في صباح يوم 17 مارس 1901، الممطر، قام أمير حائل عبد العزيز بن رشيد رحمه الله بإرسال سرية من خيالته عدتهم الرماح والسيوف، وهجموا على جيش مبارك الصباح رحمه الله، لكن حرس المقدمة صدهم بإطلاق الأعيرة النارية من البنادق. حينها صاح بن رشيد: أنا أخو نورة، أكسروكم!! مستكثراً هزيمة شجاعة فرسان السيف والرمح أمام المتخندقين بالبنادق.
صحيح أن ابن رشيد كسب «معركة الصريف» تلك، لكنه خسر إمارته، لزوال تقاليد الحروب النبيلة التي تتمسك بالأخلاق والشجاعة، والبعد عن «العيب العسكري» بغض النظر عن النتيجة. فلماذا نعاني في الخليج من معضلة عدم تجاوز أمور اعتقدنا أنها من الثوابت فيما تحلل منها كل جوارنا الإقليمي؟!
ولأننا نستورد السلاح والتدريب والاتفاقيات الأمنية تم تكريس صورة ذهنية التزمنا بها فيما غيرنا في حل منها. وفيها يتم العمل العسكري بناء على القرارات الأممية، كتحريم أسلحة الدمار الشامل، والنابالم وغيرها كثير. لكن المدخل جاء من أساليب الحرب لا سلاحها، بالبعد الاستراتجي أو البعد التكتيكي. فكل شيء يتغير. فالدول «المحترمة عسكرياً» نحت نحو «القوة الناعمة» بدل «القوة الصلبة»؛ لخوض التحديات على البعد الاستراتيجي، وحين تململ صناع القرار من طول المدة خرجوا بمفهوم القوة الذكية بخلط الاثنين لتسريع الحسم. أما الدول «غير المحترمة عسكرياً»، فقامت بتشكيل «الجيوش الموازية». وحين تعجز هذه الهياكل عن تحقيق أهدافها تقوم نفس الدول بالتعامل مع الجماعات الإرهابية.
الوجه الجديد للمعايير الأخلاقية العسكرية هو ظهور الشركات الأمنية الخاصة، فأطقم مجموعة «فاجنر» Wagner الروسية يشنون العمليات الخاصة كقوة صفوة برية، وبعمليات جويه بالحوامات، لكن المميز قيامهم بتشغيل وإصلاح المعدات العسكرية، وهذا هو ما يجعلها مختلفة عن شركة بلاك وواتر الأمريكية، التي دفعتها دفاشة أطقمها إلى إعادة تقديم نفسها كأكاديمية محترمة Academi لكن بقيادة ضابط البحرية الأمريكي السابق إريك دين برنس نفسه.
* بالعجمي الفصيح:
ليس تخليا عن معاييرنا الأخلاقية العسكرية الخليجية أو الدولية، حين ننفذ طلعة جوية بمسيرة «Drone» بدل طيار شجاع لا يهاب الموت، ولأننا أصلاً نتعامل مع منتدبين للصيانة والتدريب ولم نره عيباً، فالعيب هو عدم ترقية جاهزيتنا بأساليب غير تقليدية، حين تكون أذرع التحديات الإقليمية جيوشا موازية وجماعات إرهابية وشركات أمنية خاصة!
* كاتب وأكاديمي كويتي
صحيح أن ابن رشيد كسب «معركة الصريف» تلك، لكنه خسر إمارته، لزوال تقاليد الحروب النبيلة التي تتمسك بالأخلاق والشجاعة، والبعد عن «العيب العسكري» بغض النظر عن النتيجة. فلماذا نعاني في الخليج من معضلة عدم تجاوز أمور اعتقدنا أنها من الثوابت فيما تحلل منها كل جوارنا الإقليمي؟!
ولأننا نستورد السلاح والتدريب والاتفاقيات الأمنية تم تكريس صورة ذهنية التزمنا بها فيما غيرنا في حل منها. وفيها يتم العمل العسكري بناء على القرارات الأممية، كتحريم أسلحة الدمار الشامل، والنابالم وغيرها كثير. لكن المدخل جاء من أساليب الحرب لا سلاحها، بالبعد الاستراتجي أو البعد التكتيكي. فكل شيء يتغير. فالدول «المحترمة عسكرياً» نحت نحو «القوة الناعمة» بدل «القوة الصلبة»؛ لخوض التحديات على البعد الاستراتيجي، وحين تململ صناع القرار من طول المدة خرجوا بمفهوم القوة الذكية بخلط الاثنين لتسريع الحسم. أما الدول «غير المحترمة عسكرياً»، فقامت بتشكيل «الجيوش الموازية». وحين تعجز هذه الهياكل عن تحقيق أهدافها تقوم نفس الدول بالتعامل مع الجماعات الإرهابية.
الوجه الجديد للمعايير الأخلاقية العسكرية هو ظهور الشركات الأمنية الخاصة، فأطقم مجموعة «فاجنر» Wagner الروسية يشنون العمليات الخاصة كقوة صفوة برية، وبعمليات جويه بالحوامات، لكن المميز قيامهم بتشغيل وإصلاح المعدات العسكرية، وهذا هو ما يجعلها مختلفة عن شركة بلاك وواتر الأمريكية، التي دفعتها دفاشة أطقمها إلى إعادة تقديم نفسها كأكاديمية محترمة Academi لكن بقيادة ضابط البحرية الأمريكي السابق إريك دين برنس نفسه.
* بالعجمي الفصيح:
ليس تخليا عن معاييرنا الأخلاقية العسكرية الخليجية أو الدولية، حين ننفذ طلعة جوية بمسيرة «Drone» بدل طيار شجاع لا يهاب الموت، ولأننا أصلاً نتعامل مع منتدبين للصيانة والتدريب ولم نره عيباً، فالعيب هو عدم ترقية جاهزيتنا بأساليب غير تقليدية، حين تكون أذرع التحديات الإقليمية جيوشا موازية وجماعات إرهابية وشركات أمنية خاصة!
* كاتب وأكاديمي كويتي