إن الحديث عن الإعلام موضوع متجدد وذي أهمية بالغة، ولذلك فإننا مهما وقفنا على أهمية الإعلام والأدوار التي يضطلع بها لا سيما في ظل تلك الصراعات والالتباسات التي بات يتعرض لها المتلقي على الدوام، نشعر بالتقصير على الدوام تجاه أهمية تلك المهنة وإيفائها بحقها، فما نشهده من حالة ارتباك وفوضى عامة باتت تستلزم العناية على نحو استثنائي ومكثف بأسس ومقومات الإعلام المسؤول، بل والاهتمام في التطوير المستمر للإعلام وتقنياته.

من ناحية فإننا أمام تحديات سياسية وعسكرية واقتصادية هائلة باتت تهدد كثيراً من الدول، ومن ناحية أخرى فإننا نتعرض لأزمة في الهوية، وربما لسنا وحدنا من نعاني من تلك الأزمة بل أغلب دول العالم في ظل العولمة التي بقدر ما حققت من إيجابيات في حياة الناس بقدر ما خلقت من أزمات متعاقبة.

على المستوى الفني فإن كثيراً من التطورات المتلاحقة دخلت مجالات الإعلام المختلفة، وأصبح هناك الكثير من التقنيات الجديدة التي من شأنها الاستعاضة عن بعض الأدوار التي يؤديها الإعلاميون وظهور الحاجة لممارسي أدوار أخرى داخل العملية الإعلامية نفسها، ما يستلزم تمكين الإعلاميين بوجه عام من متابعة تلك المستجدات والاستفادة منها قدر الإمكان، ليس على مستوى الاطلاع الذاتي وحسب، بل على مستوى التدريب الاحترافي الجاد والتعليم المستمر من خلال إتاحة الفرصة لنيل مزيد من الدراسات والشهادات في مجالات ترفد الإعلام وتسهم في تطويره.

نواجه اليوم كثيراً من المصطلحات الحديثة التي اقتحمت المجال الإعلامي، فمن الإعلام الإلكتروني، إلى رقمنة الإعلام، إلى المذيع الروبوت، إلى صحافة الذكاء الاصطناعي، وما زلنا نتابع باستمرار تلك المصطلحات المتسارعة، والتي أصبح على الإعلاميين بالضرورة التعاطي معها على نحو جاد والانخراط في ركب تطورها المتواصل في سبيل تطوير العملية الإعلامية ومواكبتها للمستجدات، ليس على مستوى التقنيات والممارسات، بل حتى على مستوى المحتوى.

إن مجالات الإعلام البارزة والتي لطالما تم التركيز عليها اقتصرت على مجالات أساسية كالسياسة والأخبار المحلية والاقتصاد والرياضة والفنون والقضايا الاجتماعية وما شاكلها، ولكنها افتقرت لسنوات طويلة عن متابعة التطورات والاختراعات في الحقل العلمي، وقد التفتت كثير من وسائل الإعلام ومؤسساته في العامين الأخيرين بهذا المجال، وأفردت أبواباً خاصة للتكنولوجيا والتقنية، غير أننا لو تأملنا نوعية المحتوى المقدم مقارنة بجودة المحتوى في الأبواب الأخرى، لأدركنا حجم الحاجة الفعلية للتطور في هذا الحقل وتطوير الكوادر الإعلامية المتخصصة فيه.

* اختلاج النبض:

إن المؤسسات التي تتطور باستمرار تولي التعليم والتدريب ومتابعة المستجدات والابتكار فيها عناية بالغة، ومتى ما حققنا هذه الشروط نكون قد أتحنا لأنفسنا فرصة التميز في معترك صعب وتحتدم فيه المنافسة.