أخبار في ظاهرها جميلة ولكنها لا تعدو أن تكون مجرد أخبار أو أفضل ما يمكن القول عنها إنها مفرقعات شهر رمضان «الجراخيات»، والتي هي أقرب للإزعاج من التسلية. كذلك الأخبار المتداولة عن مشروع أعضاء مجلس النواب لزيادة الرواتب لنسبة تصل إلى 20% للدرجات الاعتيادية والتخصصية والتنفيذية والتعليمية.

مشروع يطرح بشكل فعلي أو على شكل وعود وكلام في كل فصل تشريعي وفي كل دور وجلسة وفي كل مجلس أسبوعي لسعادة النواب. ولا أقصد أن أنتقص من دور السلطة التشريعية إلا أني أود أن أذكرهم بالحدود التي لا يمكنهم فيها الاستعراض أو تحقيق المستحيل.

فموضوع زيادة الرواتب مسألة حساسة جداً في مملكة البحرين ولا يمكن أن تمر بشكل عاطفي بطولي من مجلس النواب، أعضاء النواب يدركون تماماً كما ندرك أن بعد الاثنين، الثلاثاء، أن المشروع لن يمر لعدة أسباب منها أن الحكومة سبق وأن أعلنت قبل سنة وشهر، برنامج التوازن المالي الذي يهدف إلى إحداث التوازن بين المصروفات والإيرادات في 2022، مما يعني أن طلب أي زيادة تعتبر مصروفاً إضافياً بعكس الخطة الموضوعة. كما أن مجلس النواب ليس الوحيد في الساحة التشريعية، فمجلس الشورى سبق له أن أسقط عدة مرات مشاريع لزيادة رواتب رفعت من قبل مجلس النواب.

وكل ذلك يعطي مؤشراً أن مجلس النواب يعلم جيداً بأن مشروعه لزيادة الرواتب مصيره الرفض، وأنهم فقط يؤدون الدور المطلوب منهم لاكتساب ود وتعاطف الشارع الذي فقد ثقته في المجلس. لذا لا تجد أي أرقام صرح بها أصحاب المشروع ومن أين سيتم تخصيص المبلغ المطلوب للزيادة!

وعني شخصياً أقولها لا نريد أي زيادة في الرواتب، ولأي فئة. فللأسف بلدنا ليست مستعدة لأي زيادة، حيث إنه بمجرد إعلان زيادة 20% لمجموعة من موظفي الدولة «ليس الكل طبعاً»، سترتفع أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات على الجميع دون استثناء، على المتقاعدين والموظفين في القطاع الخاص وموظفي القطاع العام من الوظائف التخصصية. فما ذنب هؤلاء؟ في الأولى يحرمون من الزيادة وفي الثانية تصيبهم لفحة زيادة الأسعار.

الجهات المعنية في البلد ليس لديها أي آلية أو تشريع يستطيع منع ارتفاع الأسعار أو مراقبته، فجملة أن السوق مفتوح والمستهلك لديه بديل حاضرة -وإن تكالب التجار في السوق على المواطن-، كما أن جمعية حماية المستهلك التي لا أعلم تحمي المستهلك من ماذا لا تملك أي وسيلة أو حيلة تمنع التجار من رفع الأسعار.

متوسط مبلغ الزيادة 20% حسب الرواتب سيكون 130 ديناراً، مبلغ من شأنه سد حاجات أسر وتوفير سيولة إضافية لأيام إضافية من الشهر، شرط تبقى أسعار السلع والخدمات كما هي دون تغير وهو أمر صعب التحقيق.

لذا يجب على السلطة التشريعية والتنفيذية في حال اتفاقها على أي زيادة أن يكون هذا المبلغ مضافاً على دعم السلع والخدمات الأساسية والتي يستفيد منها جميع المواطنين بشكل مباشر، مثل البنزين والكهرباء والتي لها تأثير مباشر وإيجابي على التضخم الاقتصادي.

زيادة الرواتب مطلب شعبي ضروري، فمع آخر زيادة في 2011 ارتفعت تكاليف المعيشة في البحرين وأصبح مدخول المواطن والمقيم لا يواكب المصروف اليومية، نتمنى أن تحقق البحرين التوازن المالي قبل 2022 وينعكس أثر ذلك على كافة شرائح المجتمع بالعدل والتساوي.