جنود البحرين أوفوا بعهدهم ووعدهم، فظهر رجال البحرين صناديد وابطالا، وتلألأ معدنهم الحقيقي الذي كان عنوانه الأبرز " البحرين فقط"، لتتجلى الروح الوطنية وتعانق مستوياتهم وفنياتهم عنان السماء، حيث قدم اللاعبون كل ما لديهم، وأعادوا هيبة الكرة البحرينية التي ربما كانت مفقودة لسنوات، ليظفروا بنقاط إيران، ويتصدروا المجموعة بسبع نقاط بالتساوي مع منتخب العراق الشقيق.
قد يتساءل البعض ماذا حدث لمنتخبنا في هذه المباراة، ولماذا ظهرت كل تلك العزيمة والروح والإصرار للفوز والتألق أمام المصنف الأول آسيوياً؟ وتلك الأسئلة في اعتقادي لها أربع عوامل هامة هي الإجابة على تلك التساؤلات، وهي: العامل النفسي الذي كان لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة أثر كبير وفعال فيه، خاصة بعد زيارة سموه لمعسكر تدريب المنتخب قبل يوم واحد وتقديمه لجمل وكلمات أقل ما يقال عنها إنها مبعث للأمل والتفاؤل، وهذا ما نعهده كمتابعين رياضيين من سموه الذي له مواقف عديدة في بث الروح وزراعة الأمل والتطلع إلى النجاح مع شباب الوطن، فكانت هذه المباراة هي ثمرة ذلك الموقف الجميل من سمو الشيخ ناصر بن حمد.
العامل الثاني هو الجمهور البحريني، هذا الجمهور متعطش دائماً للفوز، وبالرغم من غضبه واستيائه احياناً من أداء المنتخب، إلا ذلك لا يمنعه أبدا من الحضور والتشجيع و المؤازرة للمنتخب الوطني، وفي أصعب الظروف سنجد تلك الجماهير تعلن وقوفها مع المنتخب، وسيحضر ويؤازر ويشجع ليس للفوز وحسب ولكن حتى يشعر اللاعبين بأن هناك جيشاً أحمر يساندهم ويقف خلفهم، وهذا في حد ذاته عامل مهم جدا لتحقيق النصر، وهذا ما حدث مع منتخب إيران، وهذا ما سيحدث مع أي منتخب آخر أيضاً، فالجماهير البحرينية هي الرقم الصعب الأول ، والمحرك الحقيقي لروح لاعبينا على أرض الملعب.
العامل الثالث هو المنتخب الإيراني نفسه، فنحن في البحرين نعلم جيداً أن المنتخب الإيراني هو متصدر القارة الصفراء وفي التصنيف الـ23 عالمياً ، لذلك فإن مجرد الفوز عليه لا يعني حصولنا على ثلاث نقاط فحسب، بل أيضاً التأكيد لكل من في هذه القارة أن المنتخب البحريني ليس لقمة سائغة، ولن يكون سهل المنال لكبار القارة، وإيران أولها، لذلك دخل لاعبو المنتخب هذه المباراة وهم واضعون نصب أعينهم ذلك الأمر، فكان التحدي الكبير الذي جلب الفوز، والذي بسببه سيحسب لمنتخبنا ألف حساب من المنتخبات الآسيوية الأخرى، ثم إن التاريخ يؤكد أن منتخبنا لم يهزم على ارضه وبين جمهوره من إيران قط، وهذا أيضا دافع كبير للاعبين لاستمرار هذا السجل المشرف لمنتخبنا.
العامل الرابع وهو المدرب البرتغالي "هيليو سوزا" لذي يملك فكر تكتيكي على أعلى مستوى، كما يمتاز بالقراءة الثاقبة للمنافسين، وأيضا أسلوبه المتطور الذي انعكس على تطور أداء اللاعبين الملحوظ في جميع الخطوط حيث ساهم هذا الفكر والأسلوب لهذا المدرب في ارتفاع أداء المنتخب تدريجياً خلال الفترة الأخيرة، واعتقد أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الاستراتيجي الكروي الذي سيقدمه المدرب لمنتخبنا، ونحن ننتظر الأفضل منه دائماً.
إن هذا المنتخب في طريقه لأن يصبح الجيل الذهبي القادم للكرة البحرينية بعد جيل سالمين وطلال وأبناء حبيل، وهذا الجيل الحالي بقيادة الكابتن السيد محمد جعفر وإخوانه اللاعبين ومنهم: وليد الحيام وعبدالله الهزاع وجاسم الشيخ وكميل الأسود وأحمد بوغمار ومهدي حميدان وعبدالله يوسف ومحمد الحردان وعبدالوهاب المالود والسيد ضياء والبقية هو من سنعول عليهم في المستقبل لقيادة الكرة البحرينية والارتقاء فيها إلى مستويات كبيرة بمشيئة الله، ولاشك أن الطاقم الفني والإداري الجنود المجهولين اللذين يعملون بصمت خلف الكواليس ويستحقون منا كل التقدير والاحترام وكل الشكر لرئيس الاتحاد البحريني الشيخ علي بن خليفة أل خليفة ونائبه الشيخ خالد بن سلمان آل خليفة على عملهم الكبير ودعمهم المتواصل ونأمل وبتكاتف الجميع مواصلة حلم التأهل للمونديال فالقادم أفضل بعون الله.
وإن كان من كلمة ختام فأود أن أشكر تلفزيون البحرين "القناة الرياضية" على نقل هذه المباراة للجمهور البحريني، وفي مقدمتهم رئيسة القناة الأستاذة مريم بوكمال التي طورت كثيراً من القناة مروراً بالمذيع الرياضي المتألق فواز العبدالله والكابتن غازي الماجد والكابتن عبدالرحمن المالكي اللذين قاموا بتحليل موقعة إيران والطاقم الفني الذي نقل المباراة والمراسل التلفزيوني على أرض الملعب أحمد بطي ومعلق المباراة الحماسي جداً عمر عبد السميع، كما تم بث برنامج خاص وهو "الهدف المونديالي" بعد المباراة قدمه الإعلامي المتميز عيسى شريدة مع ضيوفه المدرب صديق زويد والكابتن خالد جاسم النصف كل تلك الجهود تكللت بالنجاح والتوفيق لمنتخبنا الرائع الذي سوف نترقب وننتظر منه المزيد ليرفع اسم بلادنا في العالي.