شاءت الصدف، وخلال حفل توقيع جمعية الصحفيين البحرينية وهيئة الصحفيين السعوديين اتفاقية تعاون تاريخية تحصل للمرة الأولى بين الطرفين، الأربعاء الماضي، شاءت الصدف أن ألتقي الكاتبة والزميلة القديرة فوزية رشيد.
أعرفها منذ بداياتي كصحفي ممتهن لمهنة الصحافة في «أخبار الخليج» وتحديداً عام 1999، وأستمتع بقراءة كثير مما تكتبه، وقد أختلف معها في أمور، وهو أمر طبيعي، والعكس مباح أيضاً، لكنني والحق يقال، قلما أجد كتاباً مخضرمين لهم سنينهم الطويلة في عالم «صاحبة الجلالة» يمتلكون خطاً «متفرداً» من ناحية «الحفاظ» على «نقاء» الفكر والارتقاء على الرتابة التقليدية.
حديث شيق كان، لكن الشائق فيه أن الزميلة فوزية رشيد أخبرتني بأنها مازالت تكتب مقالاتها على الورق وبخط يدها، رغم أن التكنولوجيا غزت كل شيء في حياتنا، وأصبحنا «بشراً إلكترونيين»، ولهذا فهي مازالت تصر وتتمسك بالشيء «الإنساني» المتعلق بالكتابة الصحفية.
ذكرتني ببداياتي الصحفية، والتي بالفعل كنا نكتب فيها مقالاتنا بالقلم وعلى الورق، لكن سرعان ما تحولنا للكتابة على الحواسيب، ووصلت إلى مرحلة اليوم قد أكتب فيها مقالاً خلال دقائق -إن كانت الفكرة مترسخة- في هاتفي الذكي من نوع «الآيفون» ومن ثم أرسله من خلاله للصحيفة.
لكن ليس هذا المقصد، الحديث يجرك لهذا المصطلح الذي برز في كلامنا فجأة، وأعني به «الزيف»، وهل بالفعل مجتمعنا في أغلب تعاملاته أصبح «مجتمعا مزيفا»؟! لدرجة أن تجد أناساً كثيرون يسعون للهروب من التجمعات المختلفة، لأنها تعطيك «بوفيهاً» مفتوحاً من حالات التصنع والنفاق وارتداء الأقنعة، فيها قد تجد المجاملات بين أناس لو سبرت أغوارهم لوجدت أنهم يتبادلون الكراهية والحقد، وأن ما يظهرونه مجرد كذب وتلون! وحتى في العالم الإلكتروني الذي نسميه مجازاً «عالماً افتراضياً» رغم أنه عالم حقيقي وإن كان من خلال تطبيقات إلكترونية، حتى في هذا العالم ستجد عمليات «تجمل» لدى الكثيرين، ستجد أناسا تعرف خصالهم في الواقع، تعرف أنهم بلا مبادئ ولا ثقافة ولا أعراف ولا أخلاقيات، ستجد أنهم ينشرون كل ما يرمز للأمور التي ذكرتها أعلاه، في تناقض صارخ وفاضح، يجعلك إن كنت تعرف الشخص بالفعل «تشمئز» من هذا الزيف الممارس، والذي قد ينطلي على الجموع الغفيرة من البشر، بسبب تعاملها «البريء» مع الموقف.
هل نحن مجتمع «زائف»؟! هذا هو السؤال الذي أفكر فيه وأحاول أن أناهض وأثور ضد الإجابة بـ«نعم»، لأنني أومن بأن هناك من يحارب الزيف والخداع والتزوير الإنساني، هناك من مازال يمتلك مبادئ حقيقية وأخلاقيات راسخة، لا يدعيها لمجرد خداع الناس أو التجمل، بل لأنه يؤمن بها.
الإجابة ليست بـ «نعم مطلقة»، لكن الظاهرة الخطيرة تتمثل بأن عمليات «التماشي» البشرية مع تأثيرات ما يسمى بالشهرة الإعلامية، واليوم هي شهرة إلكترونية، أفرزت لنا حالات متضخمة من التحولات لـ«مجتمع كاذب وزائف».
هل تصدقون كل ما يحصل لكم وأمامكم في التجمعات العامة؟! هل تثقون بكل من «يبيع» المبادئ والشعارات ويقدم «العظات» في وسائل التواصل الاجتماعي؟!
من السذاجة أن تجيب بـ «نعم مطلقة» لتشمل كل شيء، لأن الحقيقة تثبت بأن نسبة «الزائفين» أكبر من «الحقيقيين»، ولذلك فإن فكرة العودة للكتابة بالقلم على الورق، قد تكون نوعاً من «الهروب للوراء» باتجاه حالة متجردة من «الصدق المباشر» وبلا وسيط إلكتروني!
