تلفت الانتباه بعض الصور الفوتوغرافية المنشورة على الفضاء الإلكتروني، بكونها لم تعد تلفت النظر من كثرة الصور المؤلمة المحزنة التي نغرق فيها يومياً، عبر موجات الصور والأفلام والأخبار التي تغمرنا بالتعاسة إلى درجة أننا أصبحنا لا نحس بها، إذ تبلدت المشاعر وفارقها الحس الإنساني، فانطبق عليها قول العرب «لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها». ومن أمثلة تلك الصور الموجعة التي أصبحت تمر من دون أن تحرك ساكناً للملايين، وكأنها لم تكن. وأسوق هنا بعض الأمثلة الدالة فقط:
* أولاً: صورة الطفلة الفقيرة التي تتسلق ظهر كلب للوصول إلى أعلى حاوية القمامة للحصول على ما يساعدها على البقاء ولو لسويعات. فهي صورة موجعة مفجعة لما تختزله من معانٍ مؤلمة حول درجة البؤس الذي يبلغه الإنسان بسبب الفقر والحروب واللجوء، وتحول القمامة إلى مصدر للعيش، وتعاطف الكلب المحترم الذي تحمل رفعها على ظهره لتصل إلى الحاوية من أجل أن تجد لها وله ما يمكن أن يؤكل.
* ثانياً: صورة العربي المهاجر الذي يوصف بكونه إرهابياً قاسياً لا إنسانياً لمجرد أنه مهاجر بائس. فالأوصاف هنا مذمومة مدانة معممة عبر الصورة المفجوعة المنفلتة، يعاد إرسالها على أنها رمز البربرية والتوحش والتخلف معاً. في حين أن الصورة الأخرى المقابلة لكل ما هو عربي التي يعاد إرسالها كصور مشرقة، تتحدث عن الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية والمبادئ السامية.
* ثالثاً: صورة حصار الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح لخمسين ألف فلسطيني يعيشون في مدينة الخليل المحتلة، ومنعهم من التجول داخل أحياء مدينتهم، وفرض عزلة تامة عليهم حتى يتمكن 400 مستوطن إسرائيلي مدججين بالأسلحة أيضاً، القيام بأعمالهم اليومية والتجول في الشوارع بحرية تامة، من دون إزعاج، وهي صورة لم يشاهد العالم مثلها إلا في العصور البربرية القديمة.. فهذا القتل الذي يتعرض له الفلسطينيون تحت الاحتلال لا يمكن إلا أن يخلق هذا الإحساس بالظلم والقهر ويولد العنف بكافة أشكاله. وعندما تكون وطأة القوة المحتلة كبيرة وظالمة، وبلا أخلاق، يصبح العنف أيضاً بلا حدود وبلا أخلاق. والغريب أن الغرب بسياسييه وبإعلامه لا يعترف بأن هنالك خللاً لا بد من معالجته وبأن هنالك إشكالية وظلماً يسببان رد الفعل في هذا العالم البائس، ولكن ما نطالعه هو العكس: «الإسلام حضارة عنيفة والمسلمون هم أبرز خطر يواجه الغرب، والإسلام غير متلائم مع الحضارة الحديثة ولا يمكنه التعايش معها»، وقد كان السيد هنتنغتون قد خلص في كتابه الشهير عن صراع الحضارات إلى القول «إن المسلمين يشكلون عشرين في المائة فقط من سكان العالم متورطون في سبعين في المائة من النزاعات التي تدور على كوكبنا». ولكنه يتجاهل عمدا أن 99% من تلك النزاعات هي بسبب التدخل الأجنبي والحروب المفروضة على العرب والمسلمين.
قد يكون من السهل بناء الصورة بحسب أنظمة الإرسال الأيديولوجي والخداع والتعمية، بالنسبة لصورة العربي تحديداً. كما تم ترسيمها بعد إضافة المزيد من التشويهات النوعية ضمن خلاصة الصورة السلبية النمطية المقررة والتي نجح الإعلام المناوئ للعرب وللمسلمين في غرسها في الذاكرة الغربية. فصناع القرار والرأي العام هناك، قد يقبلون صورة العربي إذا ما تحول إلى مجرد متسول حقوق، لا يواجه الاحتلال. وبهذا المعنى، وبسبب ذلك، فإن قضايا العرب لا يتم تصويرها بإيجابية إلا إذا تحولوا إلى مصدر للشفقة. ولكن حتى هذه الصورة لم يعد من الممكن تسولها، لأن الإسرائيليين قد نجحوا في احتكار صورة الضحية المزمنة.
