في هذه السلسلة من المقالات يسعدني، كخبير في الدراسات الصينية وعضو مجلس إدارة مؤسسة كونفوشيوس الدولية من 2014-2019 والسفير الأسبق لمصر في الصين وعضو منتدى الفكر والثقافة الصينية ببكين، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، ومنتدى الفكر العربي بعمان الأردن، ومستشار مركز البحرين للدراسات والبحوث الإستراتيجية الدولية، ومنتدى حوار الحضارات الإسلامية مع اليابان، أن أطرح على القارئ المصري والعربي خبرة ودروساً من الحضارة الصينية العريقة ومن خبرة التجربة الصينية الحديثة التي حققت معجزة التنمية والنهضة في الصين المعاصرة، وهناك العديد من الدروس. وهو ما قد يفيد المجتمع المصري والمجتمع العربي بل والمجتمع الإسلامي إعمالاً للقول المأثور والمنسوب للنبي محمد عليه الصلاة والسلام «اطلبوا العلم ولو في الصين».
وإذ أعبر عن التاريخ الحديث وحتى هذه اللحظة من التطور الاقتصادي والسياسي والعلاقات الدولية ودور المجتمع المدني، فإن المعجزة الصينية الحديثة تقدم لنا -نحن معشر العرب والمصريين والمسلمين- العديد من الدروس المستفادة من أجل تحقيق التقدم والازدهار والخروج من عنق الزجاجة الذي نعيش فيه الآن، وبعبارة أخرى الخروج من التهميش الذي نعاني منه الآن في عالمنا المعاصر.
والدرس الأول هو الإيمان بالوطن، هكذا كان الصينيون عبر العصور في حضارتهم القديمة ووحدوا الصين منذ عهد الإمبراطور تشو من أسرة تشو Zhu 0 الذي غزا وفرض التوحيد بين إقليمي تشو وشانج Shang عام 1122 ق.م. ثم الإمبراطور الأول الذي وحد البلاد جميعها عام 212 ق.م. وقبله لعب المفكر الصيني كونفوشيوس دوراً بارزاً فقد كان فيلسوفاً ومعلماً وتولى في مسقط رأسه بعض المناصب الإدارية ثم تخلى عنها للتفرغ الكامل لنشر فكره وفلسفته بين تلاميذه ومن يرغبون. وكان الفيلسوف كونفوشيوس يتطلع لمنصب رفيع المستوى لكي يحقق التطور في الولاية التي ينتمي إليها وهي ولاية «لو Lu» ويقاوم الفساد ويهتم برفاهية الشعب ويضع كثيراً من أفكاره موضع التنفيذ. ولكنه لم يحصل على المنصب المرتقب لتحقيق أهدافه فاستقال وتفرغ لتعليم الأجيال. وهو كان من الفلاسفة المشائين، مثل سقراط، ولكنه كان أكثر عقلانية منه فلم يتم إعدامه كما أعدم سقراط وهو سابق زمنياً لمرحلة سقراط، وقد ظل حتى وفاته موضع احترام وتقدير حكام ولاية «لو» مسقط رأسه، وتابع تلاميذه فلسفته وجمعوا أفكاره وقاموا بالترويج لها عبر العصور والأجيال. وهو ما حقق له الانتشار والمكانة الرفيعة بين جميع مفكري الحضارة الصينية القديمة وحتى الآن.
الفيلسوف الصيني الكبير والذي أطلق عليه لقب المعلم رفض السلطة عندما عرضت عليه بعض المناصب التي لم يرضَ عنها، وكان في البداية موظفاً صغيراً، وتفرغ للفكر والفلسفة والتعليم بلا مقابل وبلا وظيفة رسمية، إنه آمن بوطنه ودرس تراثه الثقافي، وجمعه وطوره ونشره خاصة أنه كان معجباً بدوق تشو الذي كان حاكماً قوياً واهتم بنشر الفكر والنظام بحسم وقوة رغم أنه كان وصياً على العرش ولم يكن الحاكم الرسمي.
