كثرت في الآونة الأخيرة الحسابات في «تويتر» التي تعمد إلى عمل مقارنة بين قولين للشخص الواحد - خصوصاً لو كان مسؤولاً - أحدهما قبل حين والآخر بعد ذلك بزمن قصير أو طويل، والغاية هي القول بأنه يناقض نفسه والدعوة إلى اتخاذ موقف سالب منه. مثال ذلك أن سيناً من المستهدفين نشر قبل حين تغريدة تتضمن دعوة صريحة لإبادة إسرائيل ثم عاد بعد حين ونشر تغريدة تناقضها أو يشم منها رائحة التراجع.

أصحاب هذه الحسابات يعتقدون أنهم بهذا يتمكنون من فضح المستهدف ببيان حجم التناقض في أقواله وأنهم بفعلهم هذا يكونون قد نجحوا في القول بأن هذا الشخص ليس موضع ثقة وأن الذي جعله يغير مواقفه وأقواله هو حصوله على المال، حيث المال يجعل الضعيف يميل عن الحق.

الأمر الذي لا ينتبه إليه أولئك هو أن التصريحات السياسية ينبغي أن تكون خارج محاكماتهم، والسبب هو أنه في عالم السياسة لا مكان للثابت لأن من طبيعتها التغير. هنا مثال. ذاك الذي كان ينشر تغريدات مؤيدة لسياسة أردوغان لا يمكنه أن يستمر في هذا الأمر بعد تبينه التغير في مواقف الرئيس التركي أو تبين غاياته وأهدافه من أقوال أو أفعال معينة وإلا يكون قد أساء إلى نفسه ووطنه ودينه. وهكذا الحال مع كل التطورات في الساحة التي يهتم بها المسؤول أو المغرد، فكلما تغيرت الظروف صار مهما تغير المواقف، وليس في هذا عيب بل على العكس حيث الاستمرار في بعض المواقف بعد تغير الظروف والمعطيات في الساحة وتبين الحقائق أمر يسيء إلى صاحب تلك التغريدات والتصريحات.

اليوم مثلاً لا يمكن - منطقاً - الدعوة إلى إبادة إسرائيل ورفع الشعارات السالبة ضد اليهود، فالمعطيات في الساحة اختلفت وهناك مشروع إنساني كبير يهدف إلى نشر السلام وجعله منطلقا لأمن واستقرار المنطقة وازدهارها، لذا من الطبيعي أن تتغير المواقف والأقوال.