التصدي للإرهاب بات مهمة عالمية، وكل الدول تعلن بشكل واضح وصريح أنها تبذل جهودها لمكافحة هذا الإرهاب.

وعليه يفترض أن للإرهاب تعريفاً دولياً متوافقاً عليه، وينحصر في وصف الجماعات والتنظيمات الخارجة على القانون، والتي تعمل على استهداف الدول وأمنها، وترويع البشر وقتلهم وتهجيرهم من مناطقهم، ويستخدم في ذلك العنف والقتل والعمليات الوحشية.

هذا تعريف لا يجب أن يختلف عليه اثنان عاقلان، بحيث لا تجد بينهما من يبرر لأي جماعة أو فصيل راديكالي إرهابه، ولا يبرر له بحسب أيديولوجيته، ولا يمنحه صك القبول لما يفعل، فقط لأنه يتوافق معه فكرياً أو مذهبياً أو سياسياً.

لكن المخجل حينما نرى الإرهاب العالمي يتم تفصيله حسب مقاييس جماعات وأفراد وحتى تنظيمات محسوبة على دول، أو على قضايا مصيرية، بحيث تجد من يعتبر الإرهابي «حمامة سلام»، ومن يعتبر «مجرم الحرب» شهيداً لأجل الدين والحق.

مقتل مجرم الحرب الإيراني قاسم سليماني كشف للعالم مواقف غريبة لجهات وحتى دول يفترض أنها تتفق مع التوجه العالمي لمحاربة الإرهاب، لكن للأسف هناك من اعتبر ما حصل لمجرم الحرب هذا عملية يجب التنديد بها، ويجب لوم الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها دونالد ترامب عليها.

غريب أمركم، أولم تروا ماذا فعل سليماني في سوريا العربية التي تحولت لولاية إيرانية يديرها خامنئي، أو ماذا حل بالعراق ولبنان؟! ثانياً أين قتل سليماني؟! هل تم استهدافه في بيته بطهران؟! هل تم نصب كمين له في أحد شوارع قم؟! هل كان على جبهة حرب يدافع عن حدود إيران؟! الرجل كان في العراق بميليشياته ولابساً بدلته العسكرية، بالتالي ماذا يفعل في العراق؟! وبأي صفة هو موجود في دولة يفترض -أكرر يفترض- أنها مستقلة ولها سيادتها ولها كلمتها العليا على جيشها؟!

من يلوم الولايات المتحدة الأمريكية على قتل سليماني لا بد أن يدرك أن واشنطن هي فعليا القوة العسكرية الأولى في العالم، وهي الدولة التي تصرح بشكل مباشر أنها لن تسكت على أي استهداف يطول جندياً أمريكياً، أو يستهدف سفاراتها أو قنصلياتها، وهنا إليكم المعلومة التي لا يجب أن تخفى عليكم، إذ أمريكا لديها القدرة على فعل ذلك، دون الحاجة لأخذ موافقة أحد. والسبب في ذلك يعود لمن يعيب عليها التصرف وفق ما تراه مناسباً للحفاظ على أمنها والدفاع عن جنودها وممثلياتها، إذ الإرهاب ومنظوماته وتركيباته زادت عمليات تفريخ خلاياه في بعض الدول العربية، خاصة في الشام، بسبب أن الأمور تركت على الغرب وفتحت المساحات لإيران لتفعل ما تشاء، وإلا ما هو تبرير وجود «حزب الله» في جنوب لبنان وهو الذي يعرف نفسه بأنه الذراع العسكري لإيران؟! وما هو تبرير وجود قوات سليماني تسرح وتمرح بين العراق وسوريا ولبنان؟! ولماذا قادة القاعدة موجودون في طهران؟! ولماذا داعش أمرها غامض في هذه المناطق؟!

إيران هي مصدر الإرهاب، ولا يخالف هذا القول إلا شخص أو جماعة هي متحالفة ومتخندقة مع نظام المرشد الأعلى الإيراني أو مستفيدة منه، أو تتبعه في عقيدته السياسية التوسعية.

مجرم حرب قتل آلاف العرب، وعذب آلافاً غيرهم، وهجر مئات الآلاف، ولو لم تقتله أمريكا، لظل يمارس إجرامه الإيراني ولأوغل فيه.