أحمد الله ألفاً أن جمعني بصحبة جعلوا من الأفكار جسراً للتقارب والتواصل الفعال، ومهدوا للانسجام بلقاءات ماتعة ثرية في آن، فكان لي حديث دوري معهم في مجالات مختلفة، يغنيها تنوع التخصصات والاهتمامات وغزارة التجارب رغم حداثة سن الرفاق. ومن المواضيع التي استوقفتني ذلك الذي مهدت له زميلة معنا مركزة في أبعاد نفسية، بسؤالها لكل منا عن المزاج الذي يبدأ به صباحه وسلوكه مع الآخرين، مشيرةً إلى أن البعض يصحو من نومه «رايق ومفرفش» بينما يصحو آخرون بشررهم المتطاير. ورغم بساطة السؤال في بادئ الأمر إلا أنه وصل بنا من المناقشة للوقوف على تلك الفئة التي تدعي أن مزاجها يبدو سيئاً منذ استيقاظها لحين تناول كوب من الشاي أو القهوة، فالمزاج كله مرهون بذلك الكوب أو بتدخين سيجارة مثلاً، وأنه ما لم يتم ذلك، فإن المزاج يستمر بسوئه فلا ينصح بالتحدث إليه من قبل الآخرين من حوله..!! ورغم أنها فكرة مرّت في سياق حديث ساخن لم يخلُ من كثير من المرح وتبادل التعليقات الظريفة، إلاَّ أنها استوقفتني كثيراً.
استوقفتني الفكرة، ليس لأن الأمر مرهون بتعاطي كوب من المنبهات أو بالكوكايين، بل بمسألة التباهي بالإدمان، والتباهي بأن ثمة ما يمكن أن يجعل المرء منا ضعيفاً وغير قادر على ضبط سلوكه وانفعالاته لأسباب تافهة، ليس هذا وحسب، يقودني ذلك للوقوف على تفاصيل أعمق من التباهي على نفس الوتيرة، التباهي بالعيوب، فكثيرون يصمون أنفسهم بالعصبية وكأنها صفة رائعة تضيف إليهم وترفع من قدرهم أمام الآخرين، كثيرون يتباهون بقدرتهم على الاحتيال والكذب مثلاً وكأن الصدق نوع من أنواع «العبط». بل الأدهى والأمر أن يتباهى البعض بما يتعرض إليه من سوء معاملة من آخرين وحقيقةً لا أفهم مبرر ذلك على الإطلاق، فيتصرف أحدهم بطريقة معينة ويعلق ضاحكاً أن فلاناً سيضربني الآن ولعلها ردة فعل حقيقية متوقعة من الآخر أو ربما تحدث بالفعل فيتباهى بها المضروب، لعلكم تجدونه أمراً غريباً، ولكنه موجود بالفعل، ولعل بعضكم يتذكر الآن بعض النماذج من البشر التي مرت عليه في كل تلك الحالات.
* اختلاج النبض:
ما تعلمناه في كثير من دروس التنمية البشرية ومدربي الحياة والدين وعلم النفس الإيجابي أننا قادرون على التحكم بأفكارنا التي تشكل في المحصلة النهائية سلوكنا وعاداتنا، وأن قيمة الإنسان الحقيقية كامنة في قدرته على ضبط نفسه وانفعالاته وتقويمها والسعي نحو الأفضل دائماً، وما أعرفه أن عقدة النقص التي قد تصيب البعض قد تكون دافعهم لتطوير أنفسهم أو ربما ادعاء ما ليس فيهم من صفات إيجابية محمودة، أما التباهي بالعيوب وبالضعف أمام فسيفساء الأمور، فتلك مسألة بحاجة للمراجعة لأني أجدها مرضاً رغم بساطة ما يتم الاختباء وراءه من أسباب تافهة.
{{ article.visit_count }}
استوقفتني الفكرة، ليس لأن الأمر مرهون بتعاطي كوب من المنبهات أو بالكوكايين، بل بمسألة التباهي بالإدمان، والتباهي بأن ثمة ما يمكن أن يجعل المرء منا ضعيفاً وغير قادر على ضبط سلوكه وانفعالاته لأسباب تافهة، ليس هذا وحسب، يقودني ذلك للوقوف على تفاصيل أعمق من التباهي على نفس الوتيرة، التباهي بالعيوب، فكثيرون يصمون أنفسهم بالعصبية وكأنها صفة رائعة تضيف إليهم وترفع من قدرهم أمام الآخرين، كثيرون يتباهون بقدرتهم على الاحتيال والكذب مثلاً وكأن الصدق نوع من أنواع «العبط». بل الأدهى والأمر أن يتباهى البعض بما يتعرض إليه من سوء معاملة من آخرين وحقيقةً لا أفهم مبرر ذلك على الإطلاق، فيتصرف أحدهم بطريقة معينة ويعلق ضاحكاً أن فلاناً سيضربني الآن ولعلها ردة فعل حقيقية متوقعة من الآخر أو ربما تحدث بالفعل فيتباهى بها المضروب، لعلكم تجدونه أمراً غريباً، ولكنه موجود بالفعل، ولعل بعضكم يتذكر الآن بعض النماذج من البشر التي مرت عليه في كل تلك الحالات.
* اختلاج النبض:
ما تعلمناه في كثير من دروس التنمية البشرية ومدربي الحياة والدين وعلم النفس الإيجابي أننا قادرون على التحكم بأفكارنا التي تشكل في المحصلة النهائية سلوكنا وعاداتنا، وأن قيمة الإنسان الحقيقية كامنة في قدرته على ضبط نفسه وانفعالاته وتقويمها والسعي نحو الأفضل دائماً، وما أعرفه أن عقدة النقص التي قد تصيب البعض قد تكون دافعهم لتطوير أنفسهم أو ربما ادعاء ما ليس فيهم من صفات إيجابية محمودة، أما التباهي بالعيوب وبالضعف أمام فسيفساء الأمور، فتلك مسألة بحاجة للمراجعة لأني أجدها مرضاً رغم بساطة ما يتم الاختباء وراءه من أسباب تافهة.