وقد هاجم كونفوشيوس عدداً من معارضيه القدامى والمحدثين من السياسيين ومن المفكرين والثوريين عبر القرون وكان أول معارضيه المفكر الصيني موتزو الذي نظر للإنسان واعتبر أن طبيعته شريرة بخلاف كونفوشيوس الذي ركز على القيم والفضائل والأخلاق والنظرة للإنسان بأنه خير بطبعه. كما دعا للتفاهم والتناغم Harmony في المجتمع الصيني بل مع مختلف مناطق العالم وحضاراته. وللحديث بقية.
* سفير مصر الأسبق في الصين وخبير الدراسات الصينية
وإذ أعبر عن التاريخ الحديث وحتى هذه اللحظة من التطور الاقتصادي والسياسي والعلاقات الدولية ودور المجتمع المدني، فإن المعجزة الصينية الحديثة تقدم لنا -نحن معشر العرب والمصريين والمسلمين- العديد من الدروس المستفادة من أجل تحقيق التقدم والازدهار والخروج من عنق الزجاجة الذي نعيش فيه الآن، وبعبارة أخرى الخروج من التهميش الذي نعاني منه الآن في عالمنا المعاصر.
والدرس الأول هو الإيمان بالوطن، هكذا كان الصينيون عبر العصور في حضارتهم القديمة ووحدوا الصين منذ عهد الإمبراطور تشو من أسرة تشو Zhu 0 الذي غزا وفرض التوحيد بين إقليمي تشو وشانج Shang عام 1122 ق.م. ثم الإمبراطور الأول الذي وحد البلاد جميعها عام 212 ق.م. وقبله لعب المفكر الصيني كونفوشيوس دوراً بارزاً فقد كان فيلسوفاً ومعلماً وتولى في مسقط رأسه بعض المناصب الإدارية ثم تخلى عنها للتفرغ الكامل لنشر فكره وفلسفته بين تلاميذه ومن يرغبون. وكان الفيلسوف كونفوشيوس يتطلع لمنصب رفيع المستوى لكي يحقق التطور في الولاية التي ينتمي إليها وهي ولاية «لو Lu» ويقاوم الفساد ويهتم برفاهية الشعب ويضع كثيراً من أفكاره موضع التنفيذ. ولكنه لم يحصل على المنصب المرتقب لتحقيق أهدافه فاستقال وتفرغ لتعليم الأجيال. وهو كان من الفلاسفة المشائين، مثل سقراط، ولكنه كان أكثر عقلانية منه فلم يتم إعدامه كما أعدم سقراط وهو سابق زمنياً لمرحلة سقراط، وقد ظل حتى وفاته موضع احترام وتقدير حكام ولاية «لو» مسقط رأسه، وتابع تلاميذه فلسفته وجمعوا أفكاره وقاموا بالترويج لها عبر العصور والأجيال. وهو ما حقق له الانتشار والمكانة الرفيعة بين جميع مفكري الحضارة الصينية القديمة وحتى الآن.
الفيلسوف الصيني الكبير والذي أطلق عليه لقب المعلم رفض السلطة عندما عرضت عليه بعض المناصب التي لم يرضَ عنها، وكان في البداية موظفاً صغيراً، وتفرغ للفكر والفلسفة والتعليم بلا مقابل وبلا وظيفة رسمية، إنه آمن بوطنه ودرس تراثه الثقافي، وجمعه وطوره ونشره خاصة أنه كان معجباً بدوق تشو الذي كان حاكماً قوياً واهتم بنشر الفكر والنظام بحسم وقوة رغم أنه كان وصياً على العرش ولم يكن الحاكم الرسمي.
وقد هاجم كونفوشيوس عدداً من معارضيه القدامى والمحدثين من السياسيين ومن المفكرين والثوريين عبر القرون وكان أول معارضيه المفكر الصيني موتزو الذي نظر للإنسان واعتبر أن طبيعته شريرة بخلاف كونفوشيوس الذي ركز على القيم والفضائل والأخلاق والنظرة للإنسان بأنه خير بطبعه. كما دعا للتفاهم والتناغم Harmony في المجتمع الصيني بل مع مختلف مناطق العالم وحضاراته. وللحديث بقية.
* سفير مصر الأسبق في الصين وخبير الدراسات الصينية