الاختلاف إزاء التطورات التي شهدتها الساحة العربية أخيراً أمر طبيعي، ذلك أنه من غير المعقول وغير المنطقي أن يوافق الجميع عليها كلها أو يرفضها كلها. غير الطبيعي هو التجاوز على الأعراف والعادات والتقاليد والأخلاق، حيث عمد البعض بغية التعويض عن ضعفه وقلة حيلته إلى السب والشتم العلني من دون تحفظ، وتوجيه الاتهامات جزافا، وهو أمر لا يمكن القبول به أيا كانت المبررات.أياً كان موقفك من تلك التطورات لا يحق لك التجاوز على الشخوص، وخصوصاً أولئك الذين تعلم جيداً وتقر، ويعلم ويقر معك العالم كله، أن لهم أيادي بيضاء ومواقف إيجابية كثيرة؛ فالتجاوز هنا يضعفك ويضعف موقفك ويجعل المختلف معك يرد عليك بسهولة فتبدو صغيرا مهلهلا.من الأمور اللافتة أيضاً أن البعض استهدف أشخاصاً معروفين في المجتمع، وعمد إلى مقارنة مواقف سابقة لهم بمواقفهم تجاه التطورات الأخيرة، بغية إبراز التناقض فيما بينها رغم أن حصول التغيير في المواقف أمر طبيعي، وخصوصا إن كان الأمر متعلقا بالسياسة، فالمرء قد يكون مؤيداً لقرار ما في فترة ما ثم تحدث أمور تؤدي إلى تغيير رأيه فيتحول إلى معارض لذلك القرار. ليس في هذا عيب، مثلما أنه ليس في المقارنة بين موقف الشخص قبل وبعد شطارة.مثال ذلك ما حصل أخيراً مع أكاديمي خليجي تعرض لهجوم مكثف من قبل كثيرين أخذوا عليه تغير موقفه من القضية الفلسطينية التي كان يدافع عنها طويلاً. لم يسأله أحد عن السبب ولا التفت أحد إلى الظروف التي جعلته يعدل من موقفه ورأيه، ما اضطره إلى تدبيج مقال يشرح فيه التفاصيل والخلفيات والظروف، ويؤكد رفضه للاتهامات التي وجهت إليه، ويبين أن الانحياز إلى رأي الوطن لا يعيب صاحب الرأي والموقف، وإن كان ذلك على حساب قناعاته.آخرون كثر نالهم أيضاً نصيب وافر من السب والشتم والاتهامات بسبب اختلاف آرائهم ومواقفهم.. وجرأتهم.