انتهيت مؤخراً من مطالعة مقالة تحليلية مطولة بعنوان «عندما يتحول القوميون إلى دعاة القطرية: محمد جابر الأنصاري نموذجاً»، حيث صنف كاتب المقال الأنصاري ضمن «دعاة القطرية»، متهما إياه: «تبرير دولة التجزئة العربية»، التي يعتبرها الأنصاري: «خطوة تاريخية لا بد منها لتحقيق الوحدة القومية التي لن تكون غير حاصل جمع هذه الوحدات الوطنية»... في حين يعتبرها كاتب المقال: «برنامجاً لاستنهاض دولة التجزئة العربية»..!
هذا باختصار جوهر المقال، من دون الحاجة إلى الاسترسال في عرض الاتهامات غير المنصفة لجهد الأنصاري الفكري. وقد دفعني هذا المقال إلى العودة إلى مشروع الأنصاري الفكري، باحثا فيه عن موضوع القومية العربية، فوجدته مبثوثاً في جل كتاباته ومقالاته، ويمكن على الأقل التوقف عند كتاب الأنصاري الأكثر ارتباطاً بالموضع وهو:»مراجعات في الفكر القومي»، الصادر في العام 2004 عن مجلة الفكر العربي، الذي لخص فيه مراجعاته على النحو التالي:
- تعزيز ثوابت الدولة الوطنية العربية، باعتبارها اللبنة الأساسية لأي وحدة قومية.
- تأسيس مجتمع مدني عربي ديمقراطي في كل دولة، بما يناسب أوضاعها.
- التدرج في بناء الوحدة العربية، بدءا بالوحدة الجغرافية الطبيعية الإقليمية، على غرار تجربة مجلس التعاون الخليجي.
- تطوير الفكر القومي العربي ومراجعته ليستوعب المفاهيم الديمقراطية والتعددية السياسية والفكرية، ونبذ الأيديولوجيات الشمولية.
كما وجدت في مقالة أخرى للأنصاري نشرت في عام 2006 بعنوان: «العروبة بين نهاية وبداية.. الخندق الأخير معركة الثقافة»، ما يعزز نفس التوجه، بما يؤكد أن الأنصاري لم ينكص عن الثوابت، وإنما حاول، أن يقدم مراجعة واقعية، مقترحاً سبيلاً لتحقيق الوحدة عبر الثقافة: «اللغة كثقافة ووجدان حي ترسخت كوجود بشري لا يمكن اعتباره منتهياً بانتهاء فصل من كتاب السياسة العربية»، داعياً إلى: «عروبة ديمقراطية ذات مشروع حضاري... تعددية تأتلف في ظلها مختلف العناصر». ولذلك، أرى –رغم تفهمي لحالة الإحباط والغضب من انتشار ثقافة النكوص عن الثوابت– أنه من التجني على الأنصاري، ومشروعه الفكري، أن يتهم بأنه «يدعو إلى تكريس القطرية كأفق نهائي». حيث لا يجب أن يغيب عن أذهاننا مجموع الكوارث التي حلت بالوطن العربي، بسبب الافتقاد لمقومات القوة الوازنة، في هذا العصر القائم على قوة المعرفة والاقتصاد، والفكر الحر.
هذا تقريبا ما يقوله الأنصاري، وهو عكس التبرؤ من العروبة أو النكوص عن ثوابتها، بل يؤكد أن: «الأوطان العربية غير مؤمنة، تتنازعها القبلية والطائفية والمناطقية، بما يجعل مجرد تأمين وحدتها الداخلية خطوة في سبيل وحدة الوطن الأكبر، و»من يعجز عن بناء وطنه الصغير غير مؤهل لبناء وطنه الكبير». ولكنه في ذات الوقت يعتبر: الانغلاق على القطرية انتحاراً، لأن القطرية، بمعايير عالم اليوم وحدات صغيرة وهزيلة لا يمكنها أن تعيش.. وللحديث صلة..
{{ article.visit_count }}
هذا باختصار جوهر المقال، من دون الحاجة إلى الاسترسال في عرض الاتهامات غير المنصفة لجهد الأنصاري الفكري. وقد دفعني هذا المقال إلى العودة إلى مشروع الأنصاري الفكري، باحثا فيه عن موضوع القومية العربية، فوجدته مبثوثاً في جل كتاباته ومقالاته، ويمكن على الأقل التوقف عند كتاب الأنصاري الأكثر ارتباطاً بالموضع وهو:»مراجعات في الفكر القومي»، الصادر في العام 2004 عن مجلة الفكر العربي، الذي لخص فيه مراجعاته على النحو التالي:
- تعزيز ثوابت الدولة الوطنية العربية، باعتبارها اللبنة الأساسية لأي وحدة قومية.
- تأسيس مجتمع مدني عربي ديمقراطي في كل دولة، بما يناسب أوضاعها.
- التدرج في بناء الوحدة العربية، بدءا بالوحدة الجغرافية الطبيعية الإقليمية، على غرار تجربة مجلس التعاون الخليجي.
- تطوير الفكر القومي العربي ومراجعته ليستوعب المفاهيم الديمقراطية والتعددية السياسية والفكرية، ونبذ الأيديولوجيات الشمولية.
كما وجدت في مقالة أخرى للأنصاري نشرت في عام 2006 بعنوان: «العروبة بين نهاية وبداية.. الخندق الأخير معركة الثقافة»، ما يعزز نفس التوجه، بما يؤكد أن الأنصاري لم ينكص عن الثوابت، وإنما حاول، أن يقدم مراجعة واقعية، مقترحاً سبيلاً لتحقيق الوحدة عبر الثقافة: «اللغة كثقافة ووجدان حي ترسخت كوجود بشري لا يمكن اعتباره منتهياً بانتهاء فصل من كتاب السياسة العربية»، داعياً إلى: «عروبة ديمقراطية ذات مشروع حضاري... تعددية تأتلف في ظلها مختلف العناصر». ولذلك، أرى –رغم تفهمي لحالة الإحباط والغضب من انتشار ثقافة النكوص عن الثوابت– أنه من التجني على الأنصاري، ومشروعه الفكري، أن يتهم بأنه «يدعو إلى تكريس القطرية كأفق نهائي». حيث لا يجب أن يغيب عن أذهاننا مجموع الكوارث التي حلت بالوطن العربي، بسبب الافتقاد لمقومات القوة الوازنة، في هذا العصر القائم على قوة المعرفة والاقتصاد، والفكر الحر.
هذا تقريبا ما يقوله الأنصاري، وهو عكس التبرؤ من العروبة أو النكوص عن ثوابتها، بل يؤكد أن: «الأوطان العربية غير مؤمنة، تتنازعها القبلية والطائفية والمناطقية، بما يجعل مجرد تأمين وحدتها الداخلية خطوة في سبيل وحدة الوطن الأكبر، و»من يعجز عن بناء وطنه الصغير غير مؤهل لبناء وطنه الكبير». ولكنه في ذات الوقت يعتبر: الانغلاق على القطرية انتحاراً، لأن القطرية، بمعايير عالم اليوم وحدات صغيرة وهزيلة لا يمكنها أن تعيش.. وللحديث صلة..