في غمرة الهوس بالتجني على كل ما هو عربي -أوطانا وثقافة وأرومة- يطال التجني تاريخ العرب وحضارتهم وإرثهم الثقافي والعلمي والفني حتى كأن جرثومتهم في ظن -الخبثاء والجهلاء- هي سبب جنوح البشرية وعذاباتها وليس سبباً آخر!
كان أحدهم إن رآني أحمل كتاباً أجنبياً أو مترجماً هلل في وجهي وأقبل يكيل المديح لحسن اختياري ورجاحة عقلي وأسهب في -خفة- يكيل المديح لعلماء الغرب والشرق -من غير العرب- وإن رآني أحمل كتاباً لمفكر عربي أسودّ وجهه وأخذ يتمتم بشفتيه حسرة على ما أضيعه من وقت وجهد، ثم كرر قالة منكورة مشهورة في إحدى الدول العربية «إن عربت خربت»، ثم أردف: هذه مقولة لابن خلدون، والعرب ليسوا أمة علم، فكل العلماء والفلاسفة عبر التاريخ ليسوا عرباً، وحتى في عصور الخلافة الإسلامية كان العلماء من «العجم»، أما العصر الحديث فخير شاهد على تخلفهم!
كان صاحبنا من هذه الفئة التي ما فتئت تردد -كالببغاء- مقولات خاطئة شائعة تحط من دور العرب في التاريخ والحضارة الإنسانية وتعلي من غيرهم خاصة إن كانوا من ذوي البشرة البيضاء والأعين الزرقاء، وكأنهم -ذراع استعمارية بغيضة- لاتزال تمارس التنميط والاحتقار للإنسان العربي حتى يستمر ابتلاع هذه المنطقة ووأد الهوية العربية، وكان حديث صاحبنا يذكرني بما كنا نسمعه من إذاعة ما يسمى «صوت إسرائيل» إبان نكسة عام 67!
هؤلاء الذين تناسلوا وتكاثروا حتى أصبحوا يمثلون تحدياً يعطل انطلاق أي جهد عربي مخلص -في أي بقعة عربية- نحو الأمام، يحتقرون اللغة العربية، والمدارس العربية، والفنون العربية، والثقافة العربية، والشخصية العربية، والتاريخ العربي قديمه وحديثه، وربما أظهروا بعض الاحترام للنبي العربي فقط -نفاقاً ودرءاً لاتهامهم بازدراء دين الله-!!
أما مناقشة هذه القالة المنكورة والفرية المكذوبة، فإنها بلا برهان ولا تستند إلى دليل، بل إن التاريخ يكذبها والشواهد تنقضها ومن يرد الدليل فسوف نورد بالأسماء والأرقام والمواقع كيف أن جل العلماء في تاريخ العرب والمسلمين كانوا عرباً أقحاحاً، وأن بروز بعض الأسماء من غير الغرب أمر يدل على تسامح الثقافة الإسلامية واندثار الشعوبية، وانتشار مبدأ تكافؤ الفرص لكل من اجتهد في مضمار العلم لأمة دستورها عربي وهو «اقرأ» فهي أمة العلم بلا افتئات، وهي أمة المساواة التي لا فضل فيها لعربي على أعجمي إلا بما قدم من خير، هكذا تقرأ ملامح التاريخ في سياقها وظروفها، وليس في إطار من الكراهية، وإن المقولات التي يرددها هؤلاء وينسبونها لعلماء مثل ابن خلدون -وهو عربي قح- للحط من شأن العرب وصورتهم في العالم إنما هو كذب وتحريف، وحتى إن صح أن ابن خلدون قال في مقدمته ما يقلل من شأن العرب فإن كلامه ليس وحياً منزلاً وهو باحث يخطئ ويصيب، وقد تصدى له أكثر من مفكر معاصر وغير معاصر وأسهب في تفنيد وشرح وتأويل كلامه في المقدمة بما أنصف العرب، بل إن كثيراً من المفكرين الأجانب والمستشرقين وضعوا مؤلفات كاملة في فضل العرب على العالم، ومن هؤلاء جوستاف لوبون، وزيجريد هونكه، والمؤرخ الإنجليزي هاسكنز، والمؤرخ الفرنسي سيديو، والبابا سلفستر، وغيرهم كثير، وهذه بعض أسماء العلماء الذين كان لهم شأن رفيع في بناء الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية التي سطعت على العالم بأسره ومن هؤلاء:
