لم تعد الجمعيات العمومية في أغلب أنديتنا الوطنية بتلك الكثافة العددية التي عهدناها في الماضي بل أصبحت أعدادها قليلة جداً يخجل الإنسان من ذكرها، ولم يعد التزامها بالارتباط بالنادي مثلما كان في ذلك الزمن الجميل حين كان الحضور إلى النادي يشكل جزءاً رئيساً من برنامج العضو اليومي بل إن كثيراً من الأعضاء كانوا يتواجدون في مقر النادي أكثر من تواجدهم في منازلهم، ولم يعد الالتزام بدفع الاشتراك السنوي كما كان يحرص عليه الأعضاء مع نهاية كل شهر بل أصبح هذا الأمر مرتبطاً بموعد انعقاد الجمعية العمومية والانتخابات ومن فئة محدودة جداً من الأعضاء، الأمر الذي قلص أعداد الأعضاء المصرح لهم بالترشح لمجالس الإدارة والتصويت في الانتخابات لأرقام خجولة جداً!

جمعيات عمومية لأندية عريقة وذات شعبية كبيرة تحولت بقدرة قادر إلى فئات خاصة يتولى أصحاب النفوذ في هذه الأندية مهمة تسديد اشتراكات تلك الفئات لضمان أصواتهم الانتخابية من أجل التمسك بمناصبهم الإدارية واستمراريتهم في السلطة!

عندما تحاول البحث عن مسببات هذا التحول الخطير في الدور الذي يفترض أن تلعبه الجمعيات العمومية كجهة رقابية أساسية وظاهرة شراء الأصوات الانتخابية المنافية للأعراف الديمقراطية، تبرز لك مبررات متفاوتة في منطقيتها مثل؛ الانشغالات الشخصية والعائلية، وندرة الفعاليات الجذابة في الأندية، وبعد مقار الأندية عن محال الإقامة السكنية في ظل المتغيرات الكبيرة في الوضع السكاني العام.

المهم هو أن يسعى المعنيون بشأن الأندية سواء في وزارة شؤون الشباب والرياضة أو في الأندية نفسها سعياً جاداً لتفعيل دور الجمعيات العمومية وتسهيل مهمة اكتساب العضويات وتنشيط دور اللجان الداخلية في الأندية لإحياء الفعاليات الترفيهية والثقافية والفنية والرياضية والاجتماعية التي تلامس رغبات الأعضاء وتحفزهم على التواجد في الأندية بدلاً من التوجه إلى المجمعات التجارية والمقاهي الشعبية والمجالس الخاصة!

أما ظاهرة شراء الأصوات فإن مسألة القضاء عليها مرهونة بضمائر أولئك النفر الذين لا يؤمنون بالمثل القائل «لكل زمان دولة ورجال» ولا يهمهم سوى التمسك بمناصبهم حتى الرمق الأخير في حياتهم!

لقد كانت أنديتنا في الماضي مجرد بيوت شعبية ودكاكين صغيرة ولكنها كانت عامرة بمرتاديها من الأعضاء الملتزمين والمخلصين ومزدهرة بالنشاط والحيوية في كل المجالات، بينما لدينا اليوم أندية نموذجية، المباني والمنشآت، ولكنها خاوية على عروشها، ولا ندري متى ستعود إليها الحياة والحيوية!