تذكرون حينما كتبت هنا ذات يوم عن أصحاب «المعايير المزدوجة»، أي الأشخاص الذين يطبقون «عكس» ما يدعون الناس له من ممارسات وأفعال؟! أو أولئك الذين «يخدعون» الناس بالشعارات التي لا يطبقونها، بل يلوكونها كما «العلكة» فاقدة النكهة والطعم في أفواههم؟!
دعوني هنا أورد لكم قصة منقولة، وبعدها لنبحث في مقاصدها ودلالتها، علنا نستوعب حقيقة الإيمان بالمبادئ فعلاً قبل القول.
القصة تقول بأن شاباً عربياً مغترباً ينحدر من أسرة مسلمة، عرض على أبيه أن يتزوج بنتاً مسيحية إنجليزية، فرفض والده، موافقاً في حال دخلت الإسلام فقط.
ذهب الشاب إلى مكتبة المركز الإسلامي بلندن، أخذ بعض الكتب عن الإسلام، وذهب للبنت وقال لها: الوالد رفض الموافقة على الزواج إلا إذا أسلمتِ. وافقت واشترطت عليه مدة أربعة أشهر حتى تدرس الكتب وتفهم الإسلام.
بعد أربعة شهور زارتهم في المنزل، وتفاجؤوا بدخولها مرتدية الحجاب. قالت: لقد أسلمت. ففرحوا بقولها، لكنها التفتت على الفتى وقالت: لكنني لن أتزوجك لأنك غير مسلم. ووسط دهشتهم جميعاً، واصلت بقولها: سلوكياتك التي أعرفها تخالف ما فهمته عن الإسلام، فأنت تشرب الخمر، وتأكل لحم الخنزير، وتلاحق الفتيات، وهاأنتم أمامي في منزلكم، وجميعكم تشربون الخمر، ووالدتك وإخواتك لا يرتدون الحجاب. أنتم غير مسلمين «حقيقيين» واشترطتم علي أن أكون مسلمة لأتزوج ابنكم الذي لا يرتبط بالإسلام الا إسماً! عموماً أشكركم على تعريفكم لي بدينكم وقيمه. وأغلقت الباب وراءها ورحلت.
في نفس سياق القصة، هناك إلحاق بها يقول، بأن شاباً مبتعثاً للولايات المتحدة الأمريكية عرض محاسن الإسلام على أمريكي عجوز، لكن العجوز قال له: نحن في الغرب نعرف الإسلام، وأنه يحمل قيماً عليا ومبادئ سامية، وإننا نعلم أنه يمنع تعاطي الخمور، ويمنع التحرش بالنساء. ولكنكم عندما تأتون إلى بلادنا نراكم تشربون الخمور، وتلاحقون النساء، وتقطعون إشارات المرور، وتكذبون، وتسرقون، وتتحايلون على القوانين. نحن لا نريد الخطب والمحاضرات عن دينكم، طبقوه في حياتكم أولاً. الغرب يريد أن يرى الإسلام سلوكاً واقعياً في حياتكم، ومجتمعاتكم أولاً، قبل أن تعرضوه على الناس.
وأنا أقول بأن هذا كلام عميق جداً، ويأتي في سياق ما نكتبه دائماً ونؤكد عليه بشأن مدعي الالتزام الديني، والمتشدقين بالشعارات الأخلاقية والسلوكيات المثالية حينما تثبت أفعالهم وسلوكياتهم ومعاملاتهم مع البشر أنهم «نقيض» ما يدعون، وبعضهم «يوغل» بشكل فاضح في عمليات «وعظ زائفة» للمجتمع بشأن كل هذه الفضائل التي لا يطبقها ولا يؤمن بها.
تريد أن تنصح الناس وتمارس «الفلسفة الحياتية والعملية» عليهم، طبق ما تقوله على نفسك أولاً، ثم أعطِ نفسك الحق لتكون ناصحاً أو عراباً أو مروجاً للأخلاقيات والسلوكيات، فمجتمعنا ضج بما عج به من «زائفين» في شعاراتهم «كاذبين» في أقوالهم «متناقضين» في تصرفاتهم.
