بعكس كل دول العالم هذه الأيام، تقتل الحرب في ليبيا أكثر مما تقتل (كوفيد 19)، لكن فيروس كورونا رغم قلة عدد ضحاياه الليبيين مقارنة ببقية دول العالم هي في تقديرنا لها دور كمحرك للقتال الدائر هناك الآن.

فالمعارك التي حدثت في الأسبوعين الماضيين أتت بناء على تقديرات مطلعين على استشراف حركة فيروس كورونا، مما يعني أنه في حال انحساره ستتسع ساحات القتال ويكثر المشاركون الخارجيون بتدخلاتهم السياسية أو القتالية أو الإمداد بالأسلحة والذخيرة، فالغاية من هذه القصدية العالية في توقيت التصعيد، هو استباق لتفرغ أطراف خارجية لها طموح عريض في الأرض الليبية.

وكما تنتظر الذئاب ذوبان الجليد فتنزل للسهول من الجبال، تنتظر دول غربية عدة انحسار فيروس كورونا في بلدانها نفسها. ومخطئ من يعتقد أن ما يجري هو ضمن سكوت أوروبي مقصود، بل مجبرون على ذلك جراء تقييد الميزانيات العسكرية التي لا تحتمل العمليات الخارجية الكبرى. ويشيرملامح السلوك السياسي في الغرب إلى أنها حكومات تنتظر إشارة طبية بتعافيها لتعود لتحقيق أجندتها في ليبيا، فتعويض ما صرفه الأطباء على فيروس كورونا لن يحققه إلا ما سيكسبه العسكر من حقول نفطية.

رغم النزعة الفوضوية التي تطبع العمليات في ليبيا، لم ينتشر القتال أو فيروس كورونا على رقعة واسعة متصلة، ومرد ذلك كما يقول مختصون «عدم وجود مدينة حاكمة تستطيع أن تذكر أنه عند السيطرة عليها تكون قد احتللت الدولة أو قد حررتها» فغياب مدينة مركزية كان «من أهم أسباب فشل استمرار احتلال ليبيا على مدار تاريخها» كما قيل. فغياب مركز الثقل يعني غياب المعارك المفصلية في ليبيا، ويعني عدم وجود مركز نمو الوباء، ثم لينتشر منه.

ويسابق الليبيين على طرفي النزاع وباء فيروس كورونا، لإنجاز ما يرجح كفة مطالبهم على طاولة المفاوضات، ليس بتمني زوال فيروس كورونا، بل ربما تمني استمرار الوباء، فالسيناريو السوري ماثل أمام الليبيين وجاهز للتطبيق حال عودة تحرك النوازع الدولية الشريرة.

* بالعجمي الفصيح:

نكاد نجزم أن المحرك للقتال الجاري حالياً في ليبيا هو استباق تفرغ ذئاب دولية قيدت فيروس كورونا ميزانياتها الدفاعية ومنعتها من الانخراط في الشأن الليبي، فنهاية فيروس كورونا تعني زيادة عدد اللاعبين هناك.

* كاتب وأكاديمي كويتي