* غزو الكويت نَدبة لا تزول وجرم لا يغتفر عند كل عائلة شهيد كويتي
* عملية غزو الكويت تركت أثارها على شعوب المنطقة وبالأخص الخليجية
* مشاهد اختطاف وتعذيب الشعب الكويتي المقاوم لن ينساها من عاصروا الفترة
* كثير من العراقيين اعترفوا أن غزو الكويت أكبر خطأ في تاريخ المنطقة عامة
* الغزو كان بداية النهاية لنظام صدام حسين الجائر وبفعله المشين حفر قبره بيده
* تشجيع العراق على غزو الكويت بداية الدخول إلى فخ الفتن ونجاح إشعال الصراعات الطائفية في المنطقة
* العراق تحولت بعد إسقاط النظام إلى منطقة تصدر الإرهاب وتهدد أمن دول الخليج العربي
* خطأ الغزو الفادح تسبب في إيجاد كرة ثلج مدمرة أهدرت دماء الآلاف من الأبرياء
* فجيعة قيادة وشعب الكويت بغدر النظام العراقي ذكرى ستظل ثابتة باقية في التاريخ
* مؤشرات مرحلة ما قبل الغزو أكدت وجود نية مبيتة لدى النظام العراقي إلى القيام بالاعتداء
* أغلقت الحدود البرية بين البلدين في الأول من أغسطس وفي اليوم التالي تفاجأ بالاعتداء
* حماقة نظام صدام حسين التاريخية دفع ثمنها شعب العراق بأكمله إلى اليوم
* آثار الغزو باقية في نفوس الشعب الكويتي حتى بعد عودة العلاقات مع العراق
* مقولة الملك فهد الشهيرة "إذا راحت الكويت راحت السعودية" عكست مواقف الرياض الثابتة في نجدة أشقائها
* الموقف السعودي هو الأبرز دولياً خلال غزو الكويت حيث عُقد تحالف عسكري مع أمريكا لتحرير الكويت
* القوات البحرينية هي أول قوات برية نزلت على أرض الكويت لتحريرها
* البحرين دعمت تحرير الكويت عسكرياً وسلاح الجو البحريني شارك بفاعلية
ذكرى الحروب لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الشعوب خاصة التي عاصرتها ثم الأجيال اللاحقة التي أخذت تفاصيل الرواية ممن عاصروها واستشهدت من المصادر الموثوقة، بعض الحروب الدموية تورث أزمات تاريخية وتفتح بوابات شر تظل الأجيال المتتالية تدفع ثمن فاتورتها!
مرت علينا هذا الأسبوع ذكرى غزو الكويت المؤلمة التي تصادف 2 أغسطس من كل عام، هذه الذكرى التي تركت نَدبة لا تزول في قلب كل كويتي، وأثراً وجرماً لا يغتفر له عند كل عائلة شهيد كويتي، وكما تركت آثارها على شعب الكويت كذلك هي تركت آثارها على شعوب دول المنطقة وبالأخص على شعوب دول الخليج العربي الذين عاصروا أياماً مفزعة ومؤلمة بالنسبة لهم، بل كثير منهم كان لا يعلم إن كانأباه أبوه أخوه المنتسب للقوات الدفاعية سيعود إليهم أو لا، وكيف سيغدو مصير المنطقة أمام تنامي التهديدات العراقية بشن الغارات وضرب الدول المشاركة في تحرير الكويت عسكرياً؟!
إن تفاصيل الغزو المفجعة والدامية التي انتهك فيها حق شعب خليجي عربي شقيق واعتداء الأخ على أخيه وتعديه لحدود الجيرة وحقوق الأخوة، كان العنوان الأبرز لغزو الكويت، بل إن تفاصيل اختطاف وتعذيب الكويتيين الذين قاوموا الاحتلال العراقي واستشهدوا في سبيل الدفاع عن أرضهم وحماية شعبهم أمور لا تغتفر ومشاهد لن ينساها من عاصر تلك الفترة وتعتبر من الخطوط الحمراء التي لا يقبل النقاش فيها مهما كانت مبررات الغزو العراقي والأسباب التي أدت إلى ذلك من الجانب الآخر.
