الأزمات دائماً ما تظهر المعدن الأصيل في شعب البحرين وتظهر كم هو شعب مترابط مع بعضه البعض من أعلى قيادته وحتى أصغر مواطن على هذه الأرض الكريمة.

ومنذ صبيحة أول يوم من سنة 2020 والعالم يشهد أزمة تتبعها أزمة وأحداثاً أكبر مما سبق وكوارث أعظم من التي مضت، حتى أصبحنا نقول «الله يستر من مارس وما يحمله من مفاجآت».

وبعيداً عما كان من المتوقع، وبعيداً كل البعد عن السياسة والحروب، داهمتنا أزمة بنكهة كارثية بأن وصل إلينا فيروس كورونا، هذا الفيروس الذي تفشى من ديسمبر المنصرم في الصين وأصبح وباء كارثياً حول العالم في يناير وفبراير بسبب عدم الاحتراز وإعطاء الاهتمام بالمرض منذ بداية ظهوره.

كورونا دخل علينا بشكل غير منتظر، وللأسف كنا نعلم عنه ولم نكن نعلم عنه، نعلم بأن هناك فيروساً وبائياً واحتمالات قدومه واردة، ولم نكن نتوقع وصوله إلينا من الأساس.

كورونا حاله حال أي أزمة أو مشكلة، يظهر الجانب الإيجابي والجانب السلبي لدى المجتمع، ولو استعرضنا الجانب السلبي من المجتمع لظهرت بيننا فئة أبسط وصف يمكن أن نطلق عليهم هو «السخفاء»، أناس عديمي الإنسانية والاحترام تحلو لهم الطرفة والنكتة في وقت هناك أناس يعيشون في حال صعب ومرير جراء إصابة أحدهم أو أحد أقاربهم أو بسبب الخوف على أسرهم، كما هناك فئة أخرى من الشامتين الوضيعين، حيث يعيش الواحد منهم دور القاضي والحكيم، ويربط كل أفعال الناس بالخيانة وعدم الولاء لبلادهم.

في وقت أعلنت فيه قيادة البلاد أنها حائط الصد الأول عن الوطن والمواطنين من كل ضرر وأزمة قد تصيبهم، تسلم سمو ولي العهد مسؤولية اللجنة التنسيقية والتي من خلال أكد «أن صحة وسلامة المواطنين والمقيمين أولوية نسعى للحفاظ عليها، وما يمس مواطنا أو مقيما واحدا على أرض المملكة يمس الوطن بأكمله».

هذه أخلاق قيادتنا، وهكذا هم، من يعيش على هذه الأرض الطيبة هو مسؤوليتهم ولا فرق بين أحد منهم.

من أنتم حتى تطلقوا الأحكام وتستبقوا الأحداث على الناس، نعم عاد أغلب أو جل المصابين من إيران ولم ينكر أحد ذلك، وكلنا نعلم أن مقصدهم كان زيارة دينية، وهم أحرار في ذلك في بلد عبارة عن نموذج في الحريات الدينية، بفضل سماحة وحكمة قيادتنا.

ثم إن أن موضوع التشكيك من دعاة الكراهية في عدد الإصابات لا يجب أن يلتفت إليه من الأساس، وأبسط أمر نقوله اذهب إلى أهالي المصابين وانظر إلى حالهم وخوفهم، وانظر إلى ما ظهرت فيه باقي الدول في الخليج من نتائج ومصدر قدوم الفيروس لديها وستعرف أن الأمر أكبر من مستوى تفكيرك الرجعي. وحالهم مثل من يعيش في عناد لأجل العناد مع الدولة، ويفترض أن ما يثار أكاذيب لا أساس لها، وهذا يظهر عدم التزام بعض ممن عادوا بمراجعة الفحص الطبي، والظن أنهم بخير.

البحرينيون جميعاً بمختلف أطيافهم مع من يقيم على أرض مملكة البحرين شركاء في هذه الحرب، حرب وإن تراخى فيها طرف أوقع الجميع، اليوم كورونا يجمعنا على هدف واحد وقيم واحدة، مصلحة الجميع والخوف على الجميع.

الجهود والتضحيات التي يقدمها الجميع ممن في طواقم طبية وأمن وإعلاميين هو ما عودنا عليه أبناء البحرين المخلصون. أزمة كورونا أظهرت الفئة الوطنية الحقيقة التي ترى في البحريني جزءاً من الوطن دون تمييز ودون تفريق، هؤلاء هم فخر البحرين وهم نسيج هذا الوطن المتآلف الذي يزداد متانة مع كل الظروف، لا تؤثر فيهم تفاهة بعض القوم وأحقاد بعض الطائفيين، فكما قال سمو ولي العهد «وحدتنا في قوتنا وقوتنا ليست قوة فرد واحد بل قوة وطنٍ واحد».