جرب أن تسأل ابنك الذي يدرس في المرحلة الابتدائية عن «جلجامش»، واسأله في المقابل عن «سبونج بوب»!
لا تضحك، وواصل في أسئلتك، جرب أن تسأله عن «دلمون»، واسأله في المقابل عن «ديزني لاند»!
هل بدأت تتضح لك الرؤية فيما أريد الوصول إليه؟!
لدينا مشكلة حقيقة اليوم، تتمثل بتغييب التاريخ عن أبنائنا، وتعمد إدخالهم لأطوار متقدمة في نسيان «كينونتهم» وماهية حضارتهم، بالتالي ضياع هويتهم، في مقابل غزو ثقافي وحضاري ومعلوماتي مكثف يجدونه أصلاً أمام أعينهم، وفي متناول أيديهم.
نحن كجيل من أواخر السبيعينات، ولربما جيل الثمانينات من بعدنا، قد نكون آخر الحاملين للإرث التاريخي والثقافي القديم الذي تميزت به البحرين، نقلاً عن آبائنا وأجدادنا في الأجيال السابقة، لكن الأجيال القادمة تواجه خطر «الانسلاخ» من الهوية عبر نسيان الماضي.
أسئلتي أعلاه ليست عبثاً، حينما أتحدث عن «جلجامش» الشخصية الأسطورية التي قصدت «دلمون» أرض الخلود، وهذه الحضارة التي تصطف مع حضارات حقب «أوال» و«تايلوس»، إذ هنا أتحدث عن ماض يرتبط بهوية هذه الأرض.
طيب اتركوا التاريخ القديم، واسألوا أبناءكم عن «صيد اللؤلؤ»، اسألوهم عن «مقابر عالي»، اسألوهم عن القلاع الأثرية «البحرين، الرفاع وعراد»، اسألوهم عن تاريخ استقلال البحرين، وكل أسئلة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالهوية البحرينية، من موروثات وتاريخ وعادات. هل يعرفونها جيدا؟! هل يدركون بأنهم جزء من امتداد هذه الحضارة العريقة؟!
لدينا مشكلة حقيقية، والمتسبب فيها نحن حينما نطلق لأبنائنا العنان ليكونوا في موقع «المتلقي» لما تقدمه لهم وسائل التواصل الاجتماعي بالأخص تطبيق «اليوتيوب»، عبر أفلام الكرتون، أو برامج الأطفال الأجنبية، لتتحول ثقافتهم إلى نموذج غربي وهم في بلد عربي، ولينسلخ ارتباطهم بالأرض.
أبنائنا يتذكرون «الكريسماس» و«الإيستر» و«رأس السنة الميلادية»، خاصة ممن يرتادون المدارس الخاصة لوقوع بعض إجازاتها في هذه الأيام، في المقابل أجزم بأن كثيرين لا يعرفون «العيد الوطني» بنفس معرفة الأيام أعلاه، أو لعلهم يعرفون أنه «يوم إجازة»، دون معرفة ما يمثله هذا اليوم أو مضامينه، ونوعية ارتباطه بهم، وأنه يختلف تماماً عن باقي «الإجازات».
نحن المذنبون حينما نظن بأن تنشئة أبنائنا والجيل الصاعد في هذا الوطن يمكن لها أن تتم بشكل تلقائي، وأنهم سيستوعبون كل شيء له علاقة بالهوية الوطنية أو الإرث التاريخي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو البرامج الأجنبية، فالغرب لن يقدم لك إلا صورته، وأفكاره وعاداته وتقاليده.
اليوم أبناؤنا ينتظرون موعد «الهالوين» ليرتدوا الملابس التنكرية المخيفة، بينما قد تحتاج لشرح مطول حتى يستوعبوا السبب وراء الموروث الشعبي المعني برمي أعشاب «الحيه بيه» في البحر، أو لماذا نذبح الأضحيات في عيد الأضحى!
إنها أزمة هوية حقيقية، ستزداد هوتها، وستكبر مساحتها إن لم ننتبه، وحينما يحصل ذلك لا تستغرب إن ضعفت روح الارتباط العاطفي والانتماء الوطني لأبنائك مستقبلاً، وتحول الوطن بالنسبة لهم لـ«وسط» يعيشون فيه، لا «وسط» ينتمون إليه، يعتزون بتاريخه، ويفتخرون بحضارته.
تاريخنا القديم، موروثاتنا الأصيلة، عاداتنا وتقاليدنا، كلها أمور تشكل هويتنا، هذه الهوية التي لها دين علينا من خلال توريثها لأبنائنا، هذه الهوية التي يجب أن نحملها على أكتافنا وتترسخ في عقولنا وتسكن قلوبنا.
لا يمكن الاكتفاء بالمناهج الدراسية، فحتى هذه المناهج وبالأخص في المدارس الخاصة قد لا ترسخ في أذهان الناشئة أهمية هذه المضامين، الهوية تبدأ من المنزل، وتمر عبر الممارسات ونمط الحياة اليومية، وتترسخ من خلال الإيمان بها والتمثل بها، والأهم الاعتزاز بها، وعدم الانسلاخ عنها.
