وصول أي طرفين قررا في فترة ما التباعد لأي سبب إلى مرحلة التقارب والاتفاق على حل المشكلات الطارئة فيما بينهما معناه أن للطرفين مصالح تعطلت وتتعطل نتيجة ذلك وأن هناك متضررين، لذا من الطبيعي - كي يصلا إلى حل يرضي كل واحد منهما – أن يقدم كل طرف التنازلات التي تؤكد رغبته في إنهاء الخلاف وتجعل الآخر مرتاحاً للتنازلات التي يقدمها، عدا هذا لا يمكن أن تحصل مصالحة، وعداه لا يمكن للمصالحة أن تستمر، ولا خير في مصالحة هشة تنتهي سريعاً فتزيد المشكلة اتساعاً.

في السياق نفسه مهم التأكيد على أن المصالحة لا تعني تحقيق طرف الانتصار على الطرف الآخر، خصوصاً وأن الحديث هنا عن دول خليجية ظلت تعيش بنفس الدولة الواحدة وكانت حتى وقت قريب قاب قوسين أو أدنى من إعلان الوحدة فيما بينها. هذه الدول ليست فرقاً تتنافس على كأس الدوري كي يقال إن هذه فازت على تلك، فالمصالحة الخليجية فوز للجميع وليس فوزاً لطرف دون طرف، والخسارة ليست إلا لمن يريد السوء بدول مجلس التعاون وظل مستفيداً من الحال التي صارت فيها في السنوات الأخيرة.

مهم هنا، وقد تحقق ما سعت إليه دولة الكويت طويلا وظل شغلها الشاغل أن تتخذ دول مجلس التعاون موقفاً موحداً ورافضاً للتغريدات والتعليقات السالبة التي بدأت في الانتشار منذ اللحظة التي توفرت فيها التصريحات الإيجابية والقرارات المهمة للمسؤولين الخليجيين والتي تم بها التمهيد للقمة، فالأمر خارج إطار الغالب والمغلوب، وخارج إطار الفائز والمهزوم، فالجميع مستفيد من الحكمة التي سيطرت، وهي ديدن قادة دول مجلس التعاون، والجميع فيما تحقق فائز.

ليست دعوة لتكميم الأفواه ومنع المواطنين الخليجيين من التعبير عن آرائهم ومواقفهم وقناعاتهم وانتماءاتهم وبيان حجم حبهم لأوطانهم وتقديرهم لمواقف حكامهم، لكن أيضاً ليس مقبولاً الاستمرار في ترك ساحة وسائل التواصل الاجتماعي مفتوحة لتهدد الإنجاز الخليجي العظيم.