نعم، هي في عرفنا الحالي، وفي زمننا الحالي «جريمة»، وأعني بها نقل الحقيقة «بدون بهارات» أو «بدون تزييف» للمسؤول الذي يمتلك قوة القرار.
هي جريمة، لكنها في السابق، وتحديداً في أيام رسولنا الكريم وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم، تعتبر «أداة بناء» و«حلقة وصل» بين المسؤول والناس من خلال الذين يعملون تحته مباشرة ومهمتهم نقل الواقع له، باعتبار أن كبار المسؤولين من الصعوبة أن يقفوا على كل صغيرة في العمل، ولابد لهم من عمليات «تفويض» و«منح للثقة» لأناس تحتهم ليعملوا بما يحقق طموحات هذا المسؤول.
عندما تولى الخليفة الراشد أبوبكر الصديق رضي الله عنه الخلافة، قال للمسلمين «قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حقٍّ فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني. أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم. ألا إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ الحق له، وأضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق منه». فقام أحد الحاضرين وقال له «لنقومنكم بالأبتر» وهو ملوحا بسيفه.
طبعا لن تصل الأمور لهذه المسألة، لكن المبدأ فيها أن «نقل الحقيقة» و«المشورة الصادقة» هي أهم عوامل نجاح المنظومات، وأهم نجاح القادة فيها، وعليه فإن المسئول لابد وأن يحرص على «الوصول للحقيقة» وعلى معرفة من ينقلها له دون زيادة أو نقصان، دون وضع الإضافات عليها، ودون الإخلال بها، وفي المقابل عليه أن يعرف من هم «المجاملون» و«الأفاقون» و«مزوري الحقائق».
أذكر في أحد مجالس صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس وزرائنا الحبيب، والذي نهنئه بذكرى مولده، وندعو الله بأن يرجع للبحرين سالماً غانماً معافٍ، في أحد مجالسه كنت أتحدث مع سموه في شأن موضوع معين، وهنا التفت للوزير المعني وسأله: «هل ما يقوله فيصل صحيح»، فرد الوزير بارتباك واضح، وقال كلاماً فيه عدم وصول للنقطة المطلوبة مباشرة، فقلت أنا «هذا غير صحيح»، وهنا حدث أمامي موقف إداري راق ورائع، بروعة صاحبه وهو رئيس الحكومة، حينما قال سموه: «كتابنا الوطنيين ينقلون لنا الصدق، ويتحدثون بصوت الناس وهمومهم، ولا أقبل بوزير في الحكومة لا ينقل لنا كافة التفاصيل دون نقصان، أصلحوا هذا الموضوع فوراً».
نعم، حينما تصل الأمور كما هي للمسؤول صاحب القرار، ستجدون الحسم بالتأكيد، ستجدون العدالة والإنصاف، ولن يظلم أحد، ولن يكون هناك قرار فيه مساحة للخطأ، في حال تركت الأمور للرواية الأولى التي نقلت بشكل غير صحيح أو غير دقيق.
قد يعتبر بعض المسؤولين بأن «تخفيف حدة» أي موضوع، أو تقديم «الحقيقة بشكل غير مجرد» أمر سيجنب إزعاج أو إغضاب المسؤول الأول، وأن الأمور يمكن أن تحل بهدوء قبل أن تتفاقم وتصل له، لكن هذه النظرة خاطئة تماماً، لأن الأمانة والصدق والالتزام بالثقة التي منحت للمسئولين والأفراد بعض النظر عن مواقعهم ومناصبهم، هي الثوابت التي يركز عليها كبار المسؤولين في البلد وأصحاب القرار، هم يريدون أشخاص أمناء ينقلون لهم الأمور بصورتها «الحقيقية» لا بصورة «معدلة» أو «ناقصة» أو «زائفة».
كيف ستحل كثير من الأمور لو كنا لا نقول «الحقيقة» للمسؤول، لو كنا نجامل وننافق ونزين الواقع بخلاف ما يكون عليه؟!
نقل الحقيقة للمسؤول ليست جريمة، بل الجريمة هو تضليل المسؤولين عبر إيصال الزيف لهم، أو حجب الحقيقة عنهم، وكم من أمور حينما وصلت لأعلى مستويات الهرم لدينا وجدت حلولا سريعة وفورية، فيها عزم وحزم و«غضبة حق» تقيم المعوج، وتصلح المعطوب؟!
