هل نحن منصفون؟ هل نصدر أحكامنا بناء على فهم ووعي كامل؟ أم نصدر أحكامنا بناء على مشاعرنا تجاه الموقف أو الشخص الذي نتعامل معه؟ بمعنى أنه متى ما مررنا بتجربة إيجابية مع خدمة معينة فإننا نحكم بالمطلق على كل المكان بأنه إيجابي.. وهكذا متى ما تعاملنا مع شخص نحمل له شعوراً إيجابياً فتكون عيون الرضا هي معيار تقييمنا له.. أما إذا كان شعورنا أو تجربتنا سلبية معه فيصبح هو أسوأ إنسان بالمجمل.
قبل 10 أعوام من اليوم حدث لي موقف غير لي مجرى تفكيري في إطلاق الأحكام بالمطلق.. في ذاك الوقت انتقلت للعمل مع مجموعة جديدة من الزملاء.. وقبل أن أكمل الأسبوع الأول في هذا المكان أخبرني المسؤول بأن هناك سفرة عمل خارجية لتمثيل المؤسسة التي نعمل بها وأخبرني بأنني مرشحة للسفر مع أحد الزملاء من إدارة أخرى. وما إن علم زميلي في نفس الإدارة بالموضوع إلا ثار غاضباً معلناً عن أحقيته بالسفر لقدمه في الإدارة.. فالتفت إليه المدير قائلاً كيف ستسافر مع شخص لديك عداوة معه....؟
التزمت الصمت.. فأنا جديدة في المكان وأجهل أبسط أبجديات التعامل مع هؤلاء الأشخاص، كما أنني شخصية غير صدامية وأتجنب خلق العداوات.
فرد الموظف على المسؤول «نعم إنني على عداء معه، وهذا لا يمنعني من تجميد عداوتي معه فترة السفر، وتمثيل المؤسسة أفضل تمثيل ومن بعد هذه السفرة سأعاود عدائي تجاهه مرة أخرى».
توسعت مقلة عيني متعجبة، محاولة فهم ما يجري حولي.. أيملك الإنسان القدرة على التحكم بمشاعره إلى هذه الدرجة. ماذا يعني بتجميد العداء؟ كيف سيعيد العداء بعد عودتهم من السفر؟ أيمكن للمرء أن يتحكم في مقدار تدفق الحب أو العداء؟؟
كل هذه الأسئلة وأكثر دارت في مخيلتي.. وما أوقفها إلا اعتذار الموظف مني لأنه اعترض على سفري وطالب بحقه في السفر لقدمه في المكان.
فأجبته بأنني أتفق معه من حيث الأحقية فهو الأقدم، متمنية له سفرة عمل ممتعة وآمنة، خالية من المناقصات، لا سيما أنه سيسافر مع عدو له! فقال لي: «الله المستعان، سأسافر مع بوعبدالله هذا الرجل الذي لا أحب التعامل الإداري معه فهو على الرغم من ذكائه واجتهاده إلا أنه متعنت ومتشبث برأيه» فقاطعته قائلة «عجباً تذكر محاسنه ومساوءه بتوازن تام» فقال لي «بلا شك فلكل منا جانب مظلم، كما أنه لا يوجد حب مطلق أو كره مطلق، نحب الأشياء لأسباب معينة، ونكرهها لأسباب معينة أيضاً، على فكرة أبو عبدالله ليس إنساناً سيئاً بل فيه الكثير من الأمور الإيجابية ولربما أكثر ما يثير إعجابي به هو اجتهاده وذكاؤه الحاد وإلمامه التام بما يقوم به، ولكنه كما ذكرت لك عنيد، متصلب، لا يقبل رأياً غير رأيه، وهذا ما يجعلني أتصادم معه وأمقت التعامل معه».
استغرقت وقتاً من الزمن لأفهم حكمة زميلي، فلكل منا جانب مضيء.. وما أجمل أن نتحدث باتزان عن تجاربنا وعلاقتنا بالآخرين مهما كانت تجاربنا معهم.
* رأيي المتواضع:
يبالغ بعض الأشخاص في ذم الآخرين، وانتقادهم، والانتقاص من قدرهم، والحط من مكانتهم بحجة إبداء الرأي، متناسين بأن هؤلاء أو هذه الجهات لديها محاسن أيضاً، ومن الإيجابي جداً أن لا نرى بعين واحدة ومن زاوية واحدة.. فلا يوجد شخص أو جهة سيئة بالمطلق ولا يوجد شخص أو جهة إيجابية بالمطلق. فلكل منا جانبه المظلم والمضيء.
