يعتبر شبابنا البحريني من أكثر شباب الوطن العربي ميلاً للعمل، والعمل الشاق تحديداً. فكل المؤشرات تؤكد أن الشباب في البحرين يتحمل كل متاعب ومشقات العمل بكل درجاته وصنوفه، ومن يقول غير ذلك فهو لا يفهم طبيعة وتاريخ شبابنا ولا يعي كمية الصبر التي يتحلون بها في سبيل نهضة وطنهم.

فنسب الخريجين من الجامعيين ومن كافة التخصصات في مملكة البحرين ربما تعد الأولى عربياً مقارنة بعدد نسمات هذا الوطن، ولذا فإن بقاء مجموعات كبيرة جداً منهم خارج سوق العمل ليس بالأمر الجيد ولا المنصف، وفي حال حاول بعض أرباب العمل في القطاع الخاص تحديداً التنصل من مسؤولية التوظيف، قاموا باتهام شبابنا المثابر على أنهم لا يفضلون العمل في البيئات الصعبة والشاقة، بينما التاريخ والواقع والوقائع كلها تكذب هذا الافتراء بحق شبابنا البحريني.

مؤخراً، أجرت إحدى الصحف المحلية استطلاعاً للرأي حول هذا الأمر، فجاءت النتيجة بأن 72% من المواطنين يفضلون الوظائف المتعِبة إذا كان دخلها أعلى، بينما تحدث من قبل بعض المسؤولين وبعض رؤساء الشركات الخاصة بأن البحرينيين ليسوا كذلك!

إن توجه الدولة إلى توزير الشباب البحريني وإعطاء الفرص للدماء الشابة ما هو إلا دليل على أننا على أعتاب مرحلة جديدة من العمل الحكومي المغاير، كما أن إعطاء مناصب حساسة ومهمة وكبيرة لشبابنا يصب في ذات الاتجاه الصحيح، وهو أن الشاب البحريني هو القوة القادمة لبناء مشاريع الوطن من خلال تمكينه بشكل يعطيه كامل الثقة على أنه «قادر».

لا يجوز الاستهانة بِطاقات شبابنا من مختلف الأعمار والتخصصات والمهن، بل يجب بدل إرسال رسائل محبطة وسلبية عبر وسائل الإعلام يتهمون فيها شبابنا بأنهم ليسوا رجال المرحلة، أن يعطوهم الفرص المناسبة لإثبات أنفسهم بأنهم على قدر المسؤولية الوطنية الكبيرة في تحمل الأمانة وجودة العمل وإتقانه بشكل لا ريب فيه.

نحن نوجه نداءنا إلى ديوان الخدمة المدنية ومعها وزارة العمل وبقية مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، أن يراهنوا على شبابنا البحريني في تسلُّم مقاليد العمل والمسؤولية بدل استيراد مجموعة عملاقة من الأجانب بشكل طائش وغير مدروس، مما أدى هذا الأمر إلى تهميش الشباب البحريني وتحجيمه واستبعاده من السوق بطريقة غير منصفة، فالشباب هم عماد الوطن ومستقبله وعزه وذخره وذخيرته، وعليه لا يمكن قبول الاستهتار بطاقاتهم وشهاداتهم وحماسهم، ومن يفعل ذلك فإنه لا يحب هذا الوطن ولا يهمه مستقبله.

وعلى إثر هذا الوعي وتأكيده نختم حديثنا هذا بما أكد عليه حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حين قال في ما يخص تمكين شبابنا «إن مسألة تمكين الشباب كقوة عمل وبناء، هي مسألة ننظر إليها باهتمام بالغ لما لتلك القوة من دور مؤثر في صوغ مستقبل الأمم. ونؤكد هنا، من منطلق قناعتنا الشخصية، وفي ضوء ما أثبتته تجربتنا الوطنية، بأن عملية إشراك الشباب في الشأن الوطني هو رهان رابح في كل الأحوال، متى ما تم إعدادهم الإعداد السليم بتدريبهم على القيادة المسؤولة، وفسح مجال مشاركتهم في عملية صنع واتخاذ القرار، لإحداث التطوير الإيجابي الذي نطمح له جميعاً».