في سلسلة مقالاتنا السابقة -التي اختتمناها قبل أيام- حول تقنية «كريسبر كاس»، تناولنا مجموعة محاور هامة لم تتعرض للتقنية وحدها وحسب، بل تناولت أبعادها الأخرى وما قد تلقيه بظلالها على العلوم والمجالات الأخرى، فتنقلنا بين الحديث حول الجريمة الأخلاقية المحتملة والتي تعد واحدة من مخاطر تلك التقنية إذا ما أسيء استخدامها من قبل العلماء لصالح الأفراد أو الحكومات على المستوى البيولوجي والاجتماعي، فضلاً عن الانعكاسات التي تقع في إطار المنظور الديني. وهو أمر وقفت عليه ملياً في مقال «محاربو «كريسبر كاس» المحتملون»، وكيف أن التقنية قد تُحارب من قبل علماء بعض الأديان لوقوعها في محظورات كبرى ترتبط بتغيير خلق الله والإخلال بالموازين الكونية المقدرة، متجاوزة على الاستخدامات العلاجية والوقائية من الأمراض.
وحول ردود أفعال وآراء علماء الدين «في مختلف الأديان»، أشرنا للجوء لباب سد الذرائع، درءاً للوقوع في أخطاء وممارسات لا تحمد عقباها، غير أن هذا باعتقادي -ومع احترامي لعلماء الدين الأفاضل في كافة الأديان- إنما هو وجه لقصور أولئك العلماء علمياً، وعدم قدرتهم على فهم المستجدات بما يكفي لتفنيدها والاجتهاد فيها أو إصدار الفتاوى بشأنها، ما يجعل المنع أسهل الطرق لستر سوءات الفهم.
جرّ الموضوع أيضاً إلى الدخول في دهاليز المحاكم بالتعرض لمفهوم «الأنثروبولوجيا القضائية» بكل ما يحمله من تعقيدات ويحيط بمستقبله من غموض في ضوء إمكانية تغيير الكائن البشري ليس على المستوى الظاهري وحسب، بل على مستوى أعمق يمس نسبه والتثبت من هويته، ما يجعل مسألة التزوير في الهويات لأغراض أمنية مسألة تتجاوز الهويات الورقية والإلكترونية الرسمية، وصولاً إلى التزوير البيولوجي عبر الحمض النووي بما يصعب الوصول للنسخة الأصلية..!!
تلك التحديات تفرض ظهور نقلة نوعية في دراسة العلوم الشرعية، لخدمة البشرية في تفنيد التخصصات الحديثة بمنظور ديني آمن لمعتنقي الأديان، وهو أمر فرض حديثنا قبل أيام عن فكرة المزاوجة بين التخصصات وتعددها لتوليد علوم جديدة أو تفرعات عنها تلبي الاحتياج الراهن في الإفتاء حول مسائل حديثة وطارئة، ما يجعل علماء الدين جزءاً من العملية التطورية للعلوم وتوجيهها لمسارات نافعة تخدم البشرية بدلاً من محاربتها والقول بحرمتها.
ثمة بوادر مبشرة في هذا السياق اليوم تمثلت بواكيرها في دراسة قدمتها جامعة الخليج العربي ممثلة بعميد كلية الدراسات العليا ورئيس كرسي الملك فهد بن عبدالعزيز للتقنية الحيوية الطبية أ.د.محمد الدهماني فتح الله، تناقش التقنيات الحيوية والثورة الصناعية الرابعة من منظور إسلامي، متعرضةً للجينوم البشري والهندسة الحيوية.
دعا فتح الله إلى التعامل مع تطورات الجينوم البشري بمبدأ النّفع والضّرر وتحديد المقاصد، والاجتهاد والإفتاء المتواصل وليس الإفتاء الدوري أو عندما تقتضي الضرورة، لمواكبة السرعة الفائقة للتطوّرات في المجال، مشيراً لإمكانية تجسيد التوصية بإحداث مرصد/لجنة تتكون من مختصين في علوم الشريعة وأخصائيين في العلوم الحيوية متفرّغين للرصد المتواصل لكل المستجدّات والتعامل الفوري معها من منظور إسلامي. إلى جانب مُراجعة الأخلاقيات البيولوجية من قبل المنظّمات الإسلامية لتقديم الرأي الشرعي.
