جلس قبالتي، وطلب مني التركيز فيما سيقوله. قلت له تفضل، فسألني بشكل مباشر: أنت تكتب عن الفساد الإداري، وعن المفسدين من مسؤولين أساؤوا استخدام السلطة وغرتهم الكراسي، وحولوا مواقع العمل لأملاك خاصة، ونسوا واجبهم تجاه الدولة؟!
أجبته بأن «نعم»، وزدت بالقول إن السكوت عن هذه الممارسات «جريمة بحق الدولة» نرتكبها نحن إن سكتنا وقبلنا بتحويل قطاعاتنا «العامة» إلى «منتجعات خاصة» لبعض المسؤولين الفاسدين.
قال: إذن ما رأيك بأمر يختلف عن الظلم الإداري، وتحطيم الكفاءات، والفساد المالي؟! هززت رأسي متسائلاً، فقال: ما رأيك بالمسؤول الذي «يسرق» جهود موظفيه؟! بالمسؤول الذي «يسطو» على أفكارهم وأعمالهم، فينسبها لنفسه، ويقوم بهذا الفعل «عيني عينك» والموظف لا حول ولا قوة له؟!
قلت له: سابقاً كنت سأرفع حاجبيّ دهشة، وسأسألك: أيحصل هذا فعلاً لدينا؟! لكن الآن بت متعوداً على الصدمات من هول ما شاهدته شخصياً، وما يصلني من الناس فيما يرتبط بـ»كوارث الفساد الإداري» في بعض القطاعات.
يقول: طُلب مني العمل على مشروع معين، وسهرت ليالي طوال حتى أنجزه بشكل متكامل، ثم سلمته لمسؤولي المباشر، وأوضحت له بأنني وضعت عصارة خبرتي فيه، وأنه نتيجة جهد وسهر وتعب. وبعد أيام سعيت للمتابعة معه للسؤال عن المشروع، فأجابني بأنه اطلع عليه، ويحتاج لتعديلات كثيرة، وأنه سيؤجله في الوقت الراهن. وطبعاً لم يقدم لي أي شكر ولا حتى كلمة «يعطيك العافية»، رغم أن الكلام «ببلاش».
لكن الموضوع لم ينتهِ هنا، واصل حديثه وأنا منصت، فقال: صُدمت بعد أسبوعين بأن مجلس الإدارة وافق على عدة مشاريع، ومن ضمنها مشروعي الذي قدمته، حاولت الاتصال بمسؤولي المباشر فلم يرد على مكالماتي، سعيت لمقابلته في مكتبه، فلم تسمح لي سكرتيرته، هنا اتصلت بأحد أعضاء مجلس الإدارة الذي تربطني به صلة قرابة، وسألته عن المشروع وكيف تم رفعه، فأرسل لي العرض الخاص بالمشروع، والذي كان نفس العرض الذي قدمته لمسؤولي المباشر، لكن الفارق الوحيد بأن الاسم الذي يعقب كلمة «إعداد» تغير من إسمي إلى اسمه!
هذا نموذج واحد من عدة نماذج مؤسفة، يقوم فيها بعض المسؤولين بـ»سرقة» جهود موظفيهم، بل و»نسبها» لأنفسهم هكذا بكل وقاحة، بحيث لا يمنح من تعب في هذا المشروع أي تقدير، أو حتى إشارة لعمله.
مثل هذه الأمور تتكاثر للأسف حينما تكون «الإدارة فاسدة» وحينما لا يتقي المسؤول الله في تعامله مع الموظفين، ويكون ميزان العدالة لديه مختلاً. والمزعج في الأمر أن هناك من الموظفين من يعمل ويجتهد ويبذل طاقته وأقصى طموحه «التقدير المعنوي»، بحيث يشكر على عمله، ويقدر على جهوده، وتحسب إنجازاته في رصيده.
التقدير والشكر والثناء، والتطوير المهني، ومنح الثقة والفرص للتقدم، كلها أمور تؤكد عليها نظريات الإدارة الصالحة، هذه النظريات التي «ينظر» بها البعض، لكنه لا يطبقها، بل يطبق نظريات «الفساد الإداري» مقابلها، هذه الأمور هي التي يجب أن تعزز، هي التي يجب أن نحرص على ترسيخها كثقافة، ولا يحصل ذلك إلا حينما يوضع المسؤول صاحب «الإدارة السوية والصحيحة»، لا المسؤول الفاسد الذي «يسرق» جهود موظفيه، مثلما يسرق «الكحل من العين»، وما أكثرهم هؤلاء «السراق»!
