تغيير خامنئي رأيه في موضوع تحديد النسل ودعوته إلى العمل على مضاعفة شعب إيران لا بد أن له أسبابه، فتغيير الشعار من «قلة العيال أحد اليسارين» و«بنت أو ولد يكفيك اثنان» الذي كانت تمتلئ به الجدران في القرى والمدن الإيرانية في السنوات الأولى من تمكن خامنئي من العرش إلى دعوته الصريحة إلى «رفع التعداد السكاني الإيراني من 80 مليوناً إلى 150 مليون شخص» لا بد أن له أسبابه وظروفه. تغير النهج من الدعوة إلى تحديد النسل إلى الإفراط في الإنجاب وإقدام نائب قائد «الحرس الثوري» علي فدوي على حض أسر قوات هذا الجهاز وفصائله على إنجاب ما لا يقل عن خمسة أولاد، وإعلانه بأن المرشد الإيراني شجعه على زيادة عدد أحفاده لا بد أن له معاني ينبغي معرفتها، فالدعوة إلى مضاعفة عدد السكان والتركيز على الحرس الثوري لا يمكن أن تأتي من فراغ، والأكيد أنها ليست نكتة.

فدوي قال خلال مؤتمر للنساء الأعضاء في ميليشيا «الباسيج» «أحد الأجهزة الخمسة التابعة للحرس الثوري» عقد أخيرا إن «أسر الحرس والباسيج يجب أن تنجب على الأقل خمسة أولاد» وقدم نفسه مثالا حيث أعلن بأن لديه 5 أولاد و13 حفيداً وأنه لولا بعض المشكلات الصحية التي يعاني منها «....» لأنجب 10 أولاد! لافتا إلى أن خامنئي شجعه على زيادة عدد أحفاده وأنه لهذا خطط ليكون له 25 حفيدا!

هذا القيادي في «الحرس الثوري» قال أيضا إن كثرة الإنجاب «من واجبات الأجهزة العسكرية وشبه العسكرية في النظام» وإن خامنئي شدد على ضرورة «تحول إنجاب الأولاد إلى ثقافة في إيران».

في السياق نفسه وصف ممثل خامنئي في الجيش، عباس محمد حسني، زيادة الإنجاب بـ«الجهاد» وحذر من «مؤامرة لتقليل تعداد سكان إيران «الشيعة».

اللافت أن الحديث عن زيادة عدد سكان إيران و«نتاج» الحرس الثوري كان عن الأولاد وليس عن غير الأولاد، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل عما إذا صار صعبا حصول النظام الإيراني على مرتزقة من الدول الفقيرة التي تعود على تجنيد أبنائها بمقابل مادي ليحاربوا في سوريا والعراق واليمن وغيرها؟

التساؤل يمتد أيضا إلى نوايا إيران وخططها المستقبلية، فأن تدعو – وباسم الدين والمذهب – إلى مضاعفة عدد السكان وتركز على الذكور فهذا يعني أنك لديك خططا مستقبلية أساسها التوسع وخوض الحروب، حيث الأكيد أن هؤلاء الأولاد لا يريدهم النظام زينة ولا لتقر بهم عيون والديهم.

المثير أن النظام الإيراني الذي تزداد معاناته الاقتصادية يوماً في إثر يوم بسبب العقوبات ولم يعد قادراً على الوفاء باحتياجات الشعب الإيراني الذي صار بعضه يبحث عن قوته في حاويات القمامة يدعو إلى مضاعفة عدد السكان ويوجه المنتمين إلى «الحرس الثوري» وأذرعه إلى «الاجتهاد في إنجاب الأولاد».

قصة زيادة النسل تحتاج إلى التفاتة خليجية ولا بد من دراستها، حيث الأكيد أن الدعوة إلى مضاعفة عدد السكان لا تقتصر على إيران وإنما تشمل الدول التي صار النظام الإيراني مسيطراً على قرارها وخصوصاً اليمن.

مضاعفة عدد السكان في إيران واليمن «وربما سوريا والعراق ولبنان أيضاً» من شأنه أن يزيد من مشكلات المنطقة، ففي بعض الحالات لن يكون لدى دول مجلس التعاون خيار غير السماح لبعض هؤلاء بالنزوح إليها، ولأن كلمة «بعض» هنا تعدادها بالملايين فإن هذا يعني أن حالة من عدم الاستقرار وغياب الأمن موعودة بها كل هذه الدول.

الموضوع ليس نكتة وليس سخرية، فزيادة الإنجاب في إيران واليمن تحديداً مسألة خطيرة بل خطيرة للغاية، ولا بد من دراستها جيداً ووضع كل الاحتمالات في الاعتبار.