* اختلاج النبض:
أن نكون أمام فكر متنور، يبحث في العلوم الحيوية بجدية بالغة ويولي الدين أهميته بما لا يعيق عملية التطور العلمي والتقني وما ستقود إليه من ثورة مذهلة كفيلة بتغيير حياة البشرية، أمر مثمر للغاية ويثلج الصدر، فبوركت الجهود الراهنة، ونحو دراسات أعمق وجهود أكبر من المتخصصين.
وحول ردود أفعال وآراء علماء الدين «في مختلف الأديان»، أشرنا للجوء لباب سد الذرائع، درءاً للوقوع في أخطاء وممارسات لا تحمد عقباها، غير أن هذا باعتقادي -ومع احترامي لعلماء الدين الأفاضل في كافة الأديان- إنما هو وجه لقصور أولئك العلماء علمياً، وعدم قدرتهم على فهم المستجدات بما يكفي لتفنيدها والاجتهاد فيها أو إصدار الفتاوى بشأنها، ما يجعل المنع أسهل الطرق لستر سوءات الفهم.
جرّ الموضوع أيضاً إلى الدخول في دهاليز المحاكم بالتعرض لمفهوم «الأنثروبولوجيا القضائية» بكل ما يحمله من تعقيدات ويحيط بمستقبله من غموض في ضوء إمكانية تغيير الكائن البشري ليس على المستوى الظاهري وحسب، بل على مستوى أعمق يمس نسبه والتثبت من هويته، ما يجعل مسألة التزوير في الهويات لأغراض أمنية مسألة تتجاوز الهويات الورقية والإلكترونية الرسمية، وصولاً إلى التزوير البيولوجي عبر الحمض النووي بما يصعب الوصول للنسخة الأصلية..!!
تلك التحديات تفرض ظهور نقلة نوعية في دراسة العلوم الشرعية، لخدمة البشرية في تفنيد التخصصات الحديثة بمنظور ديني آمن لمعتنقي الأديان، وهو أمر فرض حديثنا قبل أيام عن فكرة المزاوجة بين التخصصات وتعددها لتوليد علوم جديدة أو تفرعات عنها تلبي الاحتياج الراهن في الإفتاء حول مسائل حديثة وطارئة، ما يجعل علماء الدين جزءاً من العملية التطورية للعلوم وتوجيهها لمسارات نافعة تخدم البشرية بدلاً من محاربتها والقول بحرمتها.
ثمة بوادر مبشرة في هذا السياق اليوم تمثلت بواكيرها في دراسة قدمتها جامعة الخليج العربي ممثلة بعميد كلية الدراسات العليا ورئيس كرسي الملك فهد بن عبدالعزيز للتقنية الحيوية الطبية أ.د.محمد الدهماني فتح الله، تناقش التقنيات الحيوية والثورة الصناعية الرابعة من منظور إسلامي، متعرضةً للجينوم البشري والهندسة الحيوية.
دعا فتح الله إلى التعامل مع تطورات الجينوم البشري بمبدأ النّفع والضّرر وتحديد المقاصد، والاجتهاد والإفتاء المتواصل وليس الإفتاء الدوري أو عندما تقتضي الضرورة، لمواكبة السرعة الفائقة للتطوّرات في المجال، مشيراً لإمكانية تجسيد التوصية بإحداث مرصد/لجنة تتكون من مختصين في علوم الشريعة وأخصائيين في العلوم الحيوية متفرّغين للرصد المتواصل لكل المستجدّات والتعامل الفوري معها من منظور إسلامي. إلى جانب مُراجعة الأخلاقيات البيولوجية من قبل المنظّمات الإسلامية لتقديم الرأي الشرعي.
* اختلاج النبض:
أن نكون أمام فكر متنور، يبحث في العلوم الحيوية بجدية بالغة ويولي الدين أهميته بما لا يعيق عملية التطور العلمي والتقني وما ستقود إليه من ثورة مذهلة كفيلة بتغيير حياة البشرية، أمر مثمر للغاية ويثلج الصدر، فبوركت الجهود الراهنة، ونحو دراسات أعمق وجهود أكبر من المتخصصين.