نواصل في الجزء الرابع والأخير حديثنا عن دروس التجربة الحديثة والحضارة الصينية العريقة ومقارنة بالحضارة المصرية.
الرابع: اهتمت الحضارتان المصرية والصينية بالإنسان والعلاقات الإنسانية بين البشر، بينما اهتمت الحضارة الأوروبية الحديثة بالآلات وتكوين الثروات وأعطت اهتماماً طفيفاً للعلاقات الإنسانية «المرجع هـ. ج كريل»، في كتابه الفكر الصيني من كونفوشيوس إلى ماوتسي تونج. كما ألف المؤرخ الأوروبي جيمس هنري برستيد المتخصص في التاريخ المصري كتابه المعنون «تاريخ مصر من أقدم العصور إلى العصر الفارسي». ناهيك عن المرجع التاريخي الكبير بعنوان «قصة الحضارة» للباحث والمؤرخ «وول ديورانت» انظر المجلد الثاني «3/ 4»، مكتبة الأسرة الهيئة المصرية العامة للكتاب «2001».
لقد سعى كل من الصينيين والمصريين للعيش في سلام ووفاق مع جيرانهم وتطلع كل من سكان الدولتين الحضاريتين لمفهوم الإله نحو السماء. ولذلك أطلق الصينيون القدامى على الآله «السماء» Heaven وإلى حد ما أطلق المصريون القدماء على السماء بأنها موطن الإله. واعتبرت السماء هي المانحة للسلطة للملوك الصينيين في حكم البلاد أو سحب التفويض الإلهي منهم وإلى حد ما ساد هذا المفهوم لدى المصريين القدماء حيث مناجاة فرعون مصر للإله في السماء، ومناجاة توت عنخ آمون للإله آمون، وكذلك الصراع بين الخير «أوزوريس وإيزيس»، ضد «ست» إله الشر، وميلاد حورس ليتولى السلطة، ويأخذ بثأر أبيه الذي اغتاله عمه ست إله الشر طمعاً في السلطة.
أما الصينيون فكانوا يقدمون القرابين للسماء ويمنحون التفويض منها أو الدعم للحاكم وفقاً لأعماله. باختصار عاش الصينيون في وفاق مع الطبيعة، ومع الإله في السماء، واعتبار القحط والفيضانات والأوبئة دليلاً على غضب الإله وغضب الأسلاف لذلك كانوا يبادرون بتقديم القرابين لهم لكي يرضوا عنهم وعن حكامهم ويرفعوا القحط والجفاف عنهم.
المصريون القدماء نظروا أيضاً للسماء سواء في صورة آمون أو أتون أو نحو ذلك واعتبروا القحط دليلاً على غضب الإله. أما الفيضانات فهي دليل الخير والرخاء والخصب والنماء. ولعل في قصة سيدنا يوسف خير شاهد على ذلك، وكذلك في إلقاء عروس في النيل في عيد نهر النيل أو وفاء النيل نموذجاً هدفه رضا الإله ومن ثم استمرار حدوث الفيضان الذي يخصب الأرض المصرية ويرويها.
وقد اتسم الشعبان المصري والصيني بقدرة فائقة على التعامل السلس مع حالات الفقر والبؤس والحرمان، ولذلك عندما كان يثور الصينيون أو المصريون تكون ثورتهم عارمة، كما حدث بعد عهد بناة الإهرام في مصر «بعد الأسرة الرابعة». وفي عهد الممالك المتحاربة في الصين في القرن السابع والثامن قبل الميلاد.
الخامس: تفاعل الفكر الصيني مع ما ورد للصين من تراث ثقافي وديني هندوسي مما ترك أثراً كبيراً في انتشار البوذية وتماثيل بوذا في الصين كما في بعض الروايات الصينية الكلاسيكية التي كتبت مؤخراً في التاريخ الصيني القديم مثل رواية الرحلة للغرب ويقصد بها إلى غرب الصين أي الهند. ثم جاء التأثير الحديث من روسيا كدولة جوار ومن أمريكا وأوروبا كقوى استعمارية حديثة.
ومن ناحية أخرى، تفاعل الفكر المصري مع التراث الديني مع شبه الجزيرة العربية ومع بلاد الشام «المسيحية واليهودية» ومع أوروبا «التطور الحضاري الحديث».