هــمـــس
يا طائر الأحلام
لا تبك في ساحة الوهم.
تلتقي الفراشات المهاجرة
في ميناء بلا مرسى.
يا وجه الضحكات،
يا صوت الفرح المغادر،
يغني في قلبي،
لا ترحل قبل أن تخبرني
عن طريقة أهديك فيها وداعي.
{{ article.visit_count }}
* أولاً: صورة الطفلة الفقيرة التي تتسلق ظهر كلب للوصول إلى أعلى حاوية القمامة للحصول على ما يساعدها على البقاء ولو لسويعات. فهي صورة موجعة مفجعة لما تختزله من معانٍ مؤلمة حول درجة البؤس الذي يبلغه الإنسان بسبب الفقر والحروب واللجوء، وتحول القمامة إلى مصدر للعيش، وتعاطف الكلب المحترم الذي تحمل رفعها على ظهره لتصل إلى الحاوية من أجل أن تجد لها وله ما يمكن أن يؤكل.
* ثانياً: صورة العربي المهاجر الذي يوصف بكونه إرهابياً قاسياً لا إنسانياً لمجرد أنه مهاجر بائس. فالأوصاف هنا مذمومة مدانة معممة عبر الصورة المفجوعة المنفلتة، يعاد إرسالها على أنها رمز البربرية والتوحش والتخلف معاً. في حين أن الصورة الأخرى المقابلة لكل ما هو عربي التي يعاد إرسالها كصور مشرقة، تتحدث عن الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية والمبادئ السامية.
* ثالثاً: صورة حصار الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح لخمسين ألف فلسطيني يعيشون في مدينة الخليل المحتلة، ومنعهم من التجول داخل أحياء مدينتهم، وفرض عزلة تامة عليهم حتى يتمكن 400 مستوطن إسرائيلي مدججين بالأسلحة أيضاً، القيام بأعمالهم اليومية والتجول في الشوارع بحرية تامة، من دون إزعاج، وهي صورة لم يشاهد العالم مثلها إلا في العصور البربرية القديمة.. فهذا القتل الذي يتعرض له الفلسطينيون تحت الاحتلال لا يمكن إلا أن يخلق هذا الإحساس بالظلم والقهر ويولد العنف بكافة أشكاله. وعندما تكون وطأة القوة المحتلة كبيرة وظالمة، وبلا أخلاق، يصبح العنف أيضاً بلا حدود وبلا أخلاق. والغريب أن الغرب بسياسييه وبإعلامه لا يعترف بأن هنالك خللاً لا بد من معالجته وبأن هنالك إشكالية وظلماً يسببان رد الفعل في هذا العالم البائس، ولكن ما نطالعه هو العكس: «الإسلام حضارة عنيفة والمسلمون هم أبرز خطر يواجه الغرب، والإسلام غير متلائم مع الحضارة الحديثة ولا يمكنه التعايش معها»، وقد كان السيد هنتنغتون قد خلص في كتابه الشهير عن صراع الحضارات إلى القول «إن المسلمين يشكلون عشرين في المائة فقط من سكان العالم متورطون في سبعين في المائة من النزاعات التي تدور على كوكبنا». ولكنه يتجاهل عمدا أن 99% من تلك النزاعات هي بسبب التدخل الأجنبي والحروب المفروضة على العرب والمسلمين.
قد يكون من السهل بناء الصورة بحسب أنظمة الإرسال الأيديولوجي والخداع والتعمية، بالنسبة لصورة العربي تحديداً. كما تم ترسيمها بعد إضافة المزيد من التشويهات النوعية ضمن خلاصة الصورة السلبية النمطية المقررة والتي نجح الإعلام المناوئ للعرب وللمسلمين في غرسها في الذاكرة الغربية. فصناع القرار والرأي العام هناك، قد يقبلون صورة العربي إذا ما تحول إلى مجرد متسول حقوق، لا يواجه الاحتلال. وبهذا المعنى، وبسبب ذلك، فإن قضايا العرب لا يتم تصويرها بإيجابية إلا إذا تحولوا إلى مصدر للشفقة. ولكن حتى هذه الصورة لم يعد من الممكن تسولها، لأن الإسرائيليين قد نجحوا في احتكار صورة الضحية المزمنة.
هــمـــس
يا طائر الأحلام
لا تبك في ساحة الوهم.
تلتقي الفراشات المهاجرة
في ميناء بلا مرسى.
يا وجه الضحكات،
يا صوت الفرح المغادر،
يغني في قلبي،
لا ترحل قبل أن تخبرني
عن طريقة أهديك فيها وداعي.