دمتم «بشراً حقيقيين».
{{ article.visit_count }}
أعرفها منذ بداياتي كصحفي ممتهن لمهنة الصحافة في «أخبار الخليج» وتحديداً عام 1999، وأستمتع بقراءة كثير مما تكتبه، وقد أختلف معها في أمور، وهو أمر طبيعي، والعكس مباح أيضاً، لكنني والحق يقال، قلما أجد كتاباً مخضرمين لهم سنينهم الطويلة في عالم «صاحبة الجلالة» يمتلكون خطاً «متفرداً» من ناحية «الحفاظ» على «نقاء» الفكر والارتقاء على الرتابة التقليدية.
حديث شيق كان، لكن الشائق فيه أن الزميلة فوزية رشيد أخبرتني بأنها مازالت تكتب مقالاتها على الورق وبخط يدها، رغم أن التكنولوجيا غزت كل شيء في حياتنا، وأصبحنا «بشراً إلكترونيين»، ولهذا فهي مازالت تصر وتتمسك بالشيء «الإنساني» المتعلق بالكتابة الصحفية.
ذكرتني ببداياتي الصحفية، والتي بالفعل كنا نكتب فيها مقالاتنا بالقلم وعلى الورق، لكن سرعان ما تحولنا للكتابة على الحواسيب، ووصلت إلى مرحلة اليوم قد أكتب فيها مقالاً خلال دقائق -إن كانت الفكرة مترسخة- في هاتفي الذكي من نوع «الآيفون» ومن ثم أرسله من خلاله للصحيفة.
لكن ليس هذا المقصد، الحديث يجرك لهذا المصطلح الذي برز في كلامنا فجأة، وأعني به «الزيف»، وهل بالفعل مجتمعنا في أغلب تعاملاته أصبح «مجتمعا مزيفا»؟! لدرجة أن تجد أناساً كثيرون يسعون للهروب من التجمعات المختلفة، لأنها تعطيك «بوفيهاً» مفتوحاً من حالات التصنع والنفاق وارتداء الأقنعة، فيها قد تجد المجاملات بين أناس لو سبرت أغوارهم لوجدت أنهم يتبادلون الكراهية والحقد، وأن ما يظهرونه مجرد كذب وتلون! وحتى في العالم الإلكتروني الذي نسميه مجازاً «عالماً افتراضياً» رغم أنه عالم حقيقي وإن كان من خلال تطبيقات إلكترونية، حتى في هذا العالم ستجد عمليات «تجمل» لدى الكثيرين، ستجد أناسا تعرف خصالهم في الواقع، تعرف أنهم بلا مبادئ ولا ثقافة ولا أعراف ولا أخلاقيات، ستجد أنهم ينشرون كل ما يرمز للأمور التي ذكرتها أعلاه، في تناقض صارخ وفاضح، يجعلك إن كنت تعرف الشخص بالفعل «تشمئز» من هذا الزيف الممارس، والذي قد ينطلي على الجموع الغفيرة من البشر، بسبب تعاملها «البريء» مع الموقف.
هل نحن مجتمع «زائف»؟! هذا هو السؤال الذي أفكر فيه وأحاول أن أناهض وأثور ضد الإجابة بـ«نعم»، لأنني أومن بأن هناك من يحارب الزيف والخداع والتزوير الإنساني، هناك من مازال يمتلك مبادئ حقيقية وأخلاقيات راسخة، لا يدعيها لمجرد خداع الناس أو التجمل، بل لأنه يؤمن بها.
الإجابة ليست بـ «نعم مطلقة»، لكن الظاهرة الخطيرة تتمثل بأن عمليات «التماشي» البشرية مع تأثيرات ما يسمى بالشهرة الإعلامية، واليوم هي شهرة إلكترونية، أفرزت لنا حالات متضخمة من التحولات لـ«مجتمع كاذب وزائف».
هل تصدقون كل ما يحصل لكم وأمامكم في التجمعات العامة؟! هل تثقون بكل من «يبيع» المبادئ والشعارات ويقدم «العظات» في وسائل التواصل الاجتماعي؟!
من السذاجة أن تجيب بـ «نعم مطلقة» لتشمل كل شيء، لأن الحقيقة تثبت بأن نسبة «الزائفين» أكبر من «الحقيقيين»، ولذلك فإن فكرة العودة للكتابة بالقلم على الورق، قد تكون نوعاً من «الهروب للوراء» باتجاه حالة متجردة من «الصدق المباشر» وبلا وسيط إلكتروني!
دمتم «بشراً حقيقيين».