غالباً ما يكون الماضي أجمل من وجهة نظرنا. هذا في السمات العامة للعصر. وربما يكون هذا الرأي موقفاً عاطفياً لم نكتشف علته في النوستالجيا والحنين إلى الماضي. من بعيد تبدو الأشياء أجمل، لأننا نتجاهل تفاصيلها ونحكم على الصورة الكلية. ومن الأشياء الجميلة التي نفتقدها ونظن أنها سمة عصر مضى. أسلوب اجتماعي كان سائداً قبل أربعة عقود أو خمسة، ولم يعد موجوداً في زمننا. إنه نوع من الذوق الرفيع الذي اختفى!
نحن في عصر السرعة والتعامل العملي. هكذا يعرف الزمن الذي نعيش فيه. لذلك ستجد نفسك، في مجال العمل على سبيل المثال، تشرع مباشرة في الموضوع وتقتحم الموقف بأسلوب عملي وسريع وحاسم. في هذه الأثناء قد يفاجئك أحدهم بصوت هادئ ولبق يلقي عليك تحية الصباح بأسلوب يختلف عن الذي استخدمته أنت، ويسألك عن نوع القهوة التي تفضل تناولها أثناء النقاش. سيلفت انتباهك أشخاص آخرون يجيدون استخدام عبارات نوعية لم تعد متداولة، مثل حضرتك، لو سمحت، من فضلك، بكل سرور. وآخرون يتحكمون في نبرة أصواتهم على نحو لا ترتفع فيه عن حد معين ولا تتشنج عند أي انفعال. هناك أشخاص حتى أسلوبهم في النظر إلى الآخرين أو تبادل الابتسام مختلف أيضاً. إنهم يهندسون أسلوب تعاملهم بطريقة راقية غير متكلفة تشبه ما كنا نشاهده في أفلام «الأبيض والأسود» حين كان الناس يبدون منضبطين لا يخرجون عن النص.
لماذا لم نعد ننتبه لهذه الأشياء؟ لماذا لم تعد مهارات نتعلمها، ونحاسب على التقصير فيها؟ إننا نلاحظ أن الأجيال الجديدة أكثر افتقاداً لمسألة الذوق الرفيع من الأجيال التي سبقتها. حالة الانفصال الاجتماعي والانجذاب نحو التقنية جعلت أطفال هذا الجيل ومراهقيه أقل انتباهاً لتقدير الآخرين والتركيز معهم في آداب التعامل. بالتالي هم أقل امتلاكاً ممن سبقهم لمهارات التواصل والاتصال، وإن كان أغلب وقتهم يقضونه في التواصل مع أشخاص لا يعرفونهم أو أشخاص افتراضيين.
أحد الأسباب التي جعلتنا لا نلتفت كثيراً إلى جماليات الذوق الرفيع هي حالة عدم الاستقرار الداخلي التي نعاني منها. نحن مضطربون، مشغولو البال والفكر، قلقون على ما سيأتي، مستاؤون من كثير من الأشياء التي تحصل لنا ولغيرنا ومن حولنا. ليس كل شيء حولنا على ما يرام. فكيف نكون، نحن، في أفضل أحوالنا كي نعبر بـ»روقان» عن ما نريد قوله.
لفتات اجتماعية جميلة صرنا نفتقدها في السلوك الاجتماعي من حولنا، وربما صارت صعبة الممارسة لأنها تحتاج إلى نمط حياة بطيء، وتحتاج إلى صفاء ذهن وقلب لم نعد نملكه.
{{ article.visit_count }}
نحن في عصر السرعة والتعامل العملي. هكذا يعرف الزمن الذي نعيش فيه. لذلك ستجد نفسك، في مجال العمل على سبيل المثال، تشرع مباشرة في الموضوع وتقتحم الموقف بأسلوب عملي وسريع وحاسم. في هذه الأثناء قد يفاجئك أحدهم بصوت هادئ ولبق يلقي عليك تحية الصباح بأسلوب يختلف عن الذي استخدمته أنت، ويسألك عن نوع القهوة التي تفضل تناولها أثناء النقاش. سيلفت انتباهك أشخاص آخرون يجيدون استخدام عبارات نوعية لم تعد متداولة، مثل حضرتك، لو سمحت، من فضلك، بكل سرور. وآخرون يتحكمون في نبرة أصواتهم على نحو لا ترتفع فيه عن حد معين ولا تتشنج عند أي انفعال. هناك أشخاص حتى أسلوبهم في النظر إلى الآخرين أو تبادل الابتسام مختلف أيضاً. إنهم يهندسون أسلوب تعاملهم بطريقة راقية غير متكلفة تشبه ما كنا نشاهده في أفلام «الأبيض والأسود» حين كان الناس يبدون منضبطين لا يخرجون عن النص.
لماذا لم نعد ننتبه لهذه الأشياء؟ لماذا لم تعد مهارات نتعلمها، ونحاسب على التقصير فيها؟ إننا نلاحظ أن الأجيال الجديدة أكثر افتقاداً لمسألة الذوق الرفيع من الأجيال التي سبقتها. حالة الانفصال الاجتماعي والانجذاب نحو التقنية جعلت أطفال هذا الجيل ومراهقيه أقل انتباهاً لتقدير الآخرين والتركيز معهم في آداب التعامل. بالتالي هم أقل امتلاكاً ممن سبقهم لمهارات التواصل والاتصال، وإن كان أغلب وقتهم يقضونه في التواصل مع أشخاص لا يعرفونهم أو أشخاص افتراضيين.
أحد الأسباب التي جعلتنا لا نلتفت كثيراً إلى جماليات الذوق الرفيع هي حالة عدم الاستقرار الداخلي التي نعاني منها. نحن مضطربون، مشغولو البال والفكر، قلقون على ما سيأتي، مستاؤون من كثير من الأشياء التي تحصل لنا ولغيرنا ومن حولنا. ليس كل شيء حولنا على ما يرام. فكيف نكون، نحن، في أفضل أحوالنا كي نعبر بـ»روقان» عن ما نريد قوله.
لفتات اجتماعية جميلة صرنا نفتقدها في السلوك الاجتماعي من حولنا، وربما صارت صعبة الممارسة لأنها تحتاج إلى نمط حياة بطيء، وتحتاج إلى صفاء ذهن وقلب لم نعد نملكه.