قبل عدة أيام شاهدت في مواقع التواصل حدثاً غريباً في إحدى الدول الشقيقة، حيث اصطف العشرات في مجمع تجاري لساعات طويلة ناهزت الخمس ساعات من أجل انتظار فتح محل أحذية، الحشود كانت تنتظر منذ الصباح الباكر فقط من أجل اقتناء حذاء جديد!!

لا أعلم ما الميزة التي وجدت في الحذاء أو السبب الذي يدفع هؤلاء لكل هذا الانتظار. ولا أعلم إن كان من العقل أن يضيع أي إنسان ما يقارب خمس ساعات من حياته في انتظار «حذاء»!! دائماً ما نقدم ما هو أغلى وأثمن على ما هو دون ذلك، وحين تعتبر أن الحذاء يستحق أن تضحي بوقتك وجزء من حياتك تأكد أن حياتك كلها لا قيمة لها.

كثيراً ما نشتكي من قلة الوقت وضيقه، كثيراً ما نتخلف عن أمور ونؤجل أموراً بحجة أن الوقت ضيق، كم من مناسبة لزواج صديق أو عزاء قريب، نكتفي بإرسال رسالة اعتذار بسبب انشغالنا وإحساسنا أن الوقت غير مناسب. كم اقتنينا من كتب لمجرد الاقتناء وتمر أيام وشهور دون أن نتصفح كتاباً واحداً بحجة أن الوقت غير مناسب، هل فعلاً نحن نعاني من قلة الوقت أو نعاني من عدم تنظيم وقتنا أو من عدم تقدير لقيمة وقتنا؟

من يدعي أن الوقت ضيق فهو واهم، ساعات وساعات يقضيها الشخص في فراشه من الساعة 12 ليلاً حتى 3 فجراً متنقلاً بين «السناب شات، والإنستغرام، وتويتر»، دون إدراك. أو في الجلوس لساعات بالمقاهي دون إنجاز، ثم يقول الوقت لا يكفي للنوم والراحة.

نحتاج لتخصيص نصف ساعة لقراءة 30 صفحة من أي كتاب ولا نجدها!، فكيف نتخطى هذه الصعاب ونحاول تحقيق وإنجاز بعض المخططات المؤجلة في حياتنا.

من أحد الحلول أن تنجز أكثر من أمر في وقت واحد، المسألة ليست بالأمر الصعب كما يبدو خاصة في هذا العصر، حيث سهلت التقنية الحديثة وسرعة الاتصال الفائق كثيراً من المستحيلات، حيث من السهل الآن أن تكون في بيتك تقضي وقتاً مع أسرتك وفي نفس الوقت تنجز عملك، أو تحضر محاضراتك الجامعية. العمل أو الدراسة عن بعد ليس بالأمر الحديث إلا أنه غير متبع أو مستغل لدينا.

كما أن الوقت الذي نقضيه في السيارة غالباً لا يقل عن نصف ساعة في أي مشوار، فلماذا لا يستغل هذا الوقت، فبدل التركيز على الزحام أو تصرفات بعض السواق يمكن الاستفادة من بعض التطبيقات التي تمنحك فرصة لسماع كتاب كأنك تقرؤه، مثل تطبيق Alrawi «الراوي»، الفائز بجائزة أفضل تطبيق للأجهزة الذكية في مسابقة «التميز للحكومة الإلكترونية»، وهو عبارة عن مكتبة صوتية لمجموعة من الكتب المتنوعة يقرؤها نخبة من المبدعين البحرينيين بأصواتهم. وبذلك تكون حققت أكثر من عمل في وقت واحد.

الوقت محدود وماضٍ إلا أن استثماره واستغلاله بالشكل الأمثل وبصور متعددة هو المكسب للحفاظ عليه، فمدى تقدمك ورقيك مرهون بمدى الكم الذي تكتسبه في كل لحظة من أمور إيجابية، وأن أي لحظة وساعة تمر دون استغلال هي خسارة لحظات من حياتك.