الأحكام التي صدرت أخيراً في السعودية في قضية مقتل خاشقجي لا يمكن أن تكون مقنعة بالنسبة إلى الذين يتخذون من المملكة موقفاً سالباً، فهؤلاء يريدون منها أن تصدر الأحكام التي يرونها هم وليس التي يراها المعنيون بتحقيق العدالة فيها.
أياً كانت الأحكام لا يمكن أن تكون مقبولة بالنسبة إلى هؤلاء وسيرفضونها دائماً، والسبب ليس فقط لأنهم يشككون في نزاهة القضاء السعودي ويفترضون أن المحاكمة سياسية وأن الهدف منها هو تبرئة أشخاص بعينهم وإنما لأنهم أيضاً يريدون لهذا الموضوع ألا يغلق. مثل هذا الأمر عانينا منه في البحرين في السنوات الأخيرة كثيراً، والسبب هو اتخاذ الموقف السالب من القضاء والانطلاق من فرضية أنه غير عادل ومنحاز وغير مستقل.
المثير أن مثل هذا الموقف السالب لا يتخذه الأفراد فقط وإنما يتورط في اتخاذه بعض المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان أيضاً، فلأن هذه المنظمات افترضت وقررت أن العدالة لا تأخذ مجراها في هذا البلد أو ذاك لذا فإنها تجزم بأن كل حكم قضائي يصدر فيها تشوبه شائبة.
ملخص ما قالوه عن الأحكام التي صدرت في حق المتورطين في مقتل خاشقجي أنها لم تشمل المتهمين الحقيقيين وإنما طالت الصغار الذين يراد لهم أن يكونوا الضحية. لكن لأن هذا غير منطقي لذا يرفضه كل عاقل، إذ من غير المعقول أن تضحي السعودية بخمسة من أبنائها فقط لتقول إنها تعمل على تحقيق العدالة وتتستر على الفاعلين الحقيقيين وتفديهم بأبرياء.
مثل هذا الأمر يحدث في الأفلام وفي القصص الخيالية وقصص «الأكشن» لكن لا يمكن أن يحدث في الواقع ولا يمكن أن يحدث في السعودية التي تحكم بشرع الله ولا تأخذها في هذا لومة لائم. السعودية تعلم أن تنفيذ الحكم في هذه المجموعة لن يكون مقنعاً لذا فالطبيعي هو ألا تنفذه إن لم يكن ذلك حقيقة. فأي فائدة من تنفيذ حكم في أشخاص لا علاقة لهم بما جرى؟ وأي فائدة في تنفيذ حكم يؤمن الناس بأن المراد منه التغطية على الفاعلين الحقيقيين؟
المعلومة التي ينبغي الانطلاق منها والإيمان بها هي أن القاضي هاجسه مختلف، فهو ينظر إلى جائزة الآخرة وليس إلى جائزة الدنيا الفانية. القاضي إن لم يكن مقتنعاً وواثقاً من تورط هذا أو براءة ذاك لا يمكن أن يصدر حكمه، والطبيعي أنه لا يقبل أن يحكم بغير ما هو مقتنع به وثابت لديه. لولا أن هذا القاضي ثبت لديه عدم تورط سين أو صاد في هذه القضية لما أصدر حكمه بتبرئته، ولولا أنه ثبت لديه تورط عين وغين لما أصدر حكمه. القاضي هاجسه تحقيق العدالة وليس إرضاء هذا أو ذاك.
هذا الكلام لا يمكن أن يقنع الذين يتخذون من السعودية ومن القضاء فيها موقفاً سالباً، لهذا اعتبروا الأحكام التي صدرت في قضية مقتل السعودي جمال خاشقجي غير عادلة وقالوا إن الغاية منها هي تبرئة أشخاص بعينهم. وحتى لو شملت الأحكام أولئك الذين هم في بالهم فسينتقدونها أيضاً، والغالب أنهم سيقولون إن المراد منها هو التغطية على آخرين!
عندما تمهلت السعودية في التحقيق في مقتل خاشقجي هاجموها بشدة، وعندما تمهلت في إصدار الأحكام انتقدوها بشدة، وعندما صدرت الأحكام انتقدوها بشدة، والأمر نفسه سيحدث لو ثبت للقضاة عند الاستئناف بأن الذين صدرت الأحكام ضدهم أبرياء وبرأتهم.
