إن من أفضل القوانين الإنسانية النبيلة التي وضعتها مملكة البحرين متمثلة في وزارة العمل، هو منع العمل وقت الظهيرة في وسط الشوارع والطرقات وخارج المباني في شهري «يوليو وأغسطس» من كل عام، وذلك لشدة حرارة الجو الملتهب وسقوط أشعة الشمس المباشرة فوق رؤوس وأجساد العاملين في الفضاء المفتوح. كما نؤكد أن وزارة العمل لم تطلق القرار ومن ثم تنصَّلت عن ملاحقة المخالفين له، بل منذ تطبيقه حتى يومنا هذا ظلت الوزارة عبر مفتشيها تعاقب وتغرِّم كل من يخالف هذا القانون بشكل واضح وصريح.

لكن، من الضروري تطوير هذا النظام وملاحقة عيوبه وإعادة النظر في مجرياته وتفاصيله بعد أعوام من إقراره في البحرين. ولهذا يمكن أن نسأل بعض الأسئلة لإيضاح فكرتنا.

القرار يؤكد منع العمل بعد الساعة الثانية عشرة ظهراً في الفضاء المفتوح كما ذكرنا بسبب قساوة الشمس، لكن، هل أن حرارة الشمس عند الساعة الحادية عشر صباحاً على سبيل المثال أو حتى عند العاشرة ليست بالحرارة الكبيرة والحارقة؟ هل العمل تحت أشعة الشمس أشد من العمل داخل المباني والمنشآت غير المكيَّفة والمُبرَّدَة، والتي ربما تعتبر خانقة للغاية وتستنزف كل طاقة العامل من خلال الإجهاد الحراري وفقدن الجسم لكل السوائل؟ وأخيراً نود لو يتم توضيح حقيقة القرار الحالي ووفق أية نظرية علمية وعملية تم إقراره؟

إن حر وقيظ البحرين لا يعرف إذا كنت تعمل في خارج المبنى أو داخله، خاصة إذا كان تحت الإنشاء. فعلى سبيل المثال فإن من يقوم بالبناء داخل حمام صغير يقع وسط غرفة مغلقة والغرفة تقع داخل صالة في بيت تحت الإنشاء ومن دون وجود أي نوع من التهوية والتبريد، هل هذا أمر عادي أو أقل خطورة من تعرض العمَّال للأشعة الشمس؟

ربما يعتقد البعض أن من يعمل داخل المنازل أو المعامل أو المصانع المحكَمة وغير المكيفة والتي تبث حرارة جهنمية كشركة ألمنيوم البحرين «ألبا» أو في شركة البحرين لإصلاح السفن «أسري» وغيرهما من الشركات التي تتطلب الدخول في مناطق تتمتع بحرارة عالية جداً هم أشد تعرضاً للإجهاد وفقدان السوائل من أجسامهم ممن يعملون في الفضاء المفتوح الذي ربما يتوفر فيه بعض الأكسجين، ومن هنا نطالب بإعادة قراءة أجواء العمل، ليس فقط في الشوارع وتحت الشمس، وإنما داخل الأبنية والمصانع والمعامل الجهنمية ليتساوى العدل والقانون في كلتا الحالتين.

ليس هذا وحسب، فإننا نعتقد أن منع العمل في نهار الأشهر الصيفية الحارقة مطلقاً هو الحل، وترحيله إلى وقت المساء والليل وقبل خروج الشمس وسقوط أشعتها على أجسام العاملين. نتمنى من وزارة العمل إعادة النظر في التجربة الحالية التي تحولت إلى قانون، لتستفيد منها أكبر شريحة ممكنة من العاملين المُجْهدين، سواء كانوا خارج المباني أو داخلها، كما نتمنى من الإخوة النواب قراءة هذا المقترح بشكل جاد وعاجل لأجل إقراره.