معهد التنمية السياسية قدم خلال الأسبوع الماضي ملتقى تحت مسمى «البحرين.. انتماء ومواطنة»، عمل يستحق التقدير على الفكرة والهدف، وأتمنى شخصياً أن يكون تاريخ 27 نوفمبر موعداً قادماً للنسخة الثانية من الملتقى، بشكل مطور وعمل مسبق بفترة من الزمن.

وخلال جلسات الملتقى طُرحت عدة تساؤلات من قبل المشاركين ومنها ما لفت انتباهي سؤال أستاذتنا الكبيرة سوسن الشاعر للمتحدثين الشباب من صناع المحتوى، بما معناه «كيف تتميزون في طرحكم وتبدعون في مجالكم»، والذي هو عالم صناعة المحتوى وصناعة الترفيه.

ببساطة، نعم يتميزون ببساطة، حيث تكون الأفكار وليدة اللحظة وتواكب الأمس واليوم والغد، وتكون هناك حدود ولا تكون هناك حدود، حيث لا يقيد المحتوى توجيهات أو أوامر أو خطوط حمراء، وفي نفس الوقت هناك حدود ورقابة ذاتية تراعي القيم والمجتمع والوطن.

أعمال صناع المحتوى المميزين منهم، لا تعتمد بشكل كبير على حجم الميزانية أو عدد العاملين في العمل، بل الفكرة خاصة أن تكون مميزة وفريدة، وما يعيب كثير من إنتاجنا الرسمي والمدعوم من الدولة في جميع دول المنطقة، افتقارها لأفكار جديدة، ودماء جديدة. فلو سبق وأن فتحت جهاز التلفاز قبل عشر سنوات وفتحته اليوم ستجد نفس البرنامج بنفس الفكرة والمزهرية الزرقاء المزينة بالأزهار البلاستيكية، فقط بمقدمين مختلفين، ثم نسأل أنفسنا لماذا لا يحقق هذا البرنامج النجاح الذي حققه قبل عشر سنوات؟

فعلاً سؤال وجيه ومنطقي ونحتاج إلى خبراء متقاعدين في مجال الإعلام لإيجاد الخلل!

نعم، بهذه الطريقة تحل المشاكل لدى الإعلام العربي، يُسأل جيل الأسود والأبيض عن سبب عدم رضا أبناء الجيل الحالي عن الإنتاج الإعلامي.

ولا أقول في نفس الوقت أنه من الواجب أن نتخلص من عناصر الخبرة ومن قدموا الكثير، فقط أقول أنه يجب دمج الخبرة بالأفكارة الحديثة، وأن يكون أي قرار أو إنتاج بناء على اتفاق مشترك بين الجيلين.

وعذراً من عشاقها، أم كلثوم قامة ومكانة في عالم الطرب، إلا أنها ليست خيار الجيل الحالي، وإن كنا نرددها «كواجب علينا»، أنها تطرب الجميع، والحقيقة أنها لا تطرب إلا من عاش في عصر أم كلثوم ووجدها شيئاً مختلفاً عمن سبقها، فمن كان يطربه سماع «المطربة ملك ونادرة وهند علام»، لم يعد يتذكر إحداهن بعد أن ظهرت أم كلثوم.

وهذا ما أقصده أن أي قامة في مجالها لها وقتها ولها جيلها وهي تصلح بشكل كامل في زمانها، وقد تصلح بشكل مقتضب بعد عشرات السنين، لذا اجتهدوا في إيجاد وصناعة قامات جديدة لأيامنا والأيام القادمة.

سبق وأن قلتها في عدة مقالات سابقة، نحتاج إلى لقاءات وتجمعات للشباب المبدعين والأخذ برأيهم وأفكارهم، كما نحتاج إلى تسليم بعض المسؤولية للجيل الجديد لكي يثبتوا أنفسهم ويثبتوا أن أفكارهم وتوجهاتهم هي الأنسب لهذا العصر والزمان.