 1971 وأغنية «بأمر الحب» 1961 والمسلسل تدور أحداثه في عام 1956؟ وكيف يتم التحدث مع السفارة لاستخراج جواز سفر بديل لإحداهن وحينها لم يتم إعلان استقلال الكويت ولا توجد سفارة للكويت بالقاهرة؟ وكيف يتم استخدام طابع الشاعر السياسي محمود سامي البارودي والذي أصدره البريد المصري عام 1980 في إحدى الرسائل المرسلة من مصر بداخل المسلسل ولَم يتم استخدام طابع ذلك الوقت؟ والأغرب من هذا كله أن جميع من جئن للدراسة في المسلسل وقعن في الحب من أول يوم وأغلبهن تزوجن بالسر، هل هذا التصور لأي مجموعة شباب يذهبون للدراسة خارج بلدهم؟ هل الدراسة في الخارج من أجل الحرية والحب والزواج؟ للأسف لم يتم التركيز على العديد من الجوانب المهمة لدراسة الطلبة في الخارج وتم التركيز فقط على الجانب العاطفي الرومانسي والشكلي وتم إهمال ومعالجة القضايا الأهم من البحث عن عاشق وعشيقة؟ بالمقابل عندما كتب المرحوم غازي القصيبي روايته «شقة الحرية» وهي رواية لشباب بحرينيين من بينهم الكاتب نفسه يغتربون للقاهرة في نفس الزمن 1948-1967 وتم تحويلها إلى مسلسل، كان المسلسل حريصاً على لمس الواقع ووصفه وصفاً دقيقاً لمعالجته، نعم إن كاتبة «دفعة القاهرة» ذكرت أن المسلسل ليس بمرجع تاريخي في بدايته، ولكن القصة يوجد بها واقع مشوّش، فليس الغرض تغيير جغرافيا القصة من أجل تغيير الشخصيات والأحداث، ولكن الصحيح هو أن يحتوي المسلسل الأحداث بمحتواها التاريخي الصحيح.
فأين هي المشكلة!! هل أن القائمين على المسلسل لا يعرفون تفاصيل هذا الزمن الجميل؟ أم أن النص المكتوب لم يتم مراجعته؟ أم أن الكاتبة كان يجب عليها كتابة القصة كرواية أولاً، وتدقيق أحداثها التاريخية ثم تحويلها لسيناريو مسلسل؟ فعذراً يا من كُنتُم دفعة القاهرة.. سواء أكُنتُم تنتمون للكويت أو غيرها.. فالقاهرة أكبر من عنوان المسلسل؟!!