أتاح لنا موسم «كورونا» التأمل في عمق الأشياء من حولنا، والبحث في تفاصيل حياتنا المختلفة، وكيف يمكننا التركيز على جوهر الأمور بدلاً من الالتفات لقشورها. وبينما أعمتنا الحياة المادية والاهتمام بمظهرنا الخارجي ليس على مستوى الشكل الجسدي وحسب، بل حتى على مستوى الإجابة عن سؤال «كيف ينظر الناس إلينا؟»، ولربما ثمة سؤال أعمق يبحث في نوايانا تجاه الأشياء، وإذا ما كنا نمارس بعض التصرفات أو نحدد اختياراتنا في الحياة بناءً على رغباتنا الحقيقية أو على ما يكمل صورتنا التي نريدها أمام الآخرين، وثمة فرق شاسع بين الاثنين، بين أن تقوم اختيارات حياتك على إرضاء نفسك وتطويرها والعناية بها، وبين أن تختار ما يعجب الناس في حياتك وإن كان على حساب نفسك في كثير من الأحيان.
كثير من القصص سمعناها وما زلنا نسمعها حول اختيارات كبرى في الحياة اتخذها أشخاص فقط لدرء كلام الناس عنهم في سياق معين، فرجل يبحث عن زوجة من طبقة معينة بينما قلبه متعلق بأخرى ولكنه لا يقرر الارتباط بها لأنها لا تتناسب مع مستواه، فيتجاهل ما تناديه روحه إليه ويستجيب لسؤال «ما عسى الناس تقول عني؟». فتاة تختار تخصصاً دراسياً لا يمثل رسالتها الروحية، وفي مجال مغاير تماماً لميولها فقط لإرضاء أهلها. طفل يقيد في ممارسة بهجة الطفولة، ويمنع من اللعب بأريحية وتوسيخ ملابسه إلى حين، لأن والدته ترى أن ذلك سينقص من شكلها أمام أهلها أو صديقاتها أو أهل زوجها لو رأوا الطفل بمستوى أناقة أقل مما يجب أن يكون «ولا غلطة» وكأن الطفل «مانيكان» للأم تزينه كيف تشاء.
من مميزات الظروف التي عشناها في «كورونا»، والتي ارتبطت بإغلاق صالونات الحلاقة النسائية، وكذلك الرجالية، ثم منع القياس في محلات الملابس بما يجعل ترتيب الملابس على الناس ليس بالمستوى المطلوب على الدوام. من مميزات إجازات التباعد الاجتماعي والعمل عن بعد، أنها منحتنا فرصة لمراجعة أنفسنا من الداخل، والغوص في أعماقنا لبحث حقيقتنا، رغباتنا الحقيقية النابعة من الروح، للتمييز بين ما نريده لأنفسنا وما نريد للآخرين وللتخلي عن كثير من البهرج والنفاق الاجتماعي الذي ألبسنا أنفسنا إياه حتى كدنا لا نعرفنا، وتحولنا إلى أشخاص آخرين تنكرها أرواحنا الحقيقية.
* اختلاج النبض:
منحنا موسم «كورونا» فرصة ذهبية للعودة إلى الداخل، ومراجعة حقيقتنا وغاياتنا الأصلية، دون التفات لمجتمع أو البحث فيما يجب علينا فعله لإرضاء الآخرين، ولعل تلك الخلاصة ستجعلنا أكثر تصالحاً مع أنفسنا لو استجبنا لما توصلنا إليه وأصغينا لصوت القلب ونداء الروح اللذين أخرسناهما لسنوات طوال من أعمارنا.
{{ article.visit_count }}
كثير من القصص سمعناها وما زلنا نسمعها حول اختيارات كبرى في الحياة اتخذها أشخاص فقط لدرء كلام الناس عنهم في سياق معين، فرجل يبحث عن زوجة من طبقة معينة بينما قلبه متعلق بأخرى ولكنه لا يقرر الارتباط بها لأنها لا تتناسب مع مستواه، فيتجاهل ما تناديه روحه إليه ويستجيب لسؤال «ما عسى الناس تقول عني؟». فتاة تختار تخصصاً دراسياً لا يمثل رسالتها الروحية، وفي مجال مغاير تماماً لميولها فقط لإرضاء أهلها. طفل يقيد في ممارسة بهجة الطفولة، ويمنع من اللعب بأريحية وتوسيخ ملابسه إلى حين، لأن والدته ترى أن ذلك سينقص من شكلها أمام أهلها أو صديقاتها أو أهل زوجها لو رأوا الطفل بمستوى أناقة أقل مما يجب أن يكون «ولا غلطة» وكأن الطفل «مانيكان» للأم تزينه كيف تشاء.
من مميزات الظروف التي عشناها في «كورونا»، والتي ارتبطت بإغلاق صالونات الحلاقة النسائية، وكذلك الرجالية، ثم منع القياس في محلات الملابس بما يجعل ترتيب الملابس على الناس ليس بالمستوى المطلوب على الدوام. من مميزات إجازات التباعد الاجتماعي والعمل عن بعد، أنها منحتنا فرصة لمراجعة أنفسنا من الداخل، والغوص في أعماقنا لبحث حقيقتنا، رغباتنا الحقيقية النابعة من الروح، للتمييز بين ما نريده لأنفسنا وما نريد للآخرين وللتخلي عن كثير من البهرج والنفاق الاجتماعي الذي ألبسنا أنفسنا إياه حتى كدنا لا نعرفنا، وتحولنا إلى أشخاص آخرين تنكرها أرواحنا الحقيقية.
* اختلاج النبض:
منحنا موسم «كورونا» فرصة ذهبية للعودة إلى الداخل، ومراجعة حقيقتنا وغاياتنا الأصلية، دون التفات لمجتمع أو البحث فيما يجب علينا فعله لإرضاء الآخرين، ولعل تلك الخلاصة ستجعلنا أكثر تصالحاً مع أنفسنا لو استجبنا لما توصلنا إليه وأصغينا لصوت القلب ونداء الروح اللذين أخرسناهما لسنوات طوال من أعمارنا.