هي جريمة، لكنها في السابق، وتحديداً في أيام رسولنا الكريم وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم، تعتبر «أداة بناء» و«حلقة وصل» بين المسؤول والناس من خلال الذين يعملون تحته مباشرة ومهمتهم نقل الواقع له، باعتبار أن كبار المسؤولين من الصعوبة أن يقفوا على كل صغيرة في العمل، ولابد لهم من عمليات «تفويض» و«منح للثقة» لأناس تحتهم ليعملوا بما يحقق طموحات هذا المسؤول.
عندما تولى الخليفة الراشد أبوبكر الصديق رضي الله عنه الخلافة، قال للمسلمين «قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حقٍّ فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني. أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم. ألا إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ الحق له، وأضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق منه». فقام أحد الحاضرين وقال له «لنقومنكم بالأبتر» وهو ملوحا بسيفه.
طبعا لن تصل الأمور لهذه المسألة، لكن المبدأ فيها أن «نقل الحقيقة» و«المشورة الصادقة» هي أهم عوامل نجاح المنظومات، وأهم نجاح القادة فيها، وعليه فإن المسئول لابد وأن يحرص على «الوصول للحقيقة» وعلى معرفة من ينقلها له دون زيادة أو نقصان، دون وضع الإضافات عليها، ودون الإخلال بها، وفي المقابل عليه أن يعرف من هم «المجاملون» و«الأفاقون» و«مزوري الحقائق».
أذكر في أحد مجالس صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس وزرائنا الحبيب، والذي نهنئه بذكرى مولده، وندعو الله بأن يرجع للبحرين سالماً غانماً معافٍ، في أحد مجالسه كنت أتحدث مع سموه في شأن موضوع معين، وهنا التفت للوزير المعني وسأله: «هل ما يقوله فيصل صحيح»، فرد الوزير بارتباك واضح، وقال كلاماً فيه عدم وصول للنقطة المطلوبة مباشرة، فقلت أنا «هذا غير صحيح»، وهنا حدث أمامي موقف إداري راق ورائع، بروعة صاحبه وهو رئيس الحكومة، حينما قال سموه: «كتابنا الوطنيين ينقلون لنا الصدق، ويتحدثون بصوت الناس وهمومهم، ولا أقبل بوزير في الحكومة لا ينقل لنا كافة التفاصيل دون نقصان، أصلحوا هذا الموضوع فوراً».
نعم، حينما تصل الأمور كما هي للمسؤول صاحب القرار، ستجدون الحسم بالتأكيد، ستجدون العدالة والإنصاف، ولن يظلم أحد، ولن يكون هناك قرار فيه مساحة للخطأ، في حال تركت الأمور للرواية الأولى التي نقلت بشكل غير صحيح أو غير دقيق.
قد يعتبر بعض المسؤولين بأن «تخفيف حدة» أي موضوع، أو تقديم «الحقيقة بشكل غير مجرد» أمر سيجنب إزعاج أو إغضاب المسؤول الأول، وأن الأمور يمكن أن تحل بهدوء قبل أن تتفاقم وتصل له، لكن هذه النظرة خاطئة تماماً، لأن الأمانة والصدق والالتزام بالثقة التي منحت للمسئولين والأفراد بعض النظر عن مواقعهم ومناصبهم، هي الثوابت التي يركز عليها كبار المسؤولين في البلد وأصحاب القرار، هم يريدون أشخاص أمناء ينقلون لهم الأمور بصورتها «الحقيقية» لا بصورة «معدلة» أو «ناقصة» أو «زائفة».
كيف ستحل كثير من الأمور لو كنا لا نقول «الحقيقة» للمسؤول، لو كنا نجامل وننافق ونزين الواقع بخلاف ما يكون عليه؟!
نقل الحقيقة للمسؤول ليست جريمة، بل الجريمة هو تضليل المسؤولين عبر إيصال الزيف لهم، أو حجب الحقيقة عنهم، وكم من أمور حينما وصلت لأعلى مستويات الهرم لدينا وجدت حلولا سريعة وفورية، فيها عزم وحزم و«غضبة حق» تقيم المعوج، وتصلح المعطوب؟!