في العلوم الدينية: أئمة المذاهب الفقهية، فالإمام مالك صاحب المذهب المالكي من قبيلة الأصبح اليمنية، والإمام أحمد بن حنبل «الحنابلة» من قبيلة بني شيبان، والشافعي من بني هاشم من قريش.. وعالم المالكية في الأندلس «ابن العربي» من بني معافر.. وقطب الصوفية في المشرق «ابن عربي» من قبيلة طيء وكذلك معظم مؤسسي الفرق الأخرى، أما العلوم الدنيوية فمنهم: الفيلسوف: يعقوب بن إسحاق بن الصباح الكندي «قبيلة كندة -نجد-»، ومؤسس علم الاجتماع: عبدالرحمن بن خلدون الحضرمي «اليماني الإشبيلي «الأندلسي»، والفلكي الأندلسي إبراهيم بن يحيى التجيبي «قبيلة بني تجيب» معروف بابن الزرقالة، والمؤرخ الكبير: الإمام ابن الأثير الشيباني الجزري -قبيلة بني شيبان-، وعالم الكيمياء جابر بن حيان بن عبدالله الأزدي الكوفي -قبيلة الأزدـ، والعالم والطبيب الجرّاح أبوالقاسم الزهراوي، والطبيب الدمشقي ابن السويدي الأنصاري الأوسي، والطبيب والعالم بالفلاحة والصيدلة ابن مهند اللخمي الأندلسي من بني لخم، والطبيب علي بن ابي الحزم القرشي الدمشقي الملقب ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى، والرحالة الجغرافي والأديب صاحب «رحلة ابن جبير» الأندلسي الكناني، وعالم البصريات «ابن الهيثم»، والعالم بالطب ابن الأزرق اليماني، والفيلسوف ابن طفيل القيسي الأندلسي، والعالم بالرياضيات ابن البناء الأزدي، والفيلسوف أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الأندلسي، والمؤرخ الباحث ابن بشكوال الخزرجي الأنصاري الأندلسي، والطبيب والعالم الشاعر علي بن يوسف بن حيدرة الرحبي، والفلكي واللغوي اليماني إبراهيم بن علي بن محمد بن منصور الأصبحي، والمؤرخ والفقيه المالكي الأندلسي إبراهيم بن محمد بن الحسين الأموي، والعالم الفلكي والموسيقي رجب بن حسين بن علوان الحموي، والمحدث والمؤرخ أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الغرناطي، والمهندس والفلكي ابن الصفار الأندلسي الغافقي، والطبيب والعالم بأمراض العين ومداواتها عمّار بن علي الموصلي، والطبيب العربي الكندي، مكتشف الدورة الدموية الكبرى، والفيلسوف ابن ماجة التجيبي الأندلسي السرقسطي، والطبيب والعالم بالحساب والفلك غرس الدين ابن النقيب، والرحالة الأديب محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي، والمؤرخ والجغرافي القزويني الأنصاري النجاري، والمؤرخ والعلامة والجغرافي والمحدث أبو حاتم التميمي البستي، والطبيب والمؤرخ العربي ابن أبي أصيبعة الأنصاري الخزرجي، والطبيب والعالم بالجراحة أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي الأندلسي، والمؤرخ والقاضي صاعد الأندلسي التغلبي، والطبيب وصاحب التصانيف في الفن أبو بكر الشريف الصقلي التونسي، وغيرهم كثير بأعداد لا تكاد تحصى.
كان أحدهم إن رآني أحمل كتاباً أجنبياً أو مترجماً هلل في وجهي وأقبل يكيل المديح لحسن اختياري ورجاحة عقلي وأسهب في -خفة- يكيل المديح لعلماء الغرب والشرق -من غير العرب- وإن رآني أحمل كتاباً لمفكر عربي أسودّ وجهه وأخذ يتمتم بشفتيه حسرة على ما أضيعه من وقت وجهد، ثم كرر قالة منكورة مشهورة في إحدى الدول العربية «إن عربت خربت»، ثم أردف: هذه مقولة لابن خلدون، والعرب ليسوا أمة علم، فكل العلماء والفلاسفة عبر التاريخ ليسوا عرباً، وحتى في عصور الخلافة الإسلامية كان العلماء من «العجم»، أما العصر الحديث فخير شاهد على تخلفهم!
كان صاحبنا من هذه الفئة التي ما فتئت تردد -كالببغاء- مقولات خاطئة شائعة تحط من دور العرب في التاريخ والحضارة الإنسانية وتعلي من غيرهم خاصة إن كانوا من ذوي البشرة البيضاء والأعين الزرقاء، وكأنهم -ذراع استعمارية بغيضة- لاتزال تمارس التنميط والاحتقار للإنسان العربي حتى يستمر ابتلاع هذه المنطقة ووأد الهوية العربية، وكان حديث صاحبنا يذكرني بما كنا نسمعه من إذاعة ما يسمى «صوت إسرائيل» إبان نكسة عام 67!
هؤلاء الذين تناسلوا وتكاثروا حتى أصبحوا يمثلون تحدياً يعطل انطلاق أي جهد عربي مخلص -في أي بقعة عربية- نحو الأمام، يحتقرون اللغة العربية، والمدارس العربية، والفنون العربية، والثقافة العربية، والشخصية العربية، والتاريخ العربي قديمه وحديثه، وربما أظهروا بعض الاحترام للنبي العربي فقط -نفاقاً ودرءاً لاتهامهم بازدراء دين الله-!!
أما مناقشة هذه القالة المنكورة والفرية المكذوبة، فإنها بلا برهان ولا تستند إلى دليل، بل إن التاريخ يكذبها والشواهد تنقضها ومن يرد الدليل فسوف نورد بالأسماء والأرقام والمواقع كيف أن جل العلماء في تاريخ العرب والمسلمين كانوا عرباً أقحاحاً، وأن بروز بعض الأسماء من غير الغرب أمر يدل على تسامح الثقافة الإسلامية واندثار الشعوبية، وانتشار مبدأ تكافؤ الفرص لكل من اجتهد في مضمار العلم لأمة دستورها عربي وهو «اقرأ» فهي أمة العلم بلا افتئات، وهي أمة المساواة التي لا فضل فيها لعربي على أعجمي إلا بما قدم من خير، هكذا تقرأ ملامح التاريخ في سياقها وظروفها، وليس في إطار من الكراهية، وإن المقولات التي يرددها هؤلاء وينسبونها لعلماء مثل ابن خلدون -وهو عربي قح- للحط من شأن العرب وصورتهم في العالم إنما هو كذب وتحريف، وحتى إن صح أن ابن خلدون قال في مقدمته ما يقلل من شأن العرب فإن كلامه ليس وحياً منزلاً وهو باحث يخطئ ويصيب، وقد تصدى له أكثر من مفكر معاصر وغير معاصر وأسهب في تفنيد وشرح وتأويل كلامه في المقدمة بما أنصف العرب، بل إن كثيراً من المفكرين الأجانب والمستشرقين وضعوا مؤلفات كاملة في فضل العرب على العالم، ومن هؤلاء جوستاف لوبون، وزيجريد هونكه، والمؤرخ الإنجليزي هاسكنز، والمؤرخ الفرنسي سيديو، والبابا سلفستر، وغيرهم كثير، وهذه بعض أسماء العلماء الذين كان لهم شأن رفيع في بناء الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية التي سطعت على العالم بأسره ومن هؤلاء:
في العلوم الدينية: أئمة المذاهب الفقهية، فالإمام مالك صاحب المذهب المالكي من قبيلة الأصبح اليمنية، والإمام أحمد بن حنبل «الحنابلة» من قبيلة بني شيبان، والشافعي من بني هاشم من قريش.. وعالم المالكية في الأندلس «ابن العربي» من بني معافر.. وقطب الصوفية في المشرق «ابن عربي» من قبيلة طيء وكذلك معظم مؤسسي الفرق الأخرى، أما العلوم الدنيوية فمنهم: الفيلسوف: يعقوب بن إسحاق بن الصباح الكندي «قبيلة كندة -نجد-»، ومؤسس علم الاجتماع: عبدالرحمن بن خلدون الحضرمي «اليماني الإشبيلي «الأندلسي»، والفلكي الأندلسي إبراهيم بن يحيى التجيبي «قبيلة بني تجيب» معروف بابن الزرقالة، والمؤرخ الكبير: الإمام ابن الأثير الشيباني الجزري -قبيلة بني شيبان-، وعالم الكيمياء جابر بن حيان بن عبدالله الأزدي الكوفي -قبيلة الأزدـ، والعالم والطبيب الجرّاح أبوالقاسم الزهراوي، والطبيب الدمشقي ابن السويدي الأنصاري الأوسي، والطبيب والعالم بالفلاحة والصيدلة ابن مهند اللخمي الأندلسي من بني لخم، والطبيب علي بن ابي الحزم القرشي الدمشقي الملقب ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى، والرحالة الجغرافي والأديب صاحب «رحلة ابن جبير» الأندلسي الكناني، وعالم البصريات «ابن الهيثم»، والعالم بالطب ابن الأزرق اليماني، والفيلسوف ابن طفيل القيسي الأندلسي، والعالم بالرياضيات ابن البناء الأزدي، والفيلسوف أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الأندلسي، والمؤرخ الباحث ابن بشكوال الخزرجي الأنصاري الأندلسي، والطبيب والعالم الشاعر علي بن يوسف بن حيدرة الرحبي، والفلكي واللغوي اليماني إبراهيم بن علي بن محمد بن منصور الأصبحي، والمؤرخ والفقيه المالكي الأندلسي إبراهيم بن محمد بن الحسين الأموي، والعالم الفلكي والموسيقي رجب بن حسين بن علوان الحموي، والمحدث والمؤرخ أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الغرناطي، والمهندس والفلكي ابن الصفار الأندلسي الغافقي، والطبيب والعالم بأمراض العين ومداواتها عمّار بن علي الموصلي، والطبيب العربي الكندي، مكتشف الدورة الدموية الكبرى، والفيلسوف ابن ماجة التجيبي الأندلسي السرقسطي، والطبيب والعالم بالحساب والفلك غرس الدين ابن النقيب، والرحالة الأديب محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي، والمؤرخ والجغرافي القزويني الأنصاري النجاري، والمؤرخ والعلامة والجغرافي والمحدث أبو حاتم التميمي البستي، والطبيب والمؤرخ العربي ابن أبي أصيبعة الأنصاري الخزرجي، والطبيب والعالم بالجراحة أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي الأندلسي، والمؤرخ والقاضي صاعد الأندلسي التغلبي، والطبيب وصاحب التصانيف في الفن أبو بكر الشريف الصقلي التونسي، وغيرهم كثير بأعداد لا تكاد تحصى.