القصة إذن تكمن في الموقف المسبق من السعودية ومن القضاء السعودي، والقصة تكمن في أن منتقدي تلك الأحكام يريدون من القضاة أن يحكموا بما في بالهم هم وليس بما يثبت لعدالة المحكمة.
{{ article.visit_count }}
أياً كانت الأحكام لا يمكن أن تكون مقبولة بالنسبة إلى هؤلاء وسيرفضونها دائماً، والسبب ليس فقط لأنهم يشككون في نزاهة القضاء السعودي ويفترضون أن المحاكمة سياسية وأن الهدف منها هو تبرئة أشخاص بعينهم وإنما لأنهم أيضاً يريدون لهذا الموضوع ألا يغلق. مثل هذا الأمر عانينا منه في البحرين في السنوات الأخيرة كثيراً، والسبب هو اتخاذ الموقف السالب من القضاء والانطلاق من فرضية أنه غير عادل ومنحاز وغير مستقل.
المثير أن مثل هذا الموقف السالب لا يتخذه الأفراد فقط وإنما يتورط في اتخاذه بعض المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان أيضاً، فلأن هذه المنظمات افترضت وقررت أن العدالة لا تأخذ مجراها في هذا البلد أو ذاك لذا فإنها تجزم بأن كل حكم قضائي يصدر فيها تشوبه شائبة.
ملخص ما قالوه عن الأحكام التي صدرت في حق المتورطين في مقتل خاشقجي أنها لم تشمل المتهمين الحقيقيين وإنما طالت الصغار الذين يراد لهم أن يكونوا الضحية. لكن لأن هذا غير منطقي لذا يرفضه كل عاقل، إذ من غير المعقول أن تضحي السعودية بخمسة من أبنائها فقط لتقول إنها تعمل على تحقيق العدالة وتتستر على الفاعلين الحقيقيين وتفديهم بأبرياء.
مثل هذا الأمر يحدث في الأفلام وفي القصص الخيالية وقصص «الأكشن» لكن لا يمكن أن يحدث في الواقع ولا يمكن أن يحدث في السعودية التي تحكم بشرع الله ولا تأخذها في هذا لومة لائم. السعودية تعلم أن تنفيذ الحكم في هذه المجموعة لن يكون مقنعاً لذا فالطبيعي هو ألا تنفذه إن لم يكن ذلك حقيقة. فأي فائدة من تنفيذ حكم في أشخاص لا علاقة لهم بما جرى؟ وأي فائدة في تنفيذ حكم يؤمن الناس بأن المراد منه التغطية على الفاعلين الحقيقيين؟
المعلومة التي ينبغي الانطلاق منها والإيمان بها هي أن القاضي هاجسه مختلف، فهو ينظر إلى جائزة الآخرة وليس إلى جائزة الدنيا الفانية. القاضي إن لم يكن مقتنعاً وواثقاً من تورط هذا أو براءة ذاك لا يمكن أن يصدر حكمه، والطبيعي أنه لا يقبل أن يحكم بغير ما هو مقتنع به وثابت لديه. لولا أن هذا القاضي ثبت لديه عدم تورط سين أو صاد في هذه القضية لما أصدر حكمه بتبرئته، ولولا أنه ثبت لديه تورط عين وغين لما أصدر حكمه. القاضي هاجسه تحقيق العدالة وليس إرضاء هذا أو ذاك.
هذا الكلام لا يمكن أن يقنع الذين يتخذون من السعودية ومن القضاء فيها موقفاً سالباً، لهذا اعتبروا الأحكام التي صدرت في قضية مقتل السعودي جمال خاشقجي غير عادلة وقالوا إن الغاية منها هي تبرئة أشخاص بعينهم. وحتى لو شملت الأحكام أولئك الذين هم في بالهم فسينتقدونها أيضاً، والغالب أنهم سيقولون إن المراد منها هو التغطية على آخرين!
عندما تمهلت السعودية في التحقيق في مقتل خاشقجي هاجموها بشدة، وعندما تمهلت في إصدار الأحكام انتقدوها بشدة، وعندما صدرت الأحكام انتقدوها بشدة، والأمر نفسه سيحدث لو ثبت للقضاة عند الاستئناف بأن الذين صدرت الأحكام ضدهم أبرياء وبرأتهم.
القصة إذن تكمن في الموقف المسبق من السعودية ومن القضاء السعودي، والقصة تكمن في أن منتقدي تلك الأحكام يريدون من القضاة أن يحكموا بما في بالهم هم وليس بما يثبت لعدالة المحكمة.