{{ article.visit_count }}
دعوني هنا أورد لكم قصة منقولة، وبعدها لنبحث في مقاصدها ودلالتها، علنا نستوعب حقيقة الإيمان بالمبادئ فعلاً قبل القول.
القصة تقول بأن شاباً عربياً مغترباً ينحدر من أسرة مسلمة، عرض على أبيه أن يتزوج بنتاً مسيحية إنجليزية، فرفض والده، موافقاً في حال دخلت الإسلام فقط.
ذهب الشاب إلى مكتبة المركز الإسلامي بلندن، أخذ بعض الكتب عن الإسلام، وذهب للبنت وقال لها: الوالد رفض الموافقة على الزواج إلا إذا أسلمتِ. وافقت واشترطت عليه مدة أربعة أشهر حتى تدرس الكتب وتفهم الإسلام.
بعد أربعة شهور زارتهم في المنزل، وتفاجؤوا بدخولها مرتدية الحجاب. قالت: لقد أسلمت. ففرحوا بقولها، لكنها التفتت على الفتى وقالت: لكنني لن أتزوجك لأنك غير مسلم. ووسط دهشتهم جميعاً، واصلت بقولها: سلوكياتك التي أعرفها تخالف ما فهمته عن الإسلام، فأنت تشرب الخمر، وتأكل لحم الخنزير، وتلاحق الفتيات، وهاأنتم أمامي في منزلكم، وجميعكم تشربون الخمر، ووالدتك وإخواتك لا يرتدون الحجاب. أنتم غير مسلمين «حقيقيين» واشترطتم علي أن أكون مسلمة لأتزوج ابنكم الذي لا يرتبط بالإسلام الا إسماً! عموماً أشكركم على تعريفكم لي بدينكم وقيمه. وأغلقت الباب وراءها ورحلت.
في نفس سياق القصة، هناك إلحاق بها يقول، بأن شاباً مبتعثاً للولايات المتحدة الأمريكية عرض محاسن الإسلام على أمريكي عجوز، لكن العجوز قال له: نحن في الغرب نعرف الإسلام، وأنه يحمل قيماً عليا ومبادئ سامية، وإننا نعلم أنه يمنع تعاطي الخمور، ويمنع التحرش بالنساء. ولكنكم عندما تأتون إلى بلادنا نراكم تشربون الخمور، وتلاحقون النساء، وتقطعون إشارات المرور، وتكذبون، وتسرقون، وتتحايلون على القوانين. نحن لا نريد الخطب والمحاضرات عن دينكم، طبقوه في حياتكم أولاً. الغرب يريد أن يرى الإسلام سلوكاً واقعياً في حياتكم، ومجتمعاتكم أولاً، قبل أن تعرضوه على الناس.
وأنا أقول بأن هذا كلام عميق جداً، ويأتي في سياق ما نكتبه دائماً ونؤكد عليه بشأن مدعي الالتزام الديني، والمتشدقين بالشعارات الأخلاقية والسلوكيات المثالية حينما تثبت أفعالهم وسلوكياتهم ومعاملاتهم مع البشر أنهم «نقيض» ما يدعون، وبعضهم «يوغل» بشكل فاضح في عمليات «وعظ زائفة» للمجتمع بشأن كل هذه الفضائل التي لا يطبقها ولا يؤمن بها.
تريد أن تنصح الناس وتمارس «الفلسفة الحياتية والعملية» عليهم، طبق ما تقوله على نفسك أولاً، ثم أعطِ نفسك الحق لتكون ناصحاً أو عراباً أو مروجاً للأخلاقيات والسلوكيات، فمجتمعنا ضج بما عج به من «زائفين» في شعاراتهم «كاذبين» في أقوالهم «متناقضين» في تصرفاتهم.