أجبته بأن «نعم»، وزدت بالقول إن السكوت عن هذه الممارسات «جريمة بحق الدولة» نرتكبها نحن إن سكتنا وقبلنا بتحويل قطاعاتنا «العامة» إلى «منتجعات خاصة» لبعض المسؤولين الفاسدين.
قال: إذن ما رأيك بأمر يختلف عن الظلم الإداري، وتحطيم الكفاءات، والفساد المالي؟! هززت رأسي متسائلاً، فقال: ما رأيك بالمسؤول الذي «يسرق» جهود موظفيه؟! بالمسؤول الذي «يسطو» على أفكارهم وأعمالهم، فينسبها لنفسه، ويقوم بهذا الفعل «عيني عينك» والموظف لا حول ولا قوة له؟!
قلت له: سابقاً كنت سأرفع حاجبيّ دهشة، وسأسألك: أيحصل هذا فعلاً لدينا؟! لكن الآن بت متعوداً على الصدمات من هول ما شاهدته شخصياً، وما يصلني من الناس فيما يرتبط بـ»كوارث الفساد الإداري» في بعض القطاعات.
يقول: طُلب مني العمل على مشروع معين، وسهرت ليالي طوال حتى أنجزه بشكل متكامل، ثم سلمته لمسؤولي المباشر، وأوضحت له بأنني وضعت عصارة خبرتي فيه، وأنه نتيجة جهد وسهر وتعب. وبعد أيام سعيت للمتابعة معه للسؤال عن المشروع، فأجابني بأنه اطلع عليه، ويحتاج لتعديلات كثيرة، وأنه سيؤجله في الوقت الراهن. وطبعاً لم يقدم لي أي شكر ولا حتى كلمة «يعطيك العافية»، رغم أن الكلام «ببلاش».
لكن الموضوع لم ينتهِ هنا، واصل حديثه وأنا منصت، فقال: صُدمت بعد أسبوعين بأن مجلس الإدارة وافق على عدة مشاريع، ومن ضمنها مشروعي الذي قدمته، حاولت الاتصال بمسؤولي المباشر فلم يرد على مكالماتي، سعيت لمقابلته في مكتبه، فلم تسمح لي سكرتيرته، هنا اتصلت بأحد أعضاء مجلس الإدارة الذي تربطني به صلة قرابة، وسألته عن المشروع وكيف تم رفعه، فأرسل لي العرض الخاص بالمشروع، والذي كان نفس العرض الذي قدمته لمسؤولي المباشر، لكن الفارق الوحيد بأن الاسم الذي يعقب كلمة «إعداد» تغير من إسمي إلى اسمه!
هذا نموذج واحد من عدة نماذج مؤسفة، يقوم فيها بعض المسؤولين بـ»سرقة» جهود موظفيهم، بل و»نسبها» لأنفسهم هكذا بكل وقاحة، بحيث لا يمنح من تعب في هذا المشروع أي تقدير، أو حتى إشارة لعمله.
مثل هذه الأمور تتكاثر للأسف حينما تكون «الإدارة فاسدة» وحينما لا يتقي المسؤول الله في تعامله مع الموظفين، ويكون ميزان العدالة لديه مختلاً. والمزعج في الأمر أن هناك من الموظفين من يعمل ويجتهد ويبذل طاقته وأقصى طموحه «التقدير المعنوي»، بحيث يشكر على عمله، ويقدر على جهوده، وتحسب إنجازاته في رصيده.
التقدير والشكر والثناء، والتطوير المهني، ومنح الثقة والفرص للتقدم، كلها أمور تؤكد عليها نظريات الإدارة الصالحة، هذه النظريات التي «ينظر» بها البعض، لكنه لا يطبقها، بل يطبق نظريات «الفساد الإداري» مقابلها، هذه الأمور هي التي يجب أن تعزز، هي التي يجب أن نحرص على ترسيخها كثقافة، ولا يحصل ذلك إلا حينما يوضع المسؤول صاحب «الإدارة السوية والصحيحة»، لا المسؤول الفاسد الذي «يسرق» جهود موظفيه، مثلما يسرق «الكحل من العين»، وما أكثرهم هؤلاء «السراق»!