لا تضحك، وواصل في أسئلتك، جرب أن تسأله عن «دلمون»، واسأله في المقابل عن «ديزني لاند»!
هل بدأت تتضح لك الرؤية فيما أريد الوصول إليه؟!
لدينا مشكلة حقيقة اليوم، تتمثل بتغييب التاريخ عن أبنائنا، وتعمد إدخالهم لأطوار متقدمة في نسيان «كينونتهم» وماهية حضارتهم، بالتالي ضياع هويتهم، في مقابل غزو ثقافي وحضاري ومعلوماتي مكثف يجدونه أصلاً أمام أعينهم، وفي متناول أيديهم.
نحن كجيل من أواخر السبيعينات، ولربما جيل الثمانينات من بعدنا، قد نكون آخر الحاملين للإرث التاريخي والثقافي القديم الذي تميزت به البحرين، نقلاً عن آبائنا وأجدادنا في الأجيال السابقة، لكن الأجيال القادمة تواجه خطر «الانسلاخ» من الهوية عبر نسيان الماضي.
أسئلتي أعلاه ليست عبثاً، حينما أتحدث عن «جلجامش» الشخصية الأسطورية التي قصدت «دلمون» أرض الخلود، وهذه الحضارة التي تصطف مع حضارات حقب «أوال» و«تايلوس»، إذ هنا أتحدث عن ماض يرتبط بهوية هذه الأرض.
طيب اتركوا التاريخ القديم، واسألوا أبناءكم عن «صيد اللؤلؤ»، اسألوهم عن «مقابر عالي»، اسألوهم عن القلاع الأثرية «البحرين، الرفاع وعراد»، اسألوهم عن تاريخ استقلال البحرين، وكل أسئلة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالهوية البحرينية، من موروثات وتاريخ وعادات. هل يعرفونها جيدا؟! هل يدركون بأنهم جزء من امتداد هذه الحضارة العريقة؟!
لدينا مشكلة حقيقية، والمتسبب فيها نحن حينما نطلق لأبنائنا العنان ليكونوا في موقع «المتلقي» لما تقدمه لهم وسائل التواصل الاجتماعي بالأخص تطبيق «اليوتيوب»، عبر أفلام الكرتون، أو برامج الأطفال الأجنبية، لتتحول ثقافتهم إلى نموذج غربي وهم في بلد عربي، ولينسلخ ارتباطهم بالأرض.
أبنائنا يتذكرون «الكريسماس» و«الإيستر» و«رأس السنة الميلادية»، خاصة ممن يرتادون المدارس الخاصة لوقوع بعض إجازاتها في هذه الأيام، في المقابل أجزم بأن كثيرين لا يعرفون «العيد الوطني» بنفس معرفة الأيام أعلاه، أو لعلهم يعرفون أنه «يوم إجازة»، دون معرفة ما يمثله هذا اليوم أو مضامينه، ونوعية ارتباطه بهم، وأنه يختلف تماماً عن باقي «الإجازات».
نحن المذنبون حينما نظن بأن تنشئة أبنائنا والجيل الصاعد في هذا الوطن يمكن لها أن تتم بشكل تلقائي، وأنهم سيستوعبون كل شيء له علاقة بالهوية الوطنية أو الإرث التاريخي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو البرامج الأجنبية، فالغرب لن يقدم لك إلا صورته، وأفكاره وعاداته وتقاليده.
اليوم أبناؤنا ينتظرون موعد «الهالوين» ليرتدوا الملابس التنكرية المخيفة، بينما قد تحتاج لشرح مطول حتى يستوعبوا السبب وراء الموروث الشعبي المعني برمي أعشاب «الحيه بيه» في البحر، أو لماذا نذبح الأضحيات في عيد الأضحى!
إنها أزمة هوية حقيقية، ستزداد هوتها، وستكبر مساحتها إن لم ننتبه، وحينما يحصل ذلك لا تستغرب إن ضعفت روح الارتباط العاطفي والانتماء الوطني لأبنائك مستقبلاً، وتحول الوطن بالنسبة لهم لـ«وسط» يعيشون فيه، لا «وسط» ينتمون إليه، يعتزون بتاريخه، ويفتخرون بحضارته.
تاريخنا القديم، موروثاتنا الأصيلة، عاداتنا وتقاليدنا، كلها أمور تشكل هويتنا، هذه الهوية التي لها دين علينا من خلال توريثها لأبنائنا، هذه الهوية التي يجب أن نحملها على أكتافنا وتترسخ في عقولنا وتسكن قلوبنا.
لا يمكن الاكتفاء بالمناهج الدراسية، فحتى هذه المناهج وبالأخص في المدارس الخاصة قد لا ترسخ في أذهان الناشئة أهمية هذه المضامين، الهوية تبدأ من المنزل، وتمر عبر الممارسات ونمط الحياة اليومية، وتترسخ من خلال الإيمان بها والتمثل بها، والأهم الاعتزاز بها، وعدم الانسلاخ عنها.