شكل ميثاق العمل الوطني نقلة نوعية في مختلف الجوانب في مملكة البحرين، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فكان الرافعة الأساسية للتغيرات التي طالت الدولة والمجتمع على حد سواء.

ولأن تحسين الوضع الاقتصادي للأفراد وبناء قاعدة اقتصادية قوية على أسس حديثة، يعد أهم أولويات الدول الساعية للتطور، فقد تضمن ميثاق العمل الوطني فصلاً كاملاً تحت عنوان «الأسس الاقتصادية للمجتمع»، إيماناً بأن تحسين الحياة الاقتصادية للأفراد سيساهم في خلق مواطن قادر على المشاركة الحقيقية في البناء والتنمية، وبما يعود على المجتمع والدولة من فوائد واستقرار.

ومنذ التصديق على الميثاق في الرابع عشر من فبراير 2001، تحولت البحرين إلى مشروع كبير، فبدأ العمل على وضع الخطط والبرامج الاستراتيجية لتطوير الاقتصادي وتشجيع واستقطاب الاستثمارات، وهي المهمة التي أوكلت إلى مجلس التنمية الاقتصادية، أحد أهم ثمار المشروع الإصلاحي، برئاسة صاحب السمو الملكي، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.

عمل المجلس على إطلاق رؤية البحرين الاقتصادية 2030 في أكتوبر 2008، والتي تعد رؤية شاملة لتطوير اقتصاد المملكة، مع التركيز على هدف أساسي يتجسد في تحسين المستوى المعيشي للمواطن، وهي خلاصة مناقشات مستفيضة مع مجموعة من صناع القرار والعاملين في القطاعين العام والخاص، وممثلين عن شرائح المجتمع، وبيوت الخبرة والهيئات الدولية.

وإلى جانب مجلس التنمية الاقتصادية، تم في عهد الميثاق إطلاق عدد من المبادرات الاقتصادية الوطنية، ومن ضمنها، مبادرة إصلاح سوق العمل، فتم إنشاء هيئة تنظيم سوق العمل وصندوق العمل «تمكين» في العام 2006، حيث أُنيط بهما وضع خطة وطنية لسوق العمل تتضمن الاستراتيجية والسياسة العامة بشأن تشغيل العمالة الوطنية ورفع كفاءتها واستقدام العمالة الأجنبية وجمع وتحليل البيانات والمعلومات والإحصاءات المتعلقة بالوضع الاقتصادي في المملكة، خاصة ما يتعلق بسوق العمل، وجعل المواطن البحريني الخيار الأول من خلال تقديم الدعم والتسهيلات له.

إلى جانب ذلك، تم تشكيل مجلس المناقصات الذي يعد نقلة نوعية في إطار التحديث الإداري وتحقيق مزيد الشفافية في التعامل مع المناقصات لمختلف المشروعات بشكل عادل، ما ساهم في تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص وجودة العروض، والتوظيف الأمثل للموارد.

ومع ما عاشته المملكة من انفتاح اقتصادي يقوم على حرية رأس المال في الاستثمار ودعم وتأكيد دور القطاع الخاص في التنمية وتنشيط الحركة الاقتصادية، كان لا بد من تجديد وتحديث التشريعات الاقتصادية، حيث ساهمت السلطة التشريعية بدور فعال في تعزيز البيئة الاقتصادية والاستثمارية في المملكة، من خلال سن مجموعة من التشريعات الحديثة، والتي كان لها الأثر المباشر في الحياة الاقتصادية، إلى جانب ما تقوم به من أدوار رقابية خلال مناقشات الميزانية العامة، وتقارير الرقابة الإدارية والمالية، ومشروع التوازن المالي..

وهنا لا بد أن نستذكر وبالأرقام بعض ما حققته المملكة على الصعيد الاقتصادي، إذ شهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بلغ 40.5% حتى نهاية عام 2018، كما شهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي نمواً بلغ 49.5%..

ونجحت جهود التنويع الاقتصادي في رفع إسهامات القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي من 77% عام 2008 إلى 82% مع نهاية 2018، فيما بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة حوالي 13 مليار دولار أمريكي.

وشهدت المملكة إطلاق حزمة من المشاريع التنموية الكبرى تبلغ 32 مليار دولار، مثل توسعة مطار البحرين الدولي، ومشروع توسعة مصفاة بابكو، وخط الصهر السادس بألبا، إلى جانب التطوير الشامل لشبكة الطرق، وتطوير خدمات الكهرباء والماء.

أما عن انعكاسات هذه التطورات الاقتصادية على المواطن بشكل مباشر، فقد زاد دخل الأسرة البحرينية بنسبة 47%، إلى جانب مشاركة أكثر فعالية للمرأة البحرينية في سوق العمل، وزاد متوسط أجور الموظفين البحرينيين في القطاع الخاص بنسبة 37.2%.

واستثمر صندوق العمل «تمكين» أكثر من 1.5 مليار دينار بحريني منذ انطلاقته، واستفاد من برامجه أكثر من 200 ألف مواطن و52 ألف مؤسسة.

نهضة اقتصادية وطنية شاملة عاشتها مملكة البحرين في عهد الميثاق، كان ولايزال محركها الرئيس الرؤية السديدة لعاهل البلاد المفدى، والتي تؤكد دائماً وأبداً أن المواطن هو محرك التنمية وهدفها الأول.