في ظل الأوضاع التي نواجهها، ووسط ترقب وتوجس وقلق، كانت البحرين محتاجة لأن تعيش «حالة فرح»، وكالعادة «صانع الفرح» الأكبر لدينا كالعادة، هو والد الجميع وقائدهم الملك حمد حفظه الله وسدد خطاه.

جلالة الملك الذي عرفناه بأبويته، وبحنانه وعطفه على أفراد شعبه، مثلما عرفناه قائداً حازماً قوياً في وجه الملمات، أسعد عشرات العوائل في البحرين بأن كتب لها «إعادة الشمل» مع أفراد لها، منحهم جلالته «العفو الكريم» وأمر بالإفراج عنهم لـ«دواع إنسانية».

تعودنا على «مكرمات العفو» التي تصدر عن قائد البلد، ملك الإنسانية حمد بن عيسى، ودائماً ما يترقبها الناس في مناسبات الأعياد، لكن هذه المرة صنع جلالة الملك «فرحة عيد مسبقة» لهذه العائلات حينما بشرهم بخروج أبنائهم، وهو ما انعكس فرحاً عليهم، وشهدناه بوضوح من خلال تصريحاتهم ومشاعرهم وشجونهم.

ولأفترض بأن عوائل أخرى لم تصل لنفس مستوى المشاعر الفياضة، لعدم وجود أفراد لها ينفذون أحكاماً قضائية صدرت بحقهم لمخالفات ارتكبوها ولله الحمد، لكن ما أؤمن به بأن الشعب البحريني بأطيافه المختلفة وتنوعاته الجميلة فرح وسعد بهذه المكرمة، فرح لأجل رؤية فرحة أشقاء وإخوان في هذا البلد، وفرح كذلك لرؤية إنسانية وحلم وأبوة جلالة الملك حمد تتجسد كالعادة على أرض البحرين.

حمد بن عيسى أنت إنسان رائع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولست أجامل جلالتك هنا، فأنت لا يزيدك المديح ولا ينقصك قدرك، لكن قولي هذا مبني على مشاهدات عديدة طوال هذه السنين، فمنذ توليك الحكم خلفاً لوالدك ووالدنا الراحل العظيم إلى يومنا هذا، وهذه المشاهدات تكشف لمن يتمعن فيها «خصلة» عظيمة حباك الله بها، وأنعم بها عليك، لتكون في المقابل «نعمة على شعبك».

جلالة الملك حمد، أثبتّ في مواقف عديدة، أنك قبل أن تكون ملكاً، وقبل أن تكون عسكرياً قوياً، وقبل أن تكون حاكماً بالقوانين واللوائح والأنظمة، قبل هذا كله، أنت «إنسان» وأنت «والد» وأنت «شخص حنون» على أبنائه وشعبه.

فقط لو أردت تعديد المواقف التي تجلت فيها «إنسانية ملكنا» فإنني سأعجز، ولا أبالغ هنا، إذ أجيبوني هنا بسرعة ودون الرجوع لأية مصادر أو أخبار سابقة: كم عفواً ملكياً صدر عن هذا الملك العظيم في إنسانيته؟! كم عدد الأشخاص الذين احتواهم «قلب حمد» وفتح لهم حضن الوطن من جديد، ودعاهم لحياة جديدة كمواطنين أنقياء مما أخطؤوا فيه؟!

الشاهد فيما أقول، أن العرف السائد لدى البشر يتمثل بتغليب مشاعر عديدة تسبق وتغلب على «الإنسانية» و«العفو» و«التسامح». عموم الأفراد في هذه الحياة قد «تصعب» عليهم عملية «الغفران» بحق أفراد أخطؤوا بحقهم، فالتسامح أمر صعب جداً، وقلة هم من يستخدمونه كمنهج وأسلوب لـ«إصلاح الآخرين». وعليه تخيلوا ملكاً هو رأس السلطات، هو من يملك القرار، هو من يملك القوة، ولكنه يضع التسامح والعفو والمحبة قبل كل شيء.

حمد بن عيسى رجل عفا عن كثيرين، حتى من أساؤوا للوطن، عفا عنهم في مرات عديدة، علهم يرجعون لرشدهم، وعلهم يدركون بأن حضن البحرين وصدر ملكها أرحب وأكبر من أي حضن آخر، بعضهم عاد لوعيه ورشده، وأحيت أصالة وشهامة ملكنا لديه الوطنية من جديد، فتحول لمواطن صالح قلبه على البحرين، وأما من قابل الإحسان بالتعنت، فكان الصدر له مفتوحاً، عبر فرص متوالية، حتى تصل لمرحلة يكون فيها رد الكرم بالإجحاف لؤماً، وهؤلاء هم من «أحرقت» إنسانية وتسامح عفو ملكنا كل «أوراقهم وأجنداتهم».

فرحة من التم شملهم، فرحة قد لا يدركها كثيرون، لكنني أجزم تماماً بأن جلالة الملك يدركها، فهو والد الجميع، وليس أغلى على الأب إلا عودة أبنائه إلى طريق الصلاح، وشكر الأهالي وشكر المشمولين بهذه المكرمة لجلالة الملك، ودموعهم وشجونهم ومشاعرهم وتقديرهم للبحرين وقائدها، هي المكاسب الأثيرة والغالية التي حققتها «إنسانية حمد بن عيسى».

فلله درك يا والد الجميع وملكهم، أنت أفرحتهم جميعاً، وفرحة جلالتك بفرحهم أجزم بألا سقف لها.

حفظ الله البحرين وشعبها بك وبإنسانيتك.