من أكثر المسؤولين البحرينيين الذين يشهد لهم التاريخ الوطني، خاصة في الثبات والحكمة والعمل المخلص، وأيضاً في الحديث المباشر والواضح، هو معالي وزير الداخلية الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة.
ذاكرة التاريخ الوطني تسجل لهذا الرجل الوطني القوي مواقفه المشرفة التي تنطلق من ولائه وإخلاصه لرمزنا الأول جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وعمله المؤثر الواضح هو ورجال البحرين البواسل في ظل الحكومة الموقرة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.
وهو أحد الرجالات الوطنيين الذين رافقوا جلالة الملك المعظم في المراحل الأولى لقوة دفاع البحرين تأسيسها كدرع حصين يحمي الوطن وأهله، ومضى بتاريخ عمله المشرف ليتولى مسؤولية السهر على أمن الوطن والتصدي لكل ما يهدده وأهله والمقيمين فيه من خلال قيادته لوزارة الداخلية.وعليه حينما يتحدث قيادي بقوة الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في أمور معنية بحفظ أمن الوطن، فإن حديثه ومضامين كلامه لابد وأن يتم التوقف عندها وإدراك مراميها، وهي دائماً ما تكشف عن حس وطني رفيع، وعن إحساس أبوي هدفه مصلحة أبنائنا وحمايتهم من أي فكر متطرف أو عمليات حرف لانتمائهم الوطني، عوضاً عن النصائح الوطنية التي يقدمها بسعي ليدركها الجميع ويتعاضدوا بالتالي مع الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية من أجل حماية الوطن وأبنائه.
الحديث الأخير لمعالي وزير الداخلية مع رؤساء التحرير، احتوى رسائل هامة، ووضعاً لكثير من النقاط على الحروف، يضاف لجهود تنويرية عديدة سابقة برزت من خلال أحاديث الوزير، وعمل وزارته، بالأخص في الجانب التوعوي بهدف التذكير بواجباتنا ومسؤولياتنا تجاه هذا الوطن، وللتصدي لأية ظواهر تضر بوحدة المجتمع وتستهدف أمنه، وتحاول النيل من أفكار نشئنا الشاب وتسعى لدفعه باتجاه ارتكاب أفعال والخروج بسلوكيات مرفوضة وتدان قانونياً. تحدث الوزير عن نقطة خطيرة جداً، مرتبطة بعملية «تسييس المنابر الدينية»، مبيناً وبكل وضوح التزام القائمين على المساجد والخطباء وحرصهم على أن تكون ”بيوت الله، للعبادة والذكر والصلاة وقراءة القرآن والاستماع للأحاديث والمواعظ والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة“، مشيداً بما يقومون به من نصح وإرشاد للمصلين من خلال الخطب والدروس الدينية. وفي جانب آخر حدد بوضوح المخالفات التي صدرت، وكيف أن مسجداً واحداً كان يدأب على الخروج بخطب سياسية، وتنطلق منه المسيرات المخالفة بشكل ممنهج.
وهنا لنتحدث بصراحة، فكلنا يعلم من كان يستغل المنبر الديني هناك، ومن حوله لمنصة سياسية، سعى فيها لغسل الأدمغة وتسييس الدين، ودفع الشباب ليحرقوا وطنهم وليعادوه، وليمارسوا الإرهاب الصريح. كلنا نعرف هذا المنبر الذي دعي من فوقه لقتل رجال الشرطة، ولإسقاط النظام، ولحرق الوطن. وكيف أن المتحدث فيه، والذي نعلم بأن ولاءه للخارج ولديه أجندة مضادة للوطن، كيف أنه اليوم في الخارج يرتمي في أحضان من كان يمارس «العمالة» لهم داخل البحرين، وكيف أنه مازال يمارس التحريض ضد البحرين، كاشفاً أين يكون ولاؤه الحقيقي.
التحية طبعاً لكل القائمين على المساجد من خطباء وأئمة من المذهبين الكريمين، والذين يحافظون اليوم على حرمة المساجد من إقحام الأجندات الشخصية والتسييس ضد الوطن فيها، واستغلال الشباب من خلالها. وأكرر كلنا نعرف تماماً ماذا حصل على امتداد السنوات الماضية، وما عانته البحرين جراء هذا الاستغلال من قبل البعض. عموماً، الحديث الذي أدلى به وزير الداخلية فيه مضامين وأبعاد أخرى مهمة، لكنني ارتأيت التركيز على النقطة، لأننا عايشنا خطورتها آنذاك، ومازلنا نحذر من استمرارها اليوم، بل طالبنا الجهات الرسمية بحماية المجتمع وشبابنا من خطر استغلالها من قبل أشخاص أثبتوا بأن ولاءهم لغير البحرين، وأن مساعيهم تنحصر في ضرب بلادنا وزعزعة أمنها واستقرارها.
وأيضاً جاء حديث الوزير بشأن مجالس البحرين الوطنية وما يدور فيها من حراك ونقاشات واضحاً أيضاً، فأغلبها مجالس لتعزيز الوطنية ومناقشة الأمور التي تخدم بلادنا وتطور من العمل فيها، مع الحرص بألا تكون هناك تجاوزات تضر بأمن الوطن واستقرار المجتمع.
هذا الكلام الذي يضع النقاط على الحروف، وبكل وضوح وبصراحة لا تقبل الجدل، طالما اتجاهه وهدفه مصلحة البحرين وأهلها والحفاظ على أمنها واستقرارها، وهو الثابت الذي لا يقبل القسمة على اثنين، ولا تقبل فيه المساومة أو التبرير أو التذرع بأمور تهون وتقلل من خطورة زعزعة الاستقرار أو تبيح الاستهداف.