نشتكي في العادة من رجال صغار استبدوا بالسلطة لأن أحداً لم يسلط عليهم الضوء، بعكس فيلم المهرج JOKER فيتم تسليط الضوء على مهرج تافه مختل فيتحول إلى زعيم للتغيير أو التدمير. وفي مطلع الفيلم يرتدي البطل «آرثر»، زي المهرج للفت نظر المارة لعروض التجارية، وهنا مربط الفرس فالتهريج لمردود مادي بطله الأكبر دونالد ترامب. لكن القفز لهذه النتيجة دون ما يسندها من التحليل أمر غير مقبول، لهذا شاهدت الفيلم من النت مرتين، وعلى من ينوي مشاهدة الفيلم أن لا يقلق مما سنورده، فلا حبكة مستترة سنكشفها، ولا إبهار أصلاً أو صور سينمائية رائعة «Cinematography 101»، وربما مظلمة عن قصد، فالفيلم في مدينة في الثمانينات، وكان هذا أول ما زاد القناعة أن الفيلم عن ترامب، ففي الثمانينات تشكلت شخصية ترامب وخطط ليكون رئيساً، وخسر بالثمانينيات مليار دولار، وفيها أصر بشكل مقصود أن يرفع اسمه وتصبح تسريحة شعره رمزاً للنجاح في الأعمال بالثمانينات. فشيد ناطحة سحاب أسماها «برج ترامب» ثم أبراج أخرى تحمل كلها اسمه. وهو ما حدث في الفيلم حين يطلب آرثر أن يسمى في برنامج تلفزيوني «المهرج JOKER»، وهو ما حدث فجعل قناع المهرج منتشراً في الشوارع.
لقد كان من المؤشرات المبكرة في الفيلم أن المقصود هو ترامب ظهور الممثل روبرت دنيرو Robert De Niro المناهض الأول لترامب والذي كانت آخر هجماته عليه يوم 14 أكتوبر 2019 ووصفه بأنه «أحمق من أن يعي أنه شرير» في حفل افتتاح فيلمه الجديد The Irishman. ثم قوله في فيلم الجوكر أن من مقترحات الرئيس حل مشكلة الفئران بإحضار قطط كبار، كناية عن لجوء ترامب للرأسمالية المتوحشة. وفي تشريح لشخصية ترامب يظهر الفيلم كيف أن «آرثر/ترامب» مصاب بالضحك المرضي وهي عند ترامب إغاظة الناس أو التحرش بالناس باستمرارية مرضية، حيث لا يستطيع ضبط نفسه عن ذلك فيقول للحلفاء ستدفعون الأموال، ويقول للمهاجرين أريد مهاجرين بيض وليس ملونين. وفي الفيلم لم تكن تصرفات الجوكر مبررة ومثله ترامب من أمر الهجوم على الإيرانيين ثم وقفه، أو الانسحاب من سوريا ثم التوقف ثم الانسحاب مؤخراً. وفي الفيلم يبرز سؤال عن التحول من شخصية آرثر المهرج إلى الجوكر المجنون، وفي واقع أمريكا نتساءل كيف تحولت أمريكا القيم الديمقراطية وحماية الحريات، والتزام المواثيق، والوفاء للتحالفات إلى شكل إمبراطوري مصلحي قبيح!
لقد صور الفيلم «الجوكر» كرمز إزعاج للنظام كما يفعل ترامب مع الكونغرس والاستخبارات والقيم السياسية الأمريكية. بل أن الأهم أن الفيلم أظهر البلد والقمامة في كل مكان وكأن واشنطن كئيبة وبائسة جراء صفقة زواج باطل بين المال والسلطة بغياب المؤهل النظيف لقيادة البلد والعالم الحر. ومن الاإسقاطات المشيرة لترامب كيف سخر الناس من الجوكر فتحول إلى قائد لهم، مشابه لسخرية الطبقة السياسية وأوباما في حفلة البيت الأبيض من ترامب مما دفعه للاستماتة للوصول للرئاسة. كما أن من الإسقاطات أن البطل في الفيلم وضع والدته أولاً مثل ترامب «أمريكا أولاً» وهي مجنونة مثله فيقتلها كما سيقتل ترامب أمريكا. وفي نهاية الفيلم يتحول الناس كلهم إلى مهرجين والجوكر يقودهم للفوضى. ولإظهار زعامة آرثر/ترامب تصدح الأغاني بينما البطل في المقعد الخلفي لدورية الشرطة يمر بشوارع تحترق مثل طاغية روما «نيرون» الحاكم الذي أحرق شعبه وبلده بلا مبالاة، لينقذه شعب مجنون يحتفلون معه كزعيم على ظهر دورية الشرطة التي تمثل الحكومة، وإشارة إلى أن البشر جميعهم يملكون نزعة للشر، وفي الختام يهرب الجوكر ليستمر الجنون.
