من متع الامتدادات الصحراوية الصفاء والهدوء التي تولد الحكمة، لكن للصحراء وجوهاً أخرى منها أنها تأخذ من الصيف حقها كاملاً وتأخذ حقها من الشتاء كاملاً بغض النظر عن طول الموسم، فبرد ليلة واحدة قد يذكر البدو بنفسه لمدة طويلة حتى أنهم يسمون السنين على ليلة باردة واحدة. وفي إحدى سنين البرد الصحراوي الجاف والذي يصيب بمقتل بخلاف البرد الرطب، كان بعض رجال البدو يتسامرون على النار، فتذمر أحدهم من البرد القارس جداً. فعاب تشكيه رجل آخر من رجال القبيلة، وتطور الجدل إلى رهان جائزتها فرس من اشتكى من البرد. لقد كان على الرجل الآخر قضاء الليل جالساً لا يرتدي إلا ثوبه وغترته على بعد مسافة مد النظر من فريق البدو وبيوت الشعر. وأن يكون لثلاث ليال متتالية تبدأ منذ أن ينفض سمر منتصف الليل حتى طلوع الفجر. صمد الرجل بأعجوبة في الليلة الأولى، وفي صباح اليوم الثاني من الرهان كان معهم في صلاة الفجر. وجن جنون صاحب الفرس، فقد تأكد أن الرجل لم يغادر مكانه فكيف لم يسقط على جنبه متجمداً وميتاً من البرد!
كان في فريق البدو عجوز ذات حكمة ودهاء، فذهب إليها الرجل يسأل عن حيلة تبطل الرهان لكيلا يفقد فرسه فهذه هي الليلة الأخيرة، والبرد لا يحتمله بشر. دارت العجوز بين البيوت في الظلام ثم عادت لصاحب الفرس وقالت اتبعني ومعك دلو ماء، وعند بيت الرجل الجالس في البرد وقفت أخته الشابة تزيد حطب النار حتى يصل لهيبها عنان السماء. وفي نفس اللحظة التي صب صاحب الفرس دلو الماء مـطفئاً نار أخت الرجل بين عويلها واحتجاجها، التفت هو والعجوز والبنت إلى الرجل الجالس في البرد فانتفض فجأة وما هي إلا لحظات حتى خر على جنبه صريعاً من البرد بعد إطفاء نار بيت أخته التي كان يدفئ جوانحه بلهيبها فلم يشعر بالبرد.
والعجائز كثيرة، و»القارة العجوز» مصطلح يطلق على أوروبا، وهناك رهان إيراني عليها للفكاك من ضغط واشنطن، فألمانيا ترفض تحميل إيران مسؤولية هجوم خليج عمان، بل لم يتطرق وزير خارجيتها للبرنامج الصاروخي لطهران في خطاب زيارته لطهران، وعندما دعت فرنسا لإجراء محادثات دولية أوسع نطاقاً رفضت إيران ذلك، وأوعزت لبرلين ثني باريس تحت طائلة التهديد بالانسحاب من الاتفاق.
فطهران تعتقد بوجود ورثة لـ»بسمارك» داهية السياسة الأوروبية في القرن الـ 19 بل وهناك مثل «لويد جورج»، وللسياسي الفرنسي الداهية «الكاردنيال جول ما ازران». لكن الحقيقة أن البراغماتية أنجيلا ميركل ارتكبت خطأً فتح الحدود للاجئين، فيما يحاول إيمانويل ماكرون وهو يجرجر زوجته العجوز كبح عنفوان شباب السترات الصفراء، أما ساسة بريطانيا فقد غرقوا قبل وصول مرافئ «البريكست».
* بالعجمي الفصيح:
ليس من الحكمة أن يكون العلاج الناجع عند عجوز في كل الأوقات، فالعلاجات التي توصي بها العجائز تجدها عند العطارين، والسحرة والعرافين والأفاقين وأصحاب المصالح.
* كاتب وأكاديمي كويتي
كان في فريق البدو عجوز ذات حكمة ودهاء، فذهب إليها الرجل يسأل عن حيلة تبطل الرهان لكيلا يفقد فرسه فهذه هي الليلة الأخيرة، والبرد لا يحتمله بشر. دارت العجوز بين البيوت في الظلام ثم عادت لصاحب الفرس وقالت اتبعني ومعك دلو ماء، وعند بيت الرجل الجالس في البرد وقفت أخته الشابة تزيد حطب النار حتى يصل لهيبها عنان السماء. وفي نفس اللحظة التي صب صاحب الفرس دلو الماء مـطفئاً نار أخت الرجل بين عويلها واحتجاجها، التفت هو والعجوز والبنت إلى الرجل الجالس في البرد فانتفض فجأة وما هي إلا لحظات حتى خر على جنبه صريعاً من البرد بعد إطفاء نار بيت أخته التي كان يدفئ جوانحه بلهيبها فلم يشعر بالبرد.
والعجائز كثيرة، و»القارة العجوز» مصطلح يطلق على أوروبا، وهناك رهان إيراني عليها للفكاك من ضغط واشنطن، فألمانيا ترفض تحميل إيران مسؤولية هجوم خليج عمان، بل لم يتطرق وزير خارجيتها للبرنامج الصاروخي لطهران في خطاب زيارته لطهران، وعندما دعت فرنسا لإجراء محادثات دولية أوسع نطاقاً رفضت إيران ذلك، وأوعزت لبرلين ثني باريس تحت طائلة التهديد بالانسحاب من الاتفاق.
فطهران تعتقد بوجود ورثة لـ»بسمارك» داهية السياسة الأوروبية في القرن الـ 19 بل وهناك مثل «لويد جورج»، وللسياسي الفرنسي الداهية «الكاردنيال جول ما ازران». لكن الحقيقة أن البراغماتية أنجيلا ميركل ارتكبت خطأً فتح الحدود للاجئين، فيما يحاول إيمانويل ماكرون وهو يجرجر زوجته العجوز كبح عنفوان شباب السترات الصفراء، أما ساسة بريطانيا فقد غرقوا قبل وصول مرافئ «البريكست».
* بالعجمي الفصيح:
ليس من الحكمة أن يكون العلاج الناجع عند عجوز في كل الأوقات، فالعلاجات التي توصي بها العجائز تجدها عند العطارين، والسحرة والعرافين والأفاقين وأصحاب المصالح.
* كاتب وأكاديمي كويتي