فلنكن منصفين في إطلاق الأحكام على كل شيء حولنا.
قبل 10 أعوام من اليوم حدث لي موقف غير لي مجرى تفكيري في إطلاق الأحكام بالمطلق.. في ذاك الوقت انتقلت للعمل مع مجموعة جديدة من الزملاء.. وقبل أن أكمل الأسبوع الأول في هذا المكان أخبرني المسؤول بأن هناك سفرة عمل خارجية لتمثيل المؤسسة التي نعمل بها وأخبرني بأنني مرشحة للسفر مع أحد الزملاء من إدارة أخرى. وما إن علم زميلي في نفس الإدارة بالموضوع إلا ثار غاضباً معلناً عن أحقيته بالسفر لقدمه في الإدارة.. فالتفت إليه المدير قائلاً كيف ستسافر مع شخص لديك عداوة معه....؟
التزمت الصمت.. فأنا جديدة في المكان وأجهل أبسط أبجديات التعامل مع هؤلاء الأشخاص، كما أنني شخصية غير صدامية وأتجنب خلق العداوات.
فرد الموظف على المسؤول «نعم إنني على عداء معه، وهذا لا يمنعني من تجميد عداوتي معه فترة السفر، وتمثيل المؤسسة أفضل تمثيل ومن بعد هذه السفرة سأعاود عدائي تجاهه مرة أخرى».
توسعت مقلة عيني متعجبة، محاولة فهم ما يجري حولي.. أيملك الإنسان القدرة على التحكم بمشاعره إلى هذه الدرجة. ماذا يعني بتجميد العداء؟ كيف سيعيد العداء بعد عودتهم من السفر؟ أيمكن للمرء أن يتحكم في مقدار تدفق الحب أو العداء؟؟
كل هذه الأسئلة وأكثر دارت في مخيلتي.. وما أوقفها إلا اعتذار الموظف مني لأنه اعترض على سفري وطالب بحقه في السفر لقدمه في المكان.
فأجبته بأنني أتفق معه من حيث الأحقية فهو الأقدم، متمنية له سفرة عمل ممتعة وآمنة، خالية من المناقصات، لا سيما أنه سيسافر مع عدو له! فقال لي: «الله المستعان، سأسافر مع بوعبدالله هذا الرجل الذي لا أحب التعامل الإداري معه فهو على الرغم من ذكائه واجتهاده إلا أنه متعنت ومتشبث برأيه» فقاطعته قائلة «عجباً تذكر محاسنه ومساوءه بتوازن تام» فقال لي «بلا شك فلكل منا جانب مظلم، كما أنه لا يوجد حب مطلق أو كره مطلق، نحب الأشياء لأسباب معينة، ونكرهها لأسباب معينة أيضاً، على فكرة أبو عبدالله ليس إنساناً سيئاً بل فيه الكثير من الأمور الإيجابية ولربما أكثر ما يثير إعجابي به هو اجتهاده وذكاؤه الحاد وإلمامه التام بما يقوم به، ولكنه كما ذكرت لك عنيد، متصلب، لا يقبل رأياً غير رأيه، وهذا ما يجعلني أتصادم معه وأمقت التعامل معه».
استغرقت وقتاً من الزمن لأفهم حكمة زميلي، فلكل منا جانب مضيء.. وما أجمل أن نتحدث باتزان عن تجاربنا وعلاقتنا بالآخرين مهما كانت تجاربنا معهم.
* رأيي المتواضع:
يبالغ بعض الأشخاص في ذم الآخرين، وانتقادهم، والانتقاص من قدرهم، والحط من مكانتهم بحجة إبداء الرأي، متناسين بأن هؤلاء أو هذه الجهات لديها محاسن أيضاً، ومن الإيجابي جداً أن لا نرى بعين واحدة ومن زاوية واحدة.. فلا يوجد شخص أو جهة سيئة بالمطلق ولا يوجد شخص أو جهة إيجابية بالمطلق. فلكل منا جانبه المظلم والمضيء.
فلنكن منصفين في إطلاق الأحكام على كل شيء حولنا.