قبل الدخول في موضوع مقالة اليوم، لا بد لي من أن أهنىء البحرين على إنجاز جديد حققته بتزكية النائب عادل العسومي رئيساً للبرلمان العربي، ما يعكس ما تحظى به مملكتنا الغالية من ثقة وإعجاب بقيادة حكيمة من جلالة الملك المفدى حفظه الله، وبما حققته من نقلة نوعية دفعها لتتبوأ قيادة العمل البرلماني العربي ورفع اسم مملكة البحرين إقليمياً ودولياً.

* تقرير الرقابة:

يقول المفكر والروائي السعودي، عبدالرحمن منيف «لا بد أن نعرف ما حصل كي نتجنب وقوع الأخطاء مرة أخرى، ومن الغباء أن يدفع الإنسان ثمن الخطأ الواحد مرتين».

تذكرت هذه المقولة وأنا أتابع، مثل جميع أفراد الشعب البحريني، ما حفلت به وسائل الإعلام المختلفة من سرد لما جاء به تقرير الرقابة المالية والإدارية السابع عشر، من تكرار المخالفات والتجاوزات على مدى سنوات، دون أن نلمس أي تحرك حقيقي يهدف لوقف هذا النزف لمقدراتنا، والتي تعاني أصلاً من محدودية الموارد.

في كل عام، ومع صدور التقرير تشتعل وسائل الإعلام المختلفة، تقليدية وحديثة، بتناول ما ورد من مخالفات تجاوزات، وكأن تأتي لزيادة «حرقة الدم» التي يعاني منها المواطن، لتتركه تائهاً يضرب «أخماساً في أسداسٍ»، يضاف لذلك خطابات نارية للكثيرين ممن يهددون ويتوعدون بالويل والثبور لكل من تثبت إدانته في مخالفة أو فساد.

تقرير الرقابة السابع عشر كشف، مثل سابقيه، عن مخالفات إدارية ومالية كبيرة تتعلق بالمال العام، لكن المخالفات تأتي هذه المرة في ظل جائحة كورونا (كوفيد19) التي يعاني منها العالم والبحرين، وما خلفته من أوضاع اقتصادية استثنائية، ما يعني أننا في حاجة ماسة إلى كل دينار لمعالجة آثار الأزمة وتحسين الوضع المعيشي للمواطن.

كما أن الظروف الحالية، وما حفل به التقرير من مخالفات إدارية يحتاج أيضاً إلى كل دقيقة عمل لابتكار وسائل وآليات تمنع تكرار هذا الكم من المخالفات، سواء بتحرك النيابة العامة في القضايا التي تشوبها شبهة فساد أو من خلال تحرك نيابي جاد لفرض رقابة أكثر على الجهات الحكومية التي تناولها التقرير، والأمر لا يحتاج إلى كثير من التدقيق والتمحيص، خصوصاً وأن التقرير في نسخته السابعة عشر قد كشف كل الحقائق بمهنية ونزاهة وشفافية عالية المستوى، وهو انعكاس لما تراكم من خبرة وحرفية لدى فريق العمل، برئاسة معالي الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة.

وأخيراً، لا بد لي من التذكير بأن ما ورد في التقرير ومهما كان مسماه، سواء أكان مخالفات أو تجاوزات أو حتى قضايا فساد، هو استنزاف لمقدرات الوطن، وهدر لثرواته وحقوق أبنائه، ما يعني أن الوقفة يجب أن تكون جادة وحازمة للضرب بيد من حديد ومواجهة كل مستهتر، وحتى لا يستغل البعض ذلك لمحاولة زرع الفوضى والتشكيك في مسيرتنا وما تحقق من إنجازات.