من المؤلفات المهمة التي صدرت أخيراً كتاب «آل خليفة في شبه جزيرة قطر» للدكتور محمد أحمد عبدالله وهو دراسة في الجغرافيا السياسية.. حولية علمية محكمة صادرة عن مركز دراسات البحرين بجامعة البحرين. ورغم أن صفحاته لا تصل المائة إلا أن مسطرها تمكن من إحراج التاريخ ومحاكمة بريطانيا التي انحازت في غفلة من الزمن لحكام قطر التالين بغية تحقيق مصالح معينة أساسها الغاز والنفط، كما أحرج كل من شهد شهادة زور وأراد أن يغطي حقيقة تأسيس آل خليفة للحياة في شبه جزيرة قطر.

حسب المؤلف فإن الدراسة «تلقي الضوء على حقبة هامة من تاريخ شرقي الجزيرة العربية ومفاصلها التاريخية، وهي الحقبة التي حكم فيها آل خليفة من تحالف العتوب شبه جزيرة قطر، قرابة القرنين من الزمن «175عاماً» أي نحو ستة أجيال، منذ تأسيس دولتهم في الزبارة على الساحل الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر في بداية ستينات القرن الثامن عشر الميلادي «عام 1762م / 1176هـ»، وتؤكد على «أهمية العودة إلى قراءة تفاصيل المحطات الهامة في التسلسل الزمني لتاريخ آل خليفة في شبه جزيرة قطر، خلال عهود حكام آل خليفة العشرة الذين تعاقبوا على الحكم في تلك الفترة»... «لافي ضوء اتجاهات المدارس الحديثة في التاريخ والتي من أبرزها مدرسة الحوليات الفرنسية»... «لتثبيت السرديات التاريخية الكبرى في خط الزمن»، مبيناً المؤلف أن تثبيت تلك السرديات الكبرى المؤسسة علمياً والموثقة تاريخياً ليست بدعاً من القول، «فكثير من الأمم والدول تسعى لتأكيد سردياتها الكبرى لدعم الهوية والانتماء الوطني لشعوبها».

المؤلف اهتم ببيان الغاية من الكتاب بقوله في مقدمته إنه «بينما تشكل السرديات التاريخية الكبرى المؤسسة علميا والموثقة تاريخياً الأساس المتين والدعامة الرئيسة التي تقف عليها الهوية الوطنية التاريخية لمملكة البحرين، فإن بعض الكتابات السائدة في عدد من الأوساط الثقافية الشعبية في البحرين تدأب على تدوين سرديات تاريخية للمملكة لا تستند على أساس علمي أو موضوعي، وهي لا تتعارض مع الانتماء الوطني فحسب، وإنما تعمل أيضاً على تقويض البناء التاريخي للهوية الوطنية البحرينية «، ما يعني أن ما أتى به المؤلف من معلومات عن حكم آل خليفة لشبه جزيرة قطر كله مستند إلى وثائق تاريخية وأساسه علمي وموضوعي، وهنا تبرز أهمية هذا الكتاب الذي ينبغي قراءته ودراسته من جميع المعنيين بتاريخ البحرين ومسؤولي المناهج بوزارة التربية والتعليم والتوصية باعتماده مقرراً دراسياً في المرحلة الثانوية أولاً ثم بالتوسع فيه في الجامعة لاحقا، خصوصاً وأنه يكاد أن يكون جاهزاً لهذا الغرض حيث اهتم مؤلفه بتلخيص ما ورد فيه من حقائق في جداول وإحصاءات بطرق مختلفة واعتمد أسلوب التكرار والتذكير، ما يوحي بأنه وضع هذه الغاية في اعتباره وهو يؤلف الكتاب.

تخلص الدراسة إلى ضرورة توجيه الاهتمام بـ»التأكيد على الاستمرارية التاريخية لحكم آل خليفة، منذ مبتدأ هذا الحكم في 1762 م على يد المؤسس، الحاكم الأول الشيخ محمد بن خليفة بن محمد بن فيصل العتبي في الزبارة على الساحل الشمالي الغربي لشبه جزيرة قطر، إلى عهد الملك حمد بن عيسى آل خليفة في الوقت الحاضر في مملكة البحرين في العام 2019م، طيلة فترة قرنين ونصف القرن «257 عاماً» وإلى ضرورة «إيلاء تدوين التاريخ الوطني لمملكة البحرين بامتدادها التاريخي في شبه جزيرة قطر، ما تستحقه من الأهمية القصوى، للحفاظ على الهوية الوطنية التاريخية لمملكة البحرين، وإناطة أمر المرجعية التاريخية لهذا التدوين بجهة وطنية رسمية، يقوم على أمرها أهل الرواية والدراية من ثقاة المشتغلين بالتأريخ والتاريخ».