* بالعجمي الفصيح:
في الواقع، ندرك أننا لا نشاهد أمريكا التي عرفناها، بل نسخة مزيفة منها. وحين نشاهد فيلم المهرج JOKER نرى بصيص أمل من الإسقاط السياسي للفيلم، وبأن المثقف الأمريكي يرى شخصية الجوكر غير السوية تجسيداً لترامب أو لحقبة حكمه على الأقل.
* كاتب وأكاديمي كويتي
{{ article.visit_count }}
لقد كان من المؤشرات المبكرة في الفيلم أن المقصود هو ترامب ظهور الممثل روبرت دنيرو Robert De Niro المناهض الأول لترامب والذي كانت آخر هجماته عليه يوم 14 أكتوبر 2019 ووصفه بأنه «أحمق من أن يعي أنه شرير» في حفل افتتاح فيلمه الجديد The Irishman. ثم قوله في فيلم الجوكر أن من مقترحات الرئيس حل مشكلة الفئران بإحضار قطط كبار، كناية عن لجوء ترامب للرأسمالية المتوحشة. وفي تشريح لشخصية ترامب يظهر الفيلم كيف أن «آرثر/ترامب» مصاب بالضحك المرضي وهي عند ترامب إغاظة الناس أو التحرش بالناس باستمرارية مرضية، حيث لا يستطيع ضبط نفسه عن ذلك فيقول للحلفاء ستدفعون الأموال، ويقول للمهاجرين أريد مهاجرين بيض وليس ملونين. وفي الفيلم لم تكن تصرفات الجوكر مبررة ومثله ترامب من أمر الهجوم على الإيرانيين ثم وقفه، أو الانسحاب من سوريا ثم التوقف ثم الانسحاب مؤخراً. وفي الفيلم يبرز سؤال عن التحول من شخصية آرثر المهرج إلى الجوكر المجنون، وفي واقع أمريكا نتساءل كيف تحولت أمريكا القيم الديمقراطية وحماية الحريات، والتزام المواثيق، والوفاء للتحالفات إلى شكل إمبراطوري مصلحي قبيح!
لقد صور الفيلم «الجوكر» كرمز إزعاج للنظام كما يفعل ترامب مع الكونغرس والاستخبارات والقيم السياسية الأمريكية. بل أن الأهم أن الفيلم أظهر البلد والقمامة في كل مكان وكأن واشنطن كئيبة وبائسة جراء صفقة زواج باطل بين المال والسلطة بغياب المؤهل النظيف لقيادة البلد والعالم الحر. ومن الاإسقاطات المشيرة لترامب كيف سخر الناس من الجوكر فتحول إلى قائد لهم، مشابه لسخرية الطبقة السياسية وأوباما في حفلة البيت الأبيض من ترامب مما دفعه للاستماتة للوصول للرئاسة. كما أن من الإسقاطات أن البطل في الفيلم وضع والدته أولاً مثل ترامب «أمريكا أولاً» وهي مجنونة مثله فيقتلها كما سيقتل ترامب أمريكا. وفي نهاية الفيلم يتحول الناس كلهم إلى مهرجين والجوكر يقودهم للفوضى. ولإظهار زعامة آرثر/ترامب تصدح الأغاني بينما البطل في المقعد الخلفي لدورية الشرطة يمر بشوارع تحترق مثل طاغية روما «نيرون» الحاكم الذي أحرق شعبه وبلده بلا مبالاة، لينقذه شعب مجنون يحتفلون معه كزعيم على ظهر دورية الشرطة التي تمثل الحكومة، وإشارة إلى أن البشر جميعهم يملكون نزعة للشر، وفي الختام يهرب الجوكر ليستمر الجنون.
* بالعجمي الفصيح:
في الواقع، ندرك أننا لا نشاهد أمريكا التي عرفناها، بل نسخة مزيفة منها. وحين نشاهد فيلم المهرج JOKER نرى بصيص أمل من الإسقاط السياسي للفيلم، وبأن المثقف الأمريكي يرى شخصية الجوكر غير السوية تجسيداً لترامب أو لحقبة حكمه على الأقل.
* كاتب وأكاديمي كويتي