* سفير مصر الأسبق في الصين وخبير الدراسات الصينية
الرابع: اهتمت الحضارتان المصرية والصينية بالإنسان والعلاقات الإنسانية بين البشر، بينما اهتمت الحضارة الأوروبية الحديثة بالآلات وتكوين الثروات وأعطت اهتماماً طفيفاً للعلاقات الإنسانية «المرجع هـ. ج كريل»، في كتابه الفكر الصيني من كونفوشيوس إلى ماوتسي تونج. كما ألف المؤرخ الأوروبي جيمس هنري برستيد المتخصص في التاريخ المصري كتابه المعنون «تاريخ مصر من أقدم العصور إلى العصر الفارسي». ناهيك عن المرجع التاريخي الكبير بعنوان «قصة الحضارة» للباحث والمؤرخ «وول ديورانت» انظر المجلد الثاني «3/ 4»، مكتبة الأسرة الهيئة المصرية العامة للكتاب «2001».
لقد سعى كل من الصينيين والمصريين للعيش في سلام ووفاق مع جيرانهم وتطلع كل من سكان الدولتين الحضاريتين لمفهوم الإله نحو السماء. ولذلك أطلق الصينيون القدامى على الآله «السماء» Heaven وإلى حد ما أطلق المصريون القدماء على السماء بأنها موطن الإله. واعتبرت السماء هي المانحة للسلطة للملوك الصينيين في حكم البلاد أو سحب التفويض الإلهي منهم وإلى حد ما ساد هذا المفهوم لدى المصريين القدماء حيث مناجاة فرعون مصر للإله في السماء، ومناجاة توت عنخ آمون للإله آمون، وكذلك الصراع بين الخير «أوزوريس وإيزيس»، ضد «ست» إله الشر، وميلاد حورس ليتولى السلطة، ويأخذ بثأر أبيه الذي اغتاله عمه ست إله الشر طمعاً في السلطة.
أما الصينيون فكانوا يقدمون القرابين للسماء ويمنحون التفويض منها أو الدعم للحاكم وفقاً لأعماله. باختصار عاش الصينيون في وفاق مع الطبيعة، ومع الإله في السماء، واعتبار القحط والفيضانات والأوبئة دليلاً على غضب الإله وغضب الأسلاف لذلك كانوا يبادرون بتقديم القرابين لهم لكي يرضوا عنهم وعن حكامهم ويرفعوا القحط والجفاف عنهم.
المصريون القدماء نظروا أيضاً للسماء سواء في صورة آمون أو أتون أو نحو ذلك واعتبروا القحط دليلاً على غضب الإله. أما الفيضانات فهي دليل الخير والرخاء والخصب والنماء. ولعل في قصة سيدنا يوسف خير شاهد على ذلك، وكذلك في إلقاء عروس في النيل في عيد نهر النيل أو وفاء النيل نموذجاً هدفه رضا الإله ومن ثم استمرار حدوث الفيضان الذي يخصب الأرض المصرية ويرويها.
وقد اتسم الشعبان المصري والصيني بقدرة فائقة على التعامل السلس مع حالات الفقر والبؤس والحرمان، ولذلك عندما كان يثور الصينيون أو المصريون تكون ثورتهم عارمة، كما حدث بعد عهد بناة الإهرام في مصر «بعد الأسرة الرابعة». وفي عهد الممالك المتحاربة في الصين في القرن السابع والثامن قبل الميلاد.
الخامس: تفاعل الفكر الصيني مع ما ورد للصين من تراث ثقافي وديني هندوسي مما ترك أثراً كبيراً في انتشار البوذية وتماثيل بوذا في الصين كما في بعض الروايات الصينية الكلاسيكية التي كتبت مؤخراً في التاريخ الصيني القديم مثل رواية الرحلة للغرب ويقصد بها إلى غرب الصين أي الهند. ثم جاء التأثير الحديث من روسيا كدولة جوار ومن أمريكا وأوروبا كقوى استعمارية حديثة.
ومن ناحية أخرى، تفاعل الفكر المصري مع التراث الديني مع شبه الجزيرة العربية ومع بلاد الشام «المسيحية واليهودية» ومع أوروبا «التطور الحضاري الحديث».
* سفير مصر الأسبق في الصين وخبير الدراسات الصينية