من الأسئلة التي ينبغي أن تطرح هذه الأيام بقوة وبصوت عالٍ ما الذي فعله أولئك الذين «زهزهوا» للمواطنين قبل عشر سنوات ووعدوهم بما هم غير متمكنين منه وأوردوهم الفوضى وجرحوا مستقبلهم ومستقبل عيالهم في الفترة منذ بدء تحكم فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد 19) في المشهد إلى اليوم؟ ما الذي قدموه لهم؟ غير الكلام طبعاً!

واقع الحال يقول إنهم لم يقدموا ولن يقدموا لهم أي شيء، ذلك أنهم يعتبرون مسؤولية مساعدة المواطنين ودعمهم فترة فيروس «كورونا» على وجه الخصوص حصراً على الحكومة، من باب أن هذا الأمر لا علاقة له بالسياسة التي هي «بحرهم»!

السؤال بقوة أكبر، ما الذي قدمه أولئك الذين طرحوا أنفسهم بديلاً وحملوا راية «حقوق الإنسان» للناس في البحرين منذ بدء أزمة فيروس «كورونا»؟ والجواب بقوة مساوية لقوة السؤال هو أنهم لم يقدموا لهم أي شيء، ولن يقدموا أي شيء، فالشيء الأساس هنا له علاقة بالمال ولا يمكن لهم تقديمه، لا لأنهم لا يمتلكونه ولكن لأنهم يعتبرون هذا الأمر خارج مسؤولياتهم وأن المعني بالأمر في كل الأحوال هي الحكومة، فالحكومة هي من عليها تقديم كل شيء، خصوصاً إن كان متعلقا بالمال!

حتى أولئك الذين تسببوا عليهم وصاروا خارج البحرين لم يمدوا إليهم أيديهم ولن يمدوها أياً كانت أحوالهم وكيفما صارت. ومع هذا يستمرون في طرح أنفسهم معينين وقادة!

الحديث هنا ليس عن المبادرات الفردية، فمن غير الممكن ألا يكون مثل هذا الأمر قد حصل، لكنه عن «العمل المنظم» الذي يتوقع الناس أنهم يقومون به في مثل هذا الظرف، على الأقل ليثبتوا أنهم يعملون لصالح الناس وأنهم لم يرفعوا شعارات مناصرتهم في تلك السنين اعتباطاً!

طبعاً ردهم على هذا لن يخرج عن دائرة توجيه الاتهامات والقول بأن المقال «يحرض على الكراهية»، لكنهم في كل الأحوال لن يصححوا من وضعهم وسيستمرون في رفع الشعارات الفارغة والقول، عبر وسائل التواصل والاتصال وخصوصاً الفضائيات السوسة، إن أي معاناة للناس في زمن فيروس «كورونا» هي مسؤولية الحكومة، والحكومة وحدها.

كان الأجدى هو أن يستغلوا ظروف تسيد فيروس «كورونا» المشهد فيصلحوا ما خربوه ويبحثوا عن طريق يتواصلون به مع الحكومة، فيثبتوا للناس بأنهم يريدون أن يعملوا مفيداً لهم، ويثبتوا للحكومة بأنهم يعملون لصالح المواطنين والوطن وأنه ليست لهم «مآرب أخرى».

لكن هذا لم يحصل، ولن يحصل، كما لن يحصل أيضاً أمر الاستفادة من شهر رمضان المبارك الذي توفر أجواؤه الروحانية الظروف التي تجعل الجميع متقبلاً للجميع، والغالب أنه سيمر شهر الخير ولن يتم استغلاله لرأب الصدع وتصحيح الأخطاء والبدء في مرحلة جديدة يثبتون خلالها أنهم إنما عملوا لمصلحة الناس وليس لمصالحهم الخاصة أو لخدمة آخرين.

أبواب الحكومة ظلت مشرعة ولم توصد، وهي لن توصد خصوصاً في شهر رمضان المبارك، والشطارة هي في ولوج هؤلاء منها إلى حيث يمكنهم تقديم مفيد للمواطنين يثبتون به أنهم إنما عملوا من أجلهم وأنهم مؤهلون لمثل هذا العمل.

ظروف فيروس «كورونا» ومناسبة شهر رمضان المبارك، كلها تسهل عملهم لو كانت غايتهم المواطن وكانوا يسعون إلى إغلاق ملف لم يأت منه إلا الأذى، فهل يستغلون هذه الظروف أم يعتبرون هذه الدعوة تحريضاً على الكراهية وينشغلون كما هي عادتهم بالتفكير السالب الذي لا يأتي منه خير؟

ما قدمته الحكومة للمواطنين في البحرين منذ بدء أزمة فيروس «كورونا» كثير بل أكثر من المتوقع، والأكيد أنه مقدر ومشكور من قبل الجميع، وفي هذا ما يكفي ليعيد أولئك حساباتهم وتفكيرهم.