فكثير من العراقيين بعدها اعترفوا أن أكبر خطأ تم في تاريخ المنطقة ككل الغزو العراقي للكويت، بل إن كثيراً من المحللين السياسيين يجدون أن هذا الغزو كان بداية النهاية لنظام صدام حسين الجائر، وأنه بفعله المشين حفر قبره بيده وأنها كانت كذلك بداية الدخول إلى فخ الفتن، فتشجيع العراق على غزو الكويت كان بداية إنجاح إشعال الصراعات الطائفية في المنطقة وتغلغل المشاريع الصفوية في العراق ومن ثم انتشارها على مستوى المنطقة وتحويل العراق بعد إسقاط نظامها الجائر إلى منطقة تصدر الإرهاب والجماعات الإرهابية وتهديد أمن واستقرار دول الخليج العربي نظراً لموقع العراق الاستراتيجي والقريب من موقع دول الخليج وبالأخص الكويت الشقيقة، لقد تسبب ذلك الخطأ الفادح جداً والبليغ في إيجاد كرة ثلج مدمرة تسببت بهدر دماء الآلاف من الأبرياء سواء في الكويت أو العراق وحتى دول الخليج العربي والمنطقة العربية ككل نتيجة الأعمال الإرهابية المدمرة التي تمت ولاتزال تعاني المنطقة وتدفع ثمن ذلك الخطأ التاريخي الفادح جداً.
ما نود قوله كبحرينيين إلى شعب الكويت الشقيق إن تلك الجراح الغائرة في نفوسكم وتلك الفجيعة التي لم يتخيلها خليجي قط أن تحدث بين الأشقاء وغدر النظام العراقي بقيادة وشعب الكويت، هي ذكرى ستظل ثابتة في تاريخ الحروب بالمنطقة، فهناك عدد من المسميات التي أطلقت على غزو العراق للكويت منها حرب الخليج الثانية. لقد كانت المؤشرات في تلك الفترة وما قبل مرحلة غزو الكويت تشير إلى وجود نيه مبيته لدى النظام العراقي إلى القيام باعتداء آثم، وتشير عدد من التقارير الإخبارية إلى واقعة أنه خلال القمة العربية المنعقدة في بغداد عام 1990 كانت كلمة الرئيس العراقي صدام حسين والتي هاجم فيها الكويت الشقيقة تتنبأ بوقوع أمر ما وكانت المساعي والواسطة السعودية لاحتواء الأزمة وصلت إلى اقتراح عقد مباحثات عراقية كويتية في جدة خلال يوليو 1990، لكن المباحثات لم تصل إلى أي نتيجة وتم إغلاق الحدود البرية بين البلدين بتاريخ 1 أغسطس ليتفاجأ العالم في اليوم الذي يليه أي 2 أغسطس بقيام النظام العراقي بالتعدي العسكري على دولة الكويت الشقيقة، حيث تم احتلال الكويت خلال يومين وذلك الغزو كان الغزو المدمر على المدى البعيد لجميع دول المنطقة والبوابة التي فتحت لها تسرب وتغلغل الخلايا الإرهابية وقيامهم بالتدريب وتوريد الأسلحة على أرض العراق التي تحولت إلى معسكرات تدريبية للخلايا الإرهابية التي سيطر عليها نظام الملالي.
اللافت أن التعنت العراقي أمام المطالبة بسحب القوات العراقية الغازية واستمرار النظام العراقي على منهجية احتلال الكويت واختطاف شرعيها ورفض جميع المبادرات والمباحثات التي حاولت أن تجنب المنطقة ويلات الحروب والصراعات، لم تُجدِ مع هذا النظام الذي أخذته العزة بالإثم والغرور والاعتداد بعدم التراجع، وتلك الحماقة التاريخية دفع ثمنها لاحقاً الشعب العراقي بأكمله إلى يومنا هذا، فحتى بعد عودة العلاقات الكويتية العراقية بعد إسقاط نظام صدام حسين الجائر إلا أنه لاتزال آثار الحرب والغزو باقية في نفوس الشعب الكويتي وفي بعض السياسات الكويتية ولايزال يقال إن هناك لعنة كويتية لا تزول قد حلت على أرض العراق!
لقد كان الموقف السعودي هو الأبرز دولياً، والموقف الصارم والوقفة الأخوية التي قام بها ملك السعودية الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله آنذاك في جملته الشهيرة «الكويت لا بد أن ترجع هذا كل تفكيري، إذا راحت كرامة الكويت راحت كرامة السعودية، الحقيقة الموت والحياة تساوت عندنا واحد بواحد، بعدما احتلت الكويت وبعدما شفت بعيني وشلي عمل في الشعب الكويتي، يا نعيش سوى يا ننتهي سوى، هذا القرار الذي اتخذته ولا في أي سعودي ما اتفق معاي في نفس هذا القرار، يا تبقى الكويت والسعودية يا تنتهي السعودية والكويت، لا يمكن تنتهي واحدة وتبقى الثانية»، عكست مواقف السعودية الثابتة في نجدة أشقائها، لقد بذل الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وقتها تحركات سريعة ومتتالية على مستويات عدة، وأعلن أن السعودية ستقاتل حتى تستعيد شرعية الكويت، ورغم أن المبعوث العراقي الذي جاء إلى الملك فهد رحمه الله بعد غزو الكويت أكد أن السعودية لن تتعرض لأي تهديد أمني رد عليه بجملته الشهيرة أيضاً «إني أناقش وضع الكويت وليس أمن المملكة العربية السعودية»، في رسالة حازمة منه أن شرعية الكويت خط أحمر لا يمكن تجاوزه وأنه ليست هناك حدود تفصل ما بين أمن الكويت وأمن السعودية.
يذكر التاريخ الخليجي ويشهد أن الملك فهد رحمه الله بذل جهوداً كبيرة في إيجاد تحالف عسكري بين قوات درع الجزيرة وبين القوات السعودية وبين القوات الأمريكية لتحرير الكويت، لقد تضامن أمير البحرين الراحل المغفور له بإذنه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة مع قضية الكويت وفتح أرض البحرين لاستقبال الشعب الكويتي، وتم تخصيص عدد من المشاريع الإسكانية الجديدة لاستقبال العوائل الكويتية وتوفير كافة الخدمات والاحتياجات لهم، وكان هناك استنفار عسكري في البحرين وقتها، وقد أرسلت البحرين قوة عسكرية مجهزة لتشارك ضمن قوات درع الجزيرة لتحرير أرض الكويت، كما شارك سلاح الجو البحريني، ويذكر التاريخ أن أول شهيد بحريني في حرب تحرير الكويت هو محمد مبارك بوعنق، وأول قوات برية نزلت على أرض الكويت خلال معركة تحرير الكويت هي القوات البحرينية التي كانت تحمل اسم المغفور له بإذنه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، فأمير البلاد الراحل كان قريباً جداً من قيادة وشعب الكويت، ولم تكن الوقفات بسبب روابط الدم والنسب بين العائلتين الحاكمتين فحسب، إنما أيضاً من باب واجبات الأخوة والتلاحم والحفاظ على سلامة واستقرار الشعب الكويتي وإعادة حقه الشرعي في بلاده.
ذلك بالطبع ما يجهله النظام القطري الذي لا يفقه في روابط النسب والدم ولا يقف عند الأخلاقيات العامة وحقوق الجيرة والمواقف الأخوية حينما عقد اجتماع طارئ لدول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة ديسمبر 1990 أمام محاولة النظام القطري وقتها في موقف مخزٍ جداً طرح قضية الخلاف الحدودي مع البحرين خلال الاجتماع، دون التركيز على ملف القضية الكويتية، حيث أصر النظام القطري أن تعقد القمة الخليجية في الدوحة، ويذكر التاريخ أن أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني قام بسحب «المايك» من والده خليفة بن حمد آل ثاني أمير قطر وقتها، وقال «نحن رؤساء القمة ولم تتم مناقشة موضوع غزو الكويت إلا إذا حسمنا موضوع جزيرة حوار وأقرت البحرين أنها لنا!!»، حيث تم توبيخه من بقية القادة وعلى رأسهم الملك فهد رحمه الله على سوء تصرفه مع والده وما قام به من تجاوز، حيث أعلن المجلس أنهم اجتمعوا لمناقشة قضية غزو الكويت بشكل مستعجل وأنها من أولويات القضايا التي من الواجب بحثها بأسرع وقت ممكن، وأعلن المجلس في بيانه الختامي أن أي اعتداء على أي دولة خليجية هو اعتداء على منظومة دول مجلس التعاون ككل، وتم التأكيد على الوقوف في وجه العدوان العراقي والتصميم على مقاومته وإزالة آثاره ونتائجه، حيث تم تسخير كافة القدرات العسكرية والمالية من أجل تحرير الكويت.
هذا الموقف المخزي للعلم ليس مستغرباً من نظام قام بالاعتداء الآثم بالأصل عام 1986 على مملكة البحرين، حينما قامت القوات القطرية باعتداء عسكري على فشت الديبل البحرينية يوم السبت 26 أبريل 1986 تم خلالها اعتقال وأسر مهندسين وعمال يتبعون الشركة الهولندية التي تعمل في فشت الديبل البحرينية، وإطلاق الرصاص من قبل الجنود القطريين وتخريب المنشآت والمرافق وإغراق سفينة سيهوك، حيث تفاجأت قيادة وشعب مملكة البحرين وقتها بهذا الاعتداء العسكري الجائر من قبل النظام القطري وتجاوزهم للأعراف الدولية والتعدي على سيادة البحرين وتهديد أمنها وبالأخص أمن جزر حوار، حيث ظلت تحتل فشت الديبل لمدة خمسين يوماً متواصلة، وكان من الممكن أن تنشب الخلافات وتتطور لوقوع حرب حدودية أصلاً لولا سياسة ضبط النفس من جانب النظام البحريني الذي أراد المصلحة العامة للمنطقة والحفاظ على الروابط الأخوية ومنظومة دول مجلس التعاون الخليجي والاستجابة للواسطة السعودية وقتها، وأيضاً التاريخ كان يكرر نفسه في عام 2011 حينما قام النظام القطري بالتدخل غير المباشر في سيادة البحرين عبر تمويل الجماعات الإرهابية وتمكينها ودعم إرهاب عملاء إيران لمحاولة قلب نظام الحكم البحريني، فجراح البحرينيين مع نظام قطر الجائر كما هي جراح أهل الكويت مع نظام صدام حسين المعتدي، والفرق فقط أن صدام حسين جار عسكرياً أمام أنظار العالم وتمكن من احتلال الكويت بالكامل فيما النظام القطري نجح في احتلال فشت الديبل البحرينية لمدة 50 يوماً متواصلة وكان من الممكن أن يتكرر سيناريو غزو العراق للكويت في البحرين وقتها ويغدر الأخ بأخيه لولا لطف الله، فتنظيم الحمدين قطر في حماقاته هو نسخة مماثلة بالأصل من حماقات نظام صدام حسين.
لذا لا غرابة أن الذباب الإلكتروني القطري حاول قبل سنتين التقليل من شأن هذه المواقف بادعاء أن السعودية والبحرين والإمارات لم يكن لهم دور في حرب تحرير الكويت، حينما أكدوا أن أمريكا هي صاحبة الفضل الأول في تحرير الكويت، متجاهلين الجهود الدبلوماسية والتحركات التي تمت قبل حرب تحرير الكويت، في محاولة منهم لتجاهل الموقف المخزي للنظام القطري وقتها أصلاً والتغطية عليه.
لقد سطر الشعب الكويتي أروع مواقف البطولة والشجاعة حينما اتحدت جميع طوائفه ومذاهبه لأجل الوقوف صفاً واحداً ضد النظام العراقي الجائر، خونة الكويت الذين كشفت أقنعتهم ونفاقهم فور احتلال الكويت وأعلنوا عن وقوفهم مع النظام العراقي الجائر لفظهم التاريخ الكويتي كما لفظتهم أرض الكويت الشامخة ورحلوا إلى مكب النسيان، فيما لايزال التاريخ الكويتي يستحضر في كل مناسبة التضحيات النفيسة لأبطال تحرير الكويت وشهداء الكويت والأسرى الذين تمت تصفيتهم لاحقاً، فهم في ذاكرة حرب الخليج منارات الوطنية المشرفة والتضحيات، فعندما ترى وطنك وهو يتعرض لاختراق عسكري مدمر فتتألم وتثور وتشتد حميتك الوطنية تدرك كم أنت غني بحبك لوطنك وكم هم فقراء خونة الأوطان ومحرومون من نعمة عشق الوطن والولاء لقيادته، فكل شيء قابل للتعويض إلا الوطن إذا رحل رحلت معه هويتك وتاريخك وأمانك، الكويت اليوم هي دولة النهار بعد أن كانت بالأمس القريب مظلمة بأوجاعها وأحزانها والآثار التي حصدتها بعد تحرير أرضها من القوات العراقية، حيث احتاجت لسنوات حتى يعود الاقتصاد الكويتي ويعود عمران الكويت وتنميتها، لقد أدرك شعب الكويت وقتها كم هي غالية أرض الكويت وكم هو موجع أن تختطف وتبقى مختطفة بيد أعدائها، كما أدركوا صدق معاني الأخوة من دول الخليج وبالأخص السعودية والبحرين والإمارات، حفظ الله قيادة وشعب الكويت وأدام أمنها واستقرارها.
{{ article.visit_count }}
* عملية غزو الكويت تركت أثارها على شعوب المنطقة وبالأخص الخليجية
* مشاهد اختطاف وتعذيب الشعب الكويتي المقاوم لن ينساها من عاصروا الفترة
* كثير من العراقيين اعترفوا أن غزو الكويت أكبر خطأ في تاريخ المنطقة عامة
* الغزو كان بداية النهاية لنظام صدام حسين الجائر وبفعله المشين حفر قبره بيده
* تشجيع العراق على غزو الكويت بداية الدخول إلى فخ الفتن ونجاح إشعال الصراعات الطائفية في المنطقة
* العراق تحولت بعد إسقاط النظام إلى منطقة تصدر الإرهاب وتهدد أمن دول الخليج العربي
* خطأ الغزو الفادح تسبب في إيجاد كرة ثلج مدمرة أهدرت دماء الآلاف من الأبرياء
* فجيعة قيادة وشعب الكويت بغدر النظام العراقي ذكرى ستظل ثابتة باقية في التاريخ
* مؤشرات مرحلة ما قبل الغزو أكدت وجود نية مبيتة لدى النظام العراقي إلى القيام بالاعتداء
* أغلقت الحدود البرية بين البلدين في الأول من أغسطس وفي اليوم التالي تفاجأ بالاعتداء
* حماقة نظام صدام حسين التاريخية دفع ثمنها شعب العراق بأكمله إلى اليوم
* آثار الغزو باقية في نفوس الشعب الكويتي حتى بعد عودة العلاقات مع العراق
* مقولة الملك فهد الشهيرة "إذا راحت الكويت راحت السعودية" عكست مواقف الرياض الثابتة في نجدة أشقائها
* الموقف السعودي هو الأبرز دولياً خلال غزو الكويت حيث عُقد تحالف عسكري مع أمريكا لتحرير الكويت
* القوات البحرينية هي أول قوات برية نزلت على أرض الكويت لتحريرها
* البحرين دعمت تحرير الكويت عسكرياً وسلاح الجو البحريني شارك بفاعلية
ذكرى الحروب لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الشعوب خاصة التي عاصرتها ثم الأجيال اللاحقة التي أخذت تفاصيل الرواية ممن عاصروها واستشهدت من المصادر الموثوقة، بعض الحروب الدموية تورث أزمات تاريخية وتفتح بوابات شر تظل الأجيال المتتالية تدفع ثمن فاتورتها!
مرت علينا هذا الأسبوع ذكرى غزو الكويت المؤلمة التي تصادف 2 أغسطس من كل عام، هذه الذكرى التي تركت نَدبة لا تزول في قلب كل كويتي، وأثراً وجرماً لا يغتفر له عند كل عائلة شهيد كويتي، وكما تركت آثارها على شعب الكويت كذلك هي تركت آثارها على شعوب دول المنطقة وبالأخص على شعوب دول الخليج العربي الذين عاصروا أياماً مفزعة ومؤلمة بالنسبة لهم، بل كثير منهم كان لا يعلم إن كانأباه أبوه أخوه المنتسب للقوات الدفاعية سيعود إليهم أو لا، وكيف سيغدو مصير المنطقة أمام تنامي التهديدات العراقية بشن الغارات وضرب الدول المشاركة في تحرير الكويت عسكرياً؟!
إن تفاصيل الغزو المفجعة والدامية التي انتهك فيها حق شعب خليجي عربي شقيق واعتداء الأخ على أخيه وتعديه لحدود الجيرة وحقوق الأخوة، كان العنوان الأبرز لغزو الكويت، بل إن تفاصيل اختطاف وتعذيب الكويتيين الذين قاوموا الاحتلال العراقي واستشهدوا في سبيل الدفاع عن أرضهم وحماية شعبهم أمور لا تغتفر ومشاهد لن ينساها من عاصر تلك الفترة وتعتبر من الخطوط الحمراء التي لا يقبل النقاش فيها مهما كانت مبررات الغزو العراقي والأسباب التي أدت إلى ذلك من الجانب الآخر.
فكثير من العراقيين بعدها اعترفوا أن أكبر خطأ تم في تاريخ المنطقة ككل الغزو العراقي للكويت، بل إن كثيراً من المحللين السياسيين يجدون أن هذا الغزو كان بداية النهاية لنظام صدام حسين الجائر، وأنه بفعله المشين حفر قبره بيده وأنها كانت كذلك بداية الدخول إلى فخ الفتن، فتشجيع العراق على غزو الكويت كان بداية إنجاح إشعال الصراعات الطائفية في المنطقة وتغلغل المشاريع الصفوية في العراق ومن ثم انتشارها على مستوى المنطقة وتحويل العراق بعد إسقاط نظامها الجائر إلى منطقة تصدر الإرهاب والجماعات الإرهابية وتهديد أمن واستقرار دول الخليج العربي نظراً لموقع العراق الاستراتيجي والقريب من موقع دول الخليج وبالأخص الكويت الشقيقة، لقد تسبب ذلك الخطأ الفادح جداً والبليغ في إيجاد كرة ثلج مدمرة تسببت بهدر دماء الآلاف من الأبرياء سواء في الكويت أو العراق وحتى دول الخليج العربي والمنطقة العربية ككل نتيجة الأعمال الإرهابية المدمرة التي تمت ولاتزال تعاني المنطقة وتدفع ثمن ذلك الخطأ التاريخي الفادح جداً.
ما نود قوله كبحرينيين إلى شعب الكويت الشقيق إن تلك الجراح الغائرة في نفوسكم وتلك الفجيعة التي لم يتخيلها خليجي قط أن تحدث بين الأشقاء وغدر النظام العراقي بقيادة وشعب الكويت، هي ذكرى ستظل ثابتة في تاريخ الحروب بالمنطقة، فهناك عدد من المسميات التي أطلقت على غزو العراق للكويت منها حرب الخليج الثانية. لقد كانت المؤشرات في تلك الفترة وما قبل مرحلة غزو الكويت تشير إلى وجود نيه مبيته لدى النظام العراقي إلى القيام باعتداء آثم، وتشير عدد من التقارير الإخبارية إلى واقعة أنه خلال القمة العربية المنعقدة في بغداد عام 1990 كانت كلمة الرئيس العراقي صدام حسين والتي هاجم فيها الكويت الشقيقة تتنبأ بوقوع أمر ما وكانت المساعي والواسطة السعودية لاحتواء الأزمة وصلت إلى اقتراح عقد مباحثات عراقية كويتية في جدة خلال يوليو 1990، لكن المباحثات لم تصل إلى أي نتيجة وتم إغلاق الحدود البرية بين البلدين بتاريخ 1 أغسطس ليتفاجأ العالم في اليوم الذي يليه أي 2 أغسطس بقيام النظام العراقي بالتعدي العسكري على دولة الكويت الشقيقة، حيث تم احتلال الكويت خلال يومين وذلك الغزو كان الغزو المدمر على المدى البعيد لجميع دول المنطقة والبوابة التي فتحت لها تسرب وتغلغل الخلايا الإرهابية وقيامهم بالتدريب وتوريد الأسلحة على أرض العراق التي تحولت إلى معسكرات تدريبية للخلايا الإرهابية التي سيطر عليها نظام الملالي.
اللافت أن التعنت العراقي أمام المطالبة بسحب القوات العراقية الغازية واستمرار النظام العراقي على منهجية احتلال الكويت واختطاف شرعيها ورفض جميع المبادرات والمباحثات التي حاولت أن تجنب المنطقة ويلات الحروب والصراعات، لم تُجدِ مع هذا النظام الذي أخذته العزة بالإثم والغرور والاعتداد بعدم التراجع، وتلك الحماقة التاريخية دفع ثمنها لاحقاً الشعب العراقي بأكمله إلى يومنا هذا، فحتى بعد عودة العلاقات الكويتية العراقية بعد إسقاط نظام صدام حسين الجائر إلا أنه لاتزال آثار الحرب والغزو باقية في نفوس الشعب الكويتي وفي بعض السياسات الكويتية ولايزال يقال إن هناك لعنة كويتية لا تزول قد حلت على أرض العراق!
لقد كان الموقف السعودي هو الأبرز دولياً، والموقف الصارم والوقفة الأخوية التي قام بها ملك السعودية الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله آنذاك في جملته الشهيرة «الكويت لا بد أن ترجع هذا كل تفكيري، إذا راحت كرامة الكويت راحت كرامة السعودية، الحقيقة الموت والحياة تساوت عندنا واحد بواحد، بعدما احتلت الكويت وبعدما شفت بعيني وشلي عمل في الشعب الكويتي، يا نعيش سوى يا ننتهي سوى، هذا القرار الذي اتخذته ولا في أي سعودي ما اتفق معاي في نفس هذا القرار، يا تبقى الكويت والسعودية يا تنتهي السعودية والكويت، لا يمكن تنتهي واحدة وتبقى الثانية»، عكست مواقف السعودية الثابتة في نجدة أشقائها، لقد بذل الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وقتها تحركات سريعة ومتتالية على مستويات عدة، وأعلن أن السعودية ستقاتل حتى تستعيد شرعية الكويت، ورغم أن المبعوث العراقي الذي جاء إلى الملك فهد رحمه الله بعد غزو الكويت أكد أن السعودية لن تتعرض لأي تهديد أمني رد عليه بجملته الشهيرة أيضاً «إني أناقش وضع الكويت وليس أمن المملكة العربية السعودية»، في رسالة حازمة منه أن شرعية الكويت خط أحمر لا يمكن تجاوزه وأنه ليست هناك حدود تفصل ما بين أمن الكويت وأمن السعودية.
يذكر التاريخ الخليجي ويشهد أن الملك فهد رحمه الله بذل جهوداً كبيرة في إيجاد تحالف عسكري بين قوات درع الجزيرة وبين القوات السعودية وبين القوات الأمريكية لتحرير الكويت، لقد تضامن أمير البحرين الراحل المغفور له بإذنه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة مع قضية الكويت وفتح أرض البحرين لاستقبال الشعب الكويتي، وتم تخصيص عدد من المشاريع الإسكانية الجديدة لاستقبال العوائل الكويتية وتوفير كافة الخدمات والاحتياجات لهم، وكان هناك استنفار عسكري في البحرين وقتها، وقد أرسلت البحرين قوة عسكرية مجهزة لتشارك ضمن قوات درع الجزيرة لتحرير أرض الكويت، كما شارك سلاح الجو البحريني، ويذكر التاريخ أن أول شهيد بحريني في حرب تحرير الكويت هو محمد مبارك بوعنق، وأول قوات برية نزلت على أرض الكويت خلال معركة تحرير الكويت هي القوات البحرينية التي كانت تحمل اسم المغفور له بإذنه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، فأمير البلاد الراحل كان قريباً جداً من قيادة وشعب الكويت، ولم تكن الوقفات بسبب روابط الدم والنسب بين العائلتين الحاكمتين فحسب، إنما أيضاً من باب واجبات الأخوة والتلاحم والحفاظ على سلامة واستقرار الشعب الكويتي وإعادة حقه الشرعي في بلاده.
ذلك بالطبع ما يجهله النظام القطري الذي لا يفقه في روابط النسب والدم ولا يقف عند الأخلاقيات العامة وحقوق الجيرة والمواقف الأخوية حينما عقد اجتماع طارئ لدول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة ديسمبر 1990 أمام محاولة النظام القطري وقتها في موقف مخزٍ جداً طرح قضية الخلاف الحدودي مع البحرين خلال الاجتماع، دون التركيز على ملف القضية الكويتية، حيث أصر النظام القطري أن تعقد القمة الخليجية في الدوحة، ويذكر التاريخ أن أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني قام بسحب «المايك» من والده خليفة بن حمد آل ثاني أمير قطر وقتها، وقال «نحن رؤساء القمة ولم تتم مناقشة موضوع غزو الكويت إلا إذا حسمنا موضوع جزيرة حوار وأقرت البحرين أنها لنا!!»، حيث تم توبيخه من بقية القادة وعلى رأسهم الملك فهد رحمه الله على سوء تصرفه مع والده وما قام به من تجاوز، حيث أعلن المجلس أنهم اجتمعوا لمناقشة قضية غزو الكويت بشكل مستعجل وأنها من أولويات القضايا التي من الواجب بحثها بأسرع وقت ممكن، وأعلن المجلس في بيانه الختامي أن أي اعتداء على أي دولة خليجية هو اعتداء على منظومة دول مجلس التعاون ككل، وتم التأكيد على الوقوف في وجه العدوان العراقي والتصميم على مقاومته وإزالة آثاره ونتائجه، حيث تم تسخير كافة القدرات العسكرية والمالية من أجل تحرير الكويت.
هذا الموقف المخزي للعلم ليس مستغرباً من نظام قام بالاعتداء الآثم بالأصل عام 1986 على مملكة البحرين، حينما قامت القوات القطرية باعتداء عسكري على فشت الديبل البحرينية يوم السبت 26 أبريل 1986 تم خلالها اعتقال وأسر مهندسين وعمال يتبعون الشركة الهولندية التي تعمل في فشت الديبل البحرينية، وإطلاق الرصاص من قبل الجنود القطريين وتخريب المنشآت والمرافق وإغراق سفينة سيهوك، حيث تفاجأت قيادة وشعب مملكة البحرين وقتها بهذا الاعتداء العسكري الجائر من قبل النظام القطري وتجاوزهم للأعراف الدولية والتعدي على سيادة البحرين وتهديد أمنها وبالأخص أمن جزر حوار، حيث ظلت تحتل فشت الديبل لمدة خمسين يوماً متواصلة، وكان من الممكن أن تنشب الخلافات وتتطور لوقوع حرب حدودية أصلاً لولا سياسة ضبط النفس من جانب النظام البحريني الذي أراد المصلحة العامة للمنطقة والحفاظ على الروابط الأخوية ومنظومة دول مجلس التعاون الخليجي والاستجابة للواسطة السعودية وقتها، وأيضاً التاريخ كان يكرر نفسه في عام 2011 حينما قام النظام القطري بالتدخل غير المباشر في سيادة البحرين عبر تمويل الجماعات الإرهابية وتمكينها ودعم إرهاب عملاء إيران لمحاولة قلب نظام الحكم البحريني، فجراح البحرينيين مع نظام قطر الجائر كما هي جراح أهل الكويت مع نظام صدام حسين المعتدي، والفرق فقط أن صدام حسين جار عسكرياً أمام أنظار العالم وتمكن من احتلال الكويت بالكامل فيما النظام القطري نجح في احتلال فشت الديبل البحرينية لمدة 50 يوماً متواصلة وكان من الممكن أن يتكرر سيناريو غزو العراق للكويت في البحرين وقتها ويغدر الأخ بأخيه لولا لطف الله، فتنظيم الحمدين قطر في حماقاته هو نسخة مماثلة بالأصل من حماقات نظام صدام حسين.
لذا لا غرابة أن الذباب الإلكتروني القطري حاول قبل سنتين التقليل من شأن هذه المواقف بادعاء أن السعودية والبحرين والإمارات لم يكن لهم دور في حرب تحرير الكويت، حينما أكدوا أن أمريكا هي صاحبة الفضل الأول في تحرير الكويت، متجاهلين الجهود الدبلوماسية والتحركات التي تمت قبل حرب تحرير الكويت، في محاولة منهم لتجاهل الموقف المخزي للنظام القطري وقتها أصلاً والتغطية عليه.
لقد سطر الشعب الكويتي أروع مواقف البطولة والشجاعة حينما اتحدت جميع طوائفه ومذاهبه لأجل الوقوف صفاً واحداً ضد النظام العراقي الجائر، خونة الكويت الذين كشفت أقنعتهم ونفاقهم فور احتلال الكويت وأعلنوا عن وقوفهم مع النظام العراقي الجائر لفظهم التاريخ الكويتي كما لفظتهم أرض الكويت الشامخة ورحلوا إلى مكب النسيان، فيما لايزال التاريخ الكويتي يستحضر في كل مناسبة التضحيات النفيسة لأبطال تحرير الكويت وشهداء الكويت والأسرى الذين تمت تصفيتهم لاحقاً، فهم في ذاكرة حرب الخليج منارات الوطنية المشرفة والتضحيات، فعندما ترى وطنك وهو يتعرض لاختراق عسكري مدمر فتتألم وتثور وتشتد حميتك الوطنية تدرك كم أنت غني بحبك لوطنك وكم هم فقراء خونة الأوطان ومحرومون من نعمة عشق الوطن والولاء لقيادته، فكل شيء قابل للتعويض إلا الوطن إذا رحل رحلت معه هويتك وتاريخك وأمانك، الكويت اليوم هي دولة النهار بعد أن كانت بالأمس القريب مظلمة بأوجاعها وأحزانها والآثار التي حصدتها بعد تحرير أرضها من القوات العراقية، حيث احتاجت لسنوات حتى يعود الاقتصاد الكويتي ويعود عمران الكويت وتنميتها، لقد أدرك شعب الكويت وقتها كم هي غالية أرض الكويت وكم هو موجع أن تختطف وتبقى مختطفة بيد أعدائها، كما أدركوا صدق معاني الأخوة من دول الخليج وبالأخص السعودية والبحرين والإمارات، حفظ الله قيادة وشعب الكويت وأدام أمنها واستقرارها.