منذ بدء الخليقة هناك قوانين رتبت مجرى حياتنا، ونظمته. فهذه القوانين حددت الحقوق والواجبات وجعلتنا نعيش حياة مدنية متناسقة.وإذا سألت عاقلاً: هل تريد أن تعيش في دولة لا يوجد بها قانون؟ فسيجيبك: كيف أضمن حقي في دولة ينعدم فيها القانون؟!ومن وجهة نظري المتواضعة إن القوانين مفردة رديفة للأمن والأمان، اللذين يعدان ضمن الاحتياجات الرئيسية لحياة الإنسان.ولكن السؤال الجدلي هو: هل جميع القوانين صحيحة؟ وأعتقد أن الجواب النموذجي على هذا السؤال هو: إذا تعارض القانون مع مصلحة الشخص فسيتم تصنيفه على أنه قانون غير منصف، وإذا كان العكس فسيتم تصنيفه على أنه قانون عادل، وهذا هو المرجح في كثير من الأمور.والقوانين لا تختص بالدولة فقط؛ فالإنسان منذ أن يفتح عينيه على هذه الحياه يخضع لقوانين الأسرة، وبعدها قوانين المدرسة، وبعدها قانون العمل، ناهيك عن القوانين المنظمة للمجتمع، ولا أبالغ مطلقاً إذا ما قلت إن القانون هو محور رئيسي في الحياة.لم أقف في حياتي كثيراً لمجادلة القوانين، مع أنني بطبيعتي أميل إلى التحرر الفكريّ، فلقد ناقشت والدي كثيراً في القوانين الخاصة بالأسرة في بداية نشأتي، وها هم أبنائي يقومون بذات الشيء معي، وعندما كبرت وذهبت إلى المدرسة كنت ألتزم بعض القوانين مع عدم إيماني مطلقاً بها، ولا سيما ما كان يتعلق بلون الحذاء المدرسي، أو تطويل أظافر اليد، ولكني كنت ألتزم من مبدأ أنه «قانون» يسري على الجميع.وكبرت أكثر وحصلت على رخصة القيادة، وتسلمت كتيباً أزرق اللون يحتوي على عدد كبير من إرشادات المرور واستخدام الطريق، وطبقتها منذ اليوم الأول بحذافيرها، ولهذا لم أحتجّ قط على زيادة الغرامات على المخالفين للأنظمة المرورية لإيماني المطلق بأنه «قانون» يجب أن يلتزم به الجميع.وكبرت أكثر وأكثر ومنذ اليوم الأول لي في العمل، وقانون العمل سواء في القطاع الخاص أو القطاع الحكومي لا يفارقني، فهو المرجع لضمان حقوقي وواجباتي. إن القانون يحقق النظام وبالتالي تتحقق معه التنمية، ولو رجعنا بذاكرتنا لرأينا أن الدول أو الأماكن التي يغيب فيها القانون يخيم عليها عدم الأمان والغوغائية.* رأيي المتواضع:القانون فوق الجميع، فوق اقتناعك، وفوق أيديولوجيتك، وفوق انتمائك، وفوق تعصبك، فإذا ما وضع قانون وجب على «الجميع» الالتزام به وإلا تعرض للعقاب، هذه قاعدة واضحة لا لبس فيها.وعلى سبيل المثال لا الحصر إذا نص القانون مع الوضع الراهن بتفشي فيروس كورونا على منع جميع التجمعات، فإن القانون واضح لا تجمعات دينية ولا رياضية ولا اجتماعية تحت أي عذر يذكر!!القانون يجب أن يكون حازماً، والتراخي في تطبيق القانون يؤسس لجيل «متمرد»، جيل تنظمه أهواؤه وأيديولوجياته، وتبعياته، ويخلق جيلاً متراخياً في التقيد بالأنظمة وبالقوانين والإرشادات. كما أن عدم التقيد بإنفاذ العقوبات المترتبة على عدم الالتزام بالقوانين من شأنه أن يخلق جيلاً «يضرب